دمج "ساب" والبنك "الأول": ثالث أكبر كيان مصرفي في السعودية

13.06.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
عاصم البعيني

يمثل الإتفاق الأولي لاندماج بنكي "ساب" و"البنك الاول" أول حالة اندماج مصرفي في السعودية منذ العام 1999، لذلك فإن الصفقة - التي يحتاج تنفيذها إلى موافقات السلطة النقدية ومساهمي المَصرفَيِن - اعتبر حدثاً ومؤشراً مهماً على تطور السوق المصرفية السعودية، ولاسيما لجهة تركيز الملكيات والعمليات وبالتالي زيادة عائد التشغيل وترقية الخدمات المقدمة للعملاء. وإذا كانت خطوة الاندماج ستنتج ثالث أكبر كيان مصرفي من حيث حقوق المساهمين، الموجودات، الأرباح، بما يمهد لإعادة توزيع خريطة القوى، فإنها حملت أيضاً رسالة مهمة تمثلت في تأكيد مجموعة HSBC على ثقتها بالسوق ووجود فرص نمو مستقبلية، هذا بالإضافة إلى تزامنها مع إطلاق برنامج تطوير القطاع المالي 2020، كإحدى ركائز رؤية 2030.

 

بموجب الصيغة الأولية للإتفاق سيحصل مساهمو "البنك الأول" على 0.485 سهم في بنك "ساب" مقابل كل سهم يملكونه في "البنك الأول" ويوازي ذلك تقييماً إجمالياً لأسهم "البنك الأول" بنحو 18.6 مليار ريال، أي بعلاوة قدرها نحو 28.5 في المئة على السعر الذي أغلق عليه السهم في آخر جلسة تداول سبقت الإعلان عن الإتفاق.

 

في المؤشرات الرئيسية 

من المتوقع أن يوفر الإندماج فرصاً مهمة للنمو أمام الكيان الجديد كما أشار تحليل لدائرة دراسات الأسهم في بنك جي بي مورغان لنموذج عمل المصرفين، الذي اعتبر أنهما يتمتعان بسمات مشتركة في بند الإيرادات مثل غلبة قطاع الشركات (نحو 45 في المئة)  وأهمية قطاع التجزئة والعمليات المصرفية الخاصّة (40 في المئة تقريباً) بينما تتركز النسبة الباقية في عمليات الخزينة والخدمات الأخرى.        

ومن شأن إتمام الصفقة، أن ينتج عنها ولادة ثالث أكبر كيان مصرفي في السعودية في معظم المؤشرات الرئيسية وفقاً للتحليل الذي أعدّته "الاقتصاد والأعمال"، استناداً إلى النتائج المالية كما في نهاية العام الماضي، إذ يأتي الكيان الجديد في المرتبة الثالثة من حيث قيمة الموجودات بنحو 287.48 مليار ريال، وكذلك من حيث حقوق المساهمين بنحو 47.070 مليار ريال، فيما تبلغ الأرباح المجمّعة نحو 5.290 مليارات ريال متفوقاً بشكل طفيف على مجموعة سامبا المالية وإجمالي صافي الدخل نحو 5.291 مليارات ريال. في المقابل، سيصبح الكيان الجديد في المرتبة الثالثة خليجياً من حيث رأس المال بنحو 26.43 مليار ريال، وذلك بعد بنك الرياض، والبنك الأهلي التجاري (الذي رفع رأس ماله مؤخراً من 20 إلى 30 مليار ريال).

 

القراءة الأولية والنتائج

تنطوي الصفقة على جملة من المعطيات المهمة التي من شأنها أن تترك تغييراً مهماً على القطاع المصرفي السعودي، يمكن إيجازها بالآتي:

-                     تكامل التوجهات الائتمانية: يوفر الاندماج تكاملاً مهماً في محفظة القروض لدى المصرفين، إذ إن تلك العائدة لـ "ساب" متركزة إلى حد كبير في القطاع المالي، العقود الحكومية والتعدين في حين يتركز الائتمان لدى البنك "الأول" بصورة أكبر في قطاع البناء والتشييد بالإضافة إلى قروض الأفراد، ومن المتوقع أن يوفر الاندماج فرصاً مهمة للنمو أمام الكيان الجديد.

-                     تكاليف التشغيل: يتوقع أن يؤدي الدمج إلى خفض تكاليف التشغيل نتيجة لإعادة توزيع شبكة الفروع وإغلاق بعضها، لكن لوحظ تأكيد الإعلان المشترك من المصرفين على التزامهما عدم اللجوء إلى "تسريح إلزامي للموظفين" لكن هذا التعهد لا يلغي إمكان إنهاء خدمات البعض بالتراضي مقابل تعويضات وحوافز معينة، كما إن الطريق متاح لوقف التوظيف في البنك المدمج والاستيعاب التدريجي لرصيد العمالة الفائض عبر عمليات التوسع اللاحقة أو التناقص الطبيعي.

-                     استناداً إلى المحور السابق، توقع تقرير "جي بي مورغان" أن يضيف أي خفض محتمل بنسبة 5 في المئة في تكاليف العمليات المشتركة، نحو 0.35 في المئة على نسبة العائد على حقوق المساهمين المجمعة والبالغ 10.4 في المئة، على أن يضيف أي خفض بنسبة 5 في المئة في التكاليف المجمعة للتمويل، نحو 0.19 في المئة إلى العائد على حقوق المساهمين.     

-                     في الوقت الذي يبدو من المبكر الحديث عن التوجهات التشغيلية للمؤسسة الوليدة، بانتظار الخطوات المتبعة في حالات مماثلة كالحصول على الموافقات النهائية من الجهات الرقابية، موافقة الجمعية العمومية في المصرفين، انتخاب مجلس إدارة جديد وتعيين إدارة تنفيذية، غير إن رئيس مجلس إدارة البنك الأول مبارك الخفرة رسم أولى معالم الخطط التشغيلية بالقول:" إن الكيان المصرفي الجديد سيرسم استراتيجيات واضحة وخططاً طويلة وقصيرة الأمد، مع العمل على طرح منتجات متنوعة تتناسب مع متطلبات رؤية 2030". وأضاف:" سيركز المجلس المقبل على تنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ورعاية الاستثمارات الضخمة التي تشهدها المملكة".                  

-                     حملت خطوة "ساب" بعداً مهماً في تأكيد مجموعة HSBC على ثقتها بأسواق المنطقة بشكل عام، وتوجهها لتعزيز حضورها في السوق السعودية، ما يؤكد وجود مؤشرات مهمة لدى المجموعة على وجود فرص للنمو والتوسع، ولاسيما في ظل التوجهات الاقتصادية العامة. 

-                     بحسب تقرير "جي بي مورغان"، فإن المساهمين المشتركين في كل من "ساب" والأول"، واستناداً إلى اتفاق مبادلة الأسهم، ستكون موزعة على الشكل التالي: نسبة  29.2 في المئة لمجموعة HSBC، 10.8 في المئة لـ "رويال بنك أوف سكوتلاند" (RBS)، مجموعة العليان 18.2 في المئة، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنسبة 9.9 في المئة.

-                     رسم الدمج ملامح جديدة للقطاع المصرفي وتوزيع القوى فيها، فبعد أن كان ترتيب بنك "ساب" يتراوح بين المرتبتين السادسة في حقوق المساهمين والسابعة في الموجودات، أصبح الكيان الجديد أقرب من حيث الحجم إلى المجموعة التي تضم مجموعة سامبا المالية، بنك الرياض، مقلصاً في الوقت نفسه الفجوة التي تفصله عن "الأهلي التجاري" و"الراجحي".     

-                     تعزز ولادة الكيان الجديد ارتفاع حدة المنافسة التي دخل عليها عامل مؤثر آخر تمثّل في انضمام مصارف خليجية عدة إلى السوق. ويقود الحديث عن ارتفاع حدة المنافسة إلى التساؤل عن مدى إمكانية تكرار خيار الدمج بين مجموعة المصارف الأقل حجماً، بما يعزز كفاءتها التشغيلية وقدرتها على التعامل مع ارتفاع المخاطر التشغيلية وما ينتج عنها من تكاليف إضافية، مع الإشارة إلى أن وتيرة الاندماج في السوق السعودية بقيت بطيئة في السنوات الماضية، إذ يعود تاريخ آخر توجه من هذا النوع، إلى العام 1999، عندما استحوذت مجموعة سامبا المالية العاملة تحت البنك السعودي الأميركي على البنك السعودي المتحد.