الرياض- خطار زيدان
احتفل المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (باديا) بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيسه في فندق فيرمونت في العاصمة السعودية الرياض تحت شعار ”خمسون عاماً من العطاء”. وشكل هذا الاحتفال فرصةً لإبراز إنجازات المصرف واسهاماته في تعزيز التعاون العربي الأفريقي، ودوره في دعم خطط التنمية المستدامة في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء على مدى نصف قرن من مسيرة عطاء وتعاون وشراكة.
وشارك في الاحتفال بهذه المناسبة عدد من القادة والمسؤولين والدبلوماسيين ونخبة من كبار الاقتصاديين، وممثلي مؤسسات التمويل التنموي الإقليمية والدولية، من الجانب العربي والافريقي، إضافة إلى عدد من قادة الرأي وممثلي وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم.
وتم خلال الحفل استعراض مجمل الأنشطة الحيوية التي يقدمها "باديا"، والتي تشمل المساهمة في تمويل ودعم مشاريع التنمية الاقتصادية في الدول الإفريقية، من خلال تقديم قروض ميسرة وخطوط ائتمان، إضافة إلى تقديم المعونة الفنية اللازمة للدول الإفريقية، لبناء قدراتها وتعزيز كفاءتها في مجالات التنمية المختلفة. ومواصلته في تعزيز التعاون العربي الأفريقي، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة للقارة.
كما تم خلال الحفل تكريم المصرف لشركائه وضيوفه البارزين الذين ساهموا في نجاح مسيرته الحافلة بالإنجازات على مدى الخمسين عاماً تقديراً لمساهمتهم وجهودهم في تعزيز مكانة المصرف ودوره الرئيسي في دعم التنمية في أفريقيا.
د. فهد الدوسري: "الاستثمار في الإنسان"
رئيس مجلس إدارة المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا د. فهد الدوسري قال في كلمة له خلال الحفل أن المصرف عمل على تحقيق رؤيته بالاستثمار في الإنسان من خلال برامج ومشاريع تنموية تراعي حاجة الدول ومستقبلها التنموي والاقتصادي، مدفوعة بطموح قادة الدول المانحة والمستفيدة. وأشار الدوسري إلى أن رأسمال المصرف المصرح به والمدفوع ارتفع من 4.2 مليارات دولار أميركي في شهر أبريل من العام 2022 إلى 20 مليار دولار، كما أصدر المصرف مؤخراً وبنجاح برنامج سندات مجتمعية يتضمن أوراق مالية متوسطة الأجل مُقيّمة باليورو ومدرجة في بورصة لندن. وقد وافق المصرف حتى اليوم على ما مجموعه 13 مليار يورو كالتزام للدول المستفيدة.
ويولي "باديا" أهمية كبرى لشراكاته وحملات التمويل المشترك مع مؤسسات التمويل الأخرى، خصوصاً أعضاء مجموعة التنسيق العربية، وبنك التنمية الأفريقي، ومجموعة البنك الدولي. وقد مكّن هذا التعاون البنك في الاستفادة من الموارد لتمويل العمليات عالية التكلفة التي تطلبها الدول المستفيدة، خصوصاً في مجالات البنية التحتية، المشاريع الزراعية، وتمويل التجارة. وإضافة إلى تمويل المشاريع الرئيسية، يركز "باديا" أيضاً على الشراكات في تطوير وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأكد الدوسري أن استراتيجية المصرف 2030 تهدف إلى تعزيز تواجده، مع التركيز على الابتكار، والاستدامة، والنمو الشامل، لدعم تطلعات التنمية في دول أفريقيا.
وتحدث في المناسبة أيضاً عميد السلك الدبلوماسي في المملكة، سفير جمهورية جيبوتي ضياءالدين بامخرما نيابة عن سفراء الدول العربية والأفريقية معتبراً أن "باديا" يشكل صرحاً من صروح العطاء والتآخي والتضامن بين الدول العربية والأفريقية، التي لديها مصير مشترك، حيث أن 10 من أصل 22 دولة عضو في جامعة الدول العربية هي دول أفريقية، بعدد سكان يبلغ نحو 300 مليون نسمة.
بدوره أكد رئيس بنك التنمية الأفريقي د. أكينومي أديسينا على أهمية التعاون والشراكة مع "باديا" وأهمية الاستثمار في أفريقيا والتي تتميز بقدرات بشرية هائلة، ومن تركيبة سكانية فتية، إضافة إلى كونها مصدراً لأكبر مصادر الطاقة المتجددة في العالم، كما أن 60 في المئة من أراضيها الصالحة للزراعة غير مستغل، وتتمتع بنظام التجارة الحرة الذي يشمل 54 بلداً، ويقدر حجم أسواقها بـ 33.4 تريليونات دولار.
تكريم الشركاء
وتم خلال الحفل تكريم الشخصيات التي أسهمت في انجاح مسيرة المصرف، وسلم الدروع التكريمية إلى المكرمين د. فهد الدوسري إلى جانب رئيس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا د. سيدي ولد التاه، وتسلم المهندس يوسف البسام الدرع التكريمي، تقديراً لاسهاماته النوعية في دعم التنمية في الدول الأفريقية من خلال منصبه كرئيس مجلس إدارة "باديا" ما بين عامي 2008 و 2020. وأيضاً تسلم سلامي زول كيفل، درعاً تكريمياً، لمسؤوليته عن تنفيذ أول مشروع وافق عليه المصرف في جمهورية بنين، والذي كان له دور كبير في دعم البنية التحتية الاقتصادية للبلد، ونقطة انطلاق للعديد من المشاريع الناجحة.
وكرم المصرف شركائه من مؤسسات التمويل الدولية، تقديراً لجهودهم في تحقيق النجاحات وتسريع عجلة التنمية الاقتصادية في أفريقيا، وعلى رأسهم مجموعة التنسيق العربية، التي ساهمت بمبادرة من 50 مليار دولار، للتنمية في أفريقيا، وتعزيز البنى التحتية، ومبادرة بعشرة مليارات دولار، لمجابهة تحديات الأمن الغذائي، كما أطلقت المجموعة مبادرة المناخ بـ 25 مليار دولار لدعم جهود التحول للطاقة المستدامة، وتقليل الانبعاثات الكربونية،
كما كرم المصرف مجموعة بنك التنمية الأفريقي، وايضاً شركائه من المؤسسات العربية والأفريقية التي ساهمت في تعزيز القطاع الخاص والتجارة في أفريقيا.
يُذكر أن المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا تأسس في نوفمبر من العام 1973، برأسمال 231 مليون دولار، وبدأ أنشطته في العام 1975، كمؤسسة مالية دولية مملوكة لـ 18 دولة عربية، تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية في إفريقيا. ويُغطي المصرف نطاق عملياته المتنوعة في 44 دولة إفريقية إضافة إلى تشجيعه لمشاركة رؤوس الأموال العربية في تنمية إفريقيا من خلال دعم التبادل التجاري والاستثمار.
ويتخذ المصرف من الرياض مقراً رئيساً له منذ العام 2023 بعد انتقاله من الخرطوم، علماً أن المملكة العربية السعودية تُعد أكبر مساهم في رأس مال المصرف، وتعمل جاهدة على تعزيز مسيرة النجاح وتأثير المصرف على الصعيدين العربي والأفريقي.
