"كورونا" توطن السياحة السعودية

30.06.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بقلم: محمد المختار الفال

 

قررت السعودية العودة إلى الحياة الطبيعية، بعد توقف دام أربعة أشهر بسبب "كرونا"، في إطار إجراءات واحترازات وقائية، من أبرز ملامحها إشراك الناس في حماية أنفسهم وتقليل وسائل انتقال العدوى، مع نشر المعلومات والمساعدة على الحصول عليها بسهولة، خاصة أن الأشهر الأربعة الأولى أكسبت الأجهزة الصحية، وشركائها المحليين والدوليين، القدر المعقول من القواعد الصحية التي يمكن أن تبنى عليها "بروتوكولات" في هذا الأمر.
وكان مفهوما للجميع أن العودة إلى الحياة الطبيعية، بالإحتياطاعت المطلوبة، هو قرار " اقتصادي" بالدرجة الأولى إلى جانب الإطمئنان إلى أن الترتيبات المتخذة في المنظومة الصحية قادرة على التعامل مع مستجدات الوباء في ظل تفهم الناس لما يتطلبه الأمر، قياسا إلى تجربة الفترة الماضية، وقد وضعت المنظومة الصحية من البنى التحتية ما يمكنها من الإستجابة الفورية لأي متغير جديد. 
والسياحة، بكل قطاعاتها، من مواسم وأسواق ومهرجانات وفندقة وترفيه ومطاعم، من أكثر القطاعات الإقتصادية والاجتماعية المتأثرة بجائحة " كرونا" التي اجتاحت العالم وعزلت المجتمعات وأغلقت الحدود وأوقفت حركة السفر بين الدول وعطلت حركة التنقلات داخلا الدولة الواحدة بل داخل المدينة الواحدة وعزلت الأحياء السكنية، وقيدت الحركة إلا في ساعات محدودة من اليوم والليلة في فترات مختلفة. وتفاوت هذا التأثر، بحسب طول المدة وطبيعة الإجراءات الإحترازية المتخذة في كل بلد. وكانت السعودية في مقدمة الدول التي جعلت حماية حياة الإنسان والحفاظ على صحته من أولويات خططها وانعكس ذلك على إجراءاتها الصحية والخطوات المتخذة لمساعدة الناس على التعايش مع الجائحة دون قلق أو اضطراب، وكانت تدرك أن حماية صحة الإنسان وحياته مرتبطة بوضعه الاقتصادي المؤثر في معيشته وحياته اليومية، وقد راعت قرارات تحفيز النشاط الاقتصادي ظروف قطاع السياحة والترفيه وحجم تأثره بالجائحة والقدر المطلوب لحمايته من الانهيار، خاصة أنه قطاع حديث، نسبيا، وجاذب للقوى العاملة الوطنية، وحظيت المؤسسات والمنشآت العاملة في هذا القطاع بدعم ملحوظ حتى تحتفظ بكوادرها من السعوديين، وتحمل 60 في المئة من رواتب السعوديين للأشهر الثلاثة الأولى وساعد ذلك  المنشآت السياحية لمقاومة الصدمة الأولى وإعطائها الفرصة لقراءة الواقع والتعامل معه، وحين تبين أن تأثير الجائحة قد تمتد آثاره القريبة والمتوسطة ولا يعرف متى نهايتها كان على هذا  القطاع إعادة النظر في برامجه وتفاعله مع الواقع ليتمكن من تقليل الخسائر وتطوير العمل وآلياته وفق الحاجة والظروف. وكان التفاعل على المستويين الرسمي والأهلي في اتجاهين: المستوى الرسمي قامت وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة بوضع الأنظمة والإرشادات والآليات المساعدة على تكيف مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص والعاملين فيها مع الشروط والإحترازات التي وضعتها الجهات الصحية، وأصدرت دليل الصيف الشامل" تنفس" وبنت "المنصة الوطنية للرصد السياحي"، وهي منصة إلكترونية ترصد أداء منشآت الإيواء والحركة السياحية والإحصاءات المتعلقة بالسياحة، مع العمل على إيجاد سوق جاذبة للاستثمار، وتشجيع سياحة الأماكن المفتوحة: الجبال والصحاري، وتعريف السعوديين بما في بلدهم من تنوع سياحي يغنيهم عن مخاطر السفر وقيوده في الظروف التي عمت العالم. وعلى المستوى الأهلي اتخذت المنشآت السياحية، في قطاعات الفنادق والإسكان والمطاعم والترفيه الإجراءات الوقائية من تخفيض الطاقة الإستيعابية وتوسيع استخدام التقنية في التسجيل والإجراءات الإدارية والمالية، وفرض شروط " التباعد الاجتماعي". ولا تتوفر إحصاءات دقيقة عن الذين قرروا البقاء هذا الصيف في وطنهم لكن يمكن أن يقال، بشيء من الثقة، ان الغالبية لن تذهب إلى المطارات صيف هذا العام، وقد يكون لهذا القرار اثره على مستقبل السياحة السعودية في مقبل الأعوام.