كلمات حق في
الشيخ صالح كامل

12.06.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بقلم: عبد الرحيم حمدي 

عرفت الشيخ صالح كامل – عليه رحمة الله ورضوانه – عام 1976 عندما جاءنا في السودان مع سمو الأمير محمد الفيصل آل سعود – رحمه الله – مؤسس مجموعة الفيصل المصرفية، كان الشيخ صالح رئيساً للجنة إنشاء بنك فيصل وتشرفت بسكرتارية

تلك اللجنة. وجمعتنا بعد ذلك عدة اجتماعات حتى دب خلاف بين الشيخ صالح وبعض الاخوة حول سمو الأمير محمد الفيصل أساسا حول مسالة إنشاء مجموعة د ار المال الإسلامي فآثر الشيخ صالح الانسحاب بهدوء وإنشاء مجموعة البركة المصرفية التي لم تقل انتشاراً وتطوراً ورسوخاُ عن مجموعة الفيصل في كل انحاء العالم الإسلامي. وزادت مجموعة البركة انتشارها باقتحام لندن – قلب الحركة المصرفية العالمية – بإنشاء بنك البركة الدولي هناك وشرفني الشيخ صالح كامل بتطويره وتوسيعه بين أعوام 1986 - 1990 . ولولا أسباب ليس مجال ذكرها هنا، لكان ذلك البنك قائداً مهماُ في مسيرة البنوك الإسلامية على مستوى العالم .

تعمقت معرفتي بالشيخ صالح منذ عام 1983 عندما أسس مجموعة البركة في عدة بلدان – منها السودان – وكان عقلاً ثاقباً وناقداً لا يركن الى الواقع .. ويسعى للتطوير باستمرار وبدأب شديد. كان يستغرقه العمل نحو 20 ساعة يوميا .. فهو من أكثر من رأيت صبراً وجلداً على العمل.. في كل تجلياته ومساراته. يفعل ذلك بصوت جهوري وبعبارات قوية ولكن بدون استعلاء أو خيلاء. وعرفت في الشيخ صالح – من واقع المعايشة معه – خصلة نادرة هي الوفاء لكل من عمل معه خاصة وإن كان اقل منه. أي إن مصدر وفاءه لم يكن تزلفاً، بل تواضعاً.

واذكر لذلك مثالاً واحداً؛ عندما اعترضت سلطات دولة عربية على بعض المشاركين في ندوة تنظمها مجموعة البركة، رفض الشيخ صالح الدخول وهدد بالعودة فوراً من المطار مع كل المشاركين بالمؤتمر، وبقينا ساعات حتى رضخت سلطات ذلك البلد. وهناك مثال آخر يخصني شخصيا ولهذا لن اذكره ولكنه رسخ لدي ان التزام الشيخ صالح بمرؤسيه هو أمر قاطع وليس إدعاءاً اعلامياً .

وعرفت في الشيخ صالح حبه المستمر والحقيقي للسودان وللسودانيين رغم انه لقى من استثماراته في السودان الخسائر والصعوبات والمشاكل، ولكنه كان ما يفتأ يؤكد على هذا الالتزام الأخلاقي ـ وليس المصلحي ـ وأظن إن موقفه ذلك تبدى في معاملاته مع شعوب أخرى – منها على ما أعرف شخصيا – الشعبين المصري والتونسي.

كان الشيخ صالح يحب الشعوب ويخدمها ولكنه أيضاً كان يتعامل مع الر ؤساء باحترام وبدون تزلف.. ولهذا قرر أن تبعد قنواته الفضائية عن السياسة والأخبار حتى لا تنزلق ولو خطأ في هوة النفاق والتزلف. وكذلك تجنب كلمة "إسلامي" في نعت مؤسساته المصرفية حتى لا يلحق بالإسلام أي تشويه جراء أخطاء يرتكبها بشر في تلك المؤسسات.

وكما ذكرت فان الشيخ صالح كان صاحب عقل ناقد الى جانب قلبه المخلص ولهذا حاول في أواخر سنواته أن يعيد صياغة التجربة المصرفية الإسلامية .. ولكن الزمن وتقلبات الأيام لم تسعفه .

ويعرف الجميع ان رغبة الشيخ صالح في خدمة الفكر والعمل الإسلامي لم تقتصر على عالم المصارف والبزنس بل امتدت الى عالم الفن والفكر .. ومن أجل هذا أنشأ قنواته الفضائية وقناة إقرأ .. وندوة البركة المصرفية الفقهية لتطوير الفكر الإسلامي الاقتصادي.

الا رحم الله الشيخ صالح عبد الله كامل رحمة واسعة بقدر سعيه لخدمة الإسلام.

 

* وزير المالية السوداني الأسبق لمرتين

عمل في مجموعة البركة مؤسساً ونائباً لمدير بنك البركة السوداني ثم نائباً لمدير بنك

البركة الدولي في لندن حيث أسهم من هناك في إنشاء أو تطوير بنوك البركة في

موريتانيا وتركيا وجنوب أفريقيا وبنغلاديش. وكان مشاركاً منتظماُ في ندوة البركة حتى

عندما لم يكن رسمياً عضواً في المجموعة