«الترفيه» في السعودية:
تنويع إقتصادي وتحوّل إجتماعي

24.03.2020
مشروع امالا
محافظة العلا سباق الفرسان
طنطورة
مشروع البحر الاحمر
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
برت دكاش

منذ تأسيس هيئة الترفيه في السعودية في مايو 2016، وجهود المملكة تتركّز على هذا القطاع الذي يحتل حيزاً اساسياً من رؤية المملكة 2030. فالسعودية تهدف من خلاله إلى تحسين نمط عيش المواطنين والأهم، تنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لموارد الدولة. وهذا ما عبّر عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صاحب رؤية المملكة 2030 ومؤسس هيئة الترفيه، إذ اعتبر أن إنشاء صناعة تسلية وترفيه سيساعد في تنويع مصادر دخل المملكة، إذ إن تطوير السياحة والترفيه محلياً سيبقي في البلاد نحو 22 مليار دولار من الأموال التي ينفقها السعوديون في الخارج.

تطوّر قطاع الترفيه في المملكة منذ إنشاء الهيئة بوتيرة متسارعة جعلت المملكة محط اهتمام شركات الترفيه العالمية والإقليمية، حيث أبرمت الهيئة عدداً من الإتفاقات لإقامة مشاريع على مستوى المملكة ككل، ترافقت مع جهود حكومية حثيثة للنهوض بالقطاع وفي طليعتها إنشاء شركة الترفيه للتطوير والاستثمار، الذراع الترفيهية لصندوق الاستثمارات العامة برأس مال قدره عشرة  مليارات ريال للاستثمار في الأنشطة الترفيهية وجذب شركاء عالميين، إضافة إلى عزم المملكة على إنشاء صندوق إستثماري برأس مال

 440 مليون ريال لنحو 600 مشروع متوسط وصغير الحجم لدعم وتحفيز الاستثمار السعودي في قطاع الترفيه، كما أطلقت برنامج جودة الحياة 2020 الذي هو جزء من برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 ، ويهدف إلى إدراج مدن سعودية على قائمة أفضل المدن للعيش في العالم وتحويل المملكة إلى مقصد سياحي عالمي على مدار السنة عبر تنظيم وإحياء فعاليات موسمية وجعلها من بين أول عشر وجهات ترفيهية في العالم ومن بين أول أربع  على مستوى آسيا. 

وتعمل الهيئة منذ تأسيسها على تطوير أكثر من 320 معرضاً ومركزاً ترفيهياً في العام 2020 تتوزع بين مراكز عائلية، ومدن مائية، ومسارح، ودور أوبرا بالإضافة إلى معارض الفنون والمتاحف وغيرها. وتسعى في إطار خططها المستقبلية إلى إطلاق مواسم ترفيهية في مختلف مدن المملكة، إضافة إلى أنشطة في الأعياد والمناسبات لاستقطاب آلاف المواطنين والمقيمين. وأضفى قرار المملكة بإصدار التأشيرة السياحية لمواطني 49 دولة مع إمكانية الحصول عليها أونلاين طابعاً مختلفاً على هذه المهرجانات، وبلغ عدد التأشيرات السياحية المصدرة لغاية الآن نحو  400 ألف تأشيرة. 

ويعد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه السعودية عمر باناجه بأن الفترة المقبلة ستشهد برامج ترفيهية حافلة في المملكة حيث إن خطة الهيئة ترمي إلى اجتذاب شركات كبرى للاستثمار في البنية التحتية للقطاع على المدى الطويل، وقال إن الفترة المقبلة ستمتلئ بمسابقات ترفيهية وثقافية ورياضية، وسيكون هنالك تطوير مستمر في كل المشروعات الترفيهية القائمة حالياً في المملكة، وأشار إلى أن صناعة الترفيه ستُعمم على كل مناطق حيث هنالك 12 موسماً سعودياً انطلق منذ مطلع العام الحالي، بعضها في المنطقة الشرقية إلى  جانب مواسم «جدة»، و«رمضان»، و«العيد»، و«الطائف»، و«اليوم الوطني»، وأوضح أن هنالك الكثير من الفرص الجديدة الترفيهية والرياضية المتنوعة في عدد من المواقع داخل المملكة منها مشروع العلا الذي حقق نجاحاً كبيراً. 

السياحة والترفيه

ووفق توجه المملكة  للحفاظ على أموال السعوديين وكذلك جذب سياح عالميين أطلقت عدداً من المشاريع العملاقة مثل تطوير جزر ومواقع سياحية مميزة على البحر الأحمر، بينها مشروع تطوير ساحل البحر الأحمر السياحي الذي تبلغ مساحته الإجمالية نحو 34 ألف كلم مربع ويتضمن أكثر من 50 جزيرة طبيعية. وتقع آثار مدائن صالح ذات الأهمية التاريخية الكبيرة في نطاق المشروع، ومن المتوقع إنجاز المرحلة الأولى منه في العام 2022 بإستثمارات إجمالية تزيد على 15 مليار ريال، وتتضمن أعمال المرحلة الأولى إنشاء مطار خاص وتطوير البنى التحتية ومرافق ترفيهية وتوفير أكثر من ثلاثة آلاف غرفة فندقية.

وأطلقت أيضاً مشروع «أمالا» الفاخر لاستقطاب السياح الباحثين عن تجربة سياحية راقية ضمن محمية الأمير محمد بن سلمان الطبيعية في شمال غربي السعودية. وتتجاوز مساحة المشروع 3800 كلم مربع، ومن المتوقع أن يتم افتتاح المرحلة الأولى منه في نهاية العام الحالي، على أن ينجز المشروع بالكامل مع حلول العام 2028. 

وفي إطار تطوير المناطق، تهدف الهيئة الملكية لمحافظة العلا إلى تطوير المحافظة مع الحفاظ على تراثها الغني والعريق، وقد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) العلا في قائمة مواقع التراث العالمي، وهي أول موقع سعودي على هذه اللائحة.

ويجري العمل حالياً على تطوير مرافق وبنية تحتية لتوفير تجربة سياحية تراثية متميزة للزوار في المستقبل، تماشياً مع أهداف رؤية 2030. ومن المشاريع قيد التطوير بناء مسرح المرايا الذي يعد الأكبر من نوعه في العالم وقد دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية. وهناك أنشطة مصاحبة تقام في المنطقة، وأهمها مهرجانات شتاء طنطورة. وشهدت العلا سباق الفرسان، ومعرض «صحراء إكس العلا»، وغيرها من النشاطات الأخرى الموسمية. وتتطلع «العلا» إلى استقبال مليوني زائر في حلول العام 2035 حيث يجري بناء منتجعات عديدة منها منتجع شرعان الذي يكتمل في 2023. 

تبقى الإشارة إلى إيلاء المملكة أهمية كبرى لقطاع الرياضة حيث باشرت باستضافة بعض البطولات العالمية التي من شأنها اجتذاب السياح من الخارج. وشكّل سباق Formula E في العام 2018 أوّل حدث عالمي لرياضة السيارات في المملكة، إلى جانب البطولة الدولية لمحترفي الغولف وهي أوّل بطولة عالمية لرياضة الغولف في السعودية، وقد تشكل هذه الخطوات تمهيداً لإستضافة أحداث أكثر شهرة وأهمية. 

القطاع الخاص

يقول باناجه إن الهيئة تسعى إلى الوصول لمرحلة تصبح فيها مراقِبة للقطاع فقط، وهي حالياً تركز على «إصدار التراخيص»، وتحديد «المعايير» والإشراف على القطاع. ويأتي كلام باناجه في إطار تحفيز المملكة القطاع الخاص وإشراكه في تطوير قطاع الترفيه، حيث أصدرت السعودية حزمة من القرارات والقوانين المحفّزة لذلك، ولاسيما وأنها تعتزم استثمار نحو 64 مليار دولار لتطوير صناعة الترفيه على مدى السنوات العشر المقبلة. وتتوقع الحكومة السعودية أن تصل مساهمة القطاع الخاص في الترفيه إلى نحو 40 في المئة من حجم التمويلات المطلوبة والتي تقدر بنحو 50 مليار ريال حتى العام 2020. وبالفعل، شرعت الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص بوضع خطة تطويرية للمناطق وتنفيذ مشاريع كبيرة. ففي هذا الإطار، أنهت شركة القدية للاستثمار في يونيو الماضي وضع المخطط العام لمشروع القدية الترفيهي الذي أطلقه صندوق الاستثمارات العامة في العام 2018 وهو أكبر بثلاثة أضعاف من «ديزني لاند»، وأول منتزه ترفيهي يحمل العلامة التجارية لشركة «الأعلام الستة» SIX FLAGS في الشرق الأوسط. 

يمتد المشروع على مساحة 334 كلم مربع، ويضم أكثر من 300 مرفق بمواصفات عالمية، ويتألف من مناطق تطويرية رئيسية هي: منطقة منتجع الترفيه، مركز المدينة، منطقة الطبيعة، منطقة الحركة والتشويق، منطقة الغولف والمنطقة السكنية، ويتوقع أن يستقطب المشروع 17 مليون زيارة ترفيهية سنوياً.