الميزانية السعودية لعام 2020:
الاستقرار والنمو

10.12.2019
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
 أعلنت المملكة العربية السعودية عن ميزانية العام 2020 متوقعة أن يبلغ العجز السنوي 187 مليار ريال سعودي، مشكلاً نسبة 6.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يتم تغطية هذا العجز جزئياً من خلال السحب من الإحتياطي العام للدولة، وأيضاً عن طريق إصدار المزيد من الصكوك والسندات الحكومية بقيمة صافية قدرها 76 مليار ريال، وليرتفع رصيد الدين العام إلى 754 مليار ريال نهاية العام.  ما يعني أن نسبة الدين من الناتج المحلي لن تزيد عن 26 في المئة وهي تعتبر من بين الأفضل عالمياً. إلا أن الأمر الأبرز هو التوقعات بأن ينمو الناتج المحلي بنسبة 2.3 في المئة في العام 2020 مقارنة بنحو 0.4 في المئة للعام الحالي، ما يشير إلى تسارع ملحوظ في وتيرة النمو.

زيادة الإيرادات غير النفطية 

وتسعى المملكة من خلال هذه الميزانية إلى الحفاظ على الاستقرار المالي وإلى تحفيز النمو. فهي تستهدف الاستمرار في تطبيق المبادرات الهادفة لتنمية وتنويع مصادر الإيرادات غير النفطية التي من المتوقع أن تشهد تحسناً في العام المقبل خاصة بعد اتخاذ سلسلة إجراءات مهمة مثل تخفيض حد التسجيل الإلزامي في ضريبة القيمة المضافة لضم عدد أكبر من الشركات، وفرض الضريبة الانتقائية على المشروبات المحلاة، وتحصيل مبالغ من تسويات الزكاة والضرائب للشركات والمصارف. بالمقابل، من المتوقع أن تنخفض الإيرادات النفطية بنحو 15 في المئة إلى 513 مليار ريال. كذلك، أشار بيان الميزانية إلى تحصيل أرباح نفطية استثنائية في العام 2019 دون تحديد ما إذا كان ذلك يرتبط بإيرادات بيع جزء من أسهم أرامكو.

دعم شبكة الحماية الاجتماعية

كذلك، تستمر السعودية بالعمل على رفع مستوى كفاءة الخدمات الحكومية دون المس بالنفقات الأساسية والاستثمارات اللازمة للمشروعات المهمة ومبادرات دعم شبكة الحماية الاجتماعية وتحقيق اهداف رؤية 2030 لا سيما لناحية تنويع الاقتصاد والدخل ومصادر النمو وتعزيز حصة القطاعات غير النفطية من الناتج المحلي. ومن أهم هذه البرامج والمبادرات برامج الإسكان وجودة الحياة، مبادرات لتنمية وتحفيز القطاع الخاص، وبرنامج تطوير القطاع المالي الذي يضم عدد من المبادرات منها ما يسعى الى التحول الى مجتمع غير نقدي وتعزيز الشمولية المالية وهو ما سيؤدي إلى دعم النمو وتراجع حجم اقتصاد الظل. 
وتشير التقديرات الحالية إلى تراجع النفقات العامة للعام 2020 بنحو 2.7 في المئة على أساس سنوي إلى 1,020 مليار ريال. 
وعلى المدى المتوسط، تشير التقديرات إلى نمو الإيردات عامي 2021 و2022 مقابل استمرار انخفاض النفقات وهو ما سيؤدي إلى تراجع عجز الميزانية إلى 92 مليار ريال في العام 2022. هذا ومن المتوقع أن يرتفع الدين العام بالتوازي إلا ان نسبته من الناتج المحلي ستبقى منخفضة ولن تتعدى 29 في المئة. 
 

قراءة في الميزانية

لم ترتكز ميزانية المملكة للعام 2020 على حجم الإنفاق وحسب، بل بدا واضحاً اتباعها نهجاً متكاملا يركز على نوعية الإنفاق ودعم قطاعات رئيسية منها الصناعة والتنمية العقارية وتمكين القطاع الخاص وهي من أهم بنود رؤية 2030. ومن أبرز ما يمكن استنتاجه من ميزانية 2020، ما يلي:
أولاً، توقع المزيد من الخفض في إنتاج النفط لا سيما بعد اتفاق "أوبك +" الأخير والذي التزمت فيه المملكة بخفض إنتاجها بمعدل 400 ألف برميل يومياً. وتظهر أرقام الميزانية تراجع الإيرادات النفطية بنحو 15 في المئة. وهو ما قد ينتج إما عن تراجع كمية الإنتاج أو تراجع الأسعار أو الاثنين معا خاصة وان الحرب التجارية بين أميركا والصين لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي وأسواق النفط. وتُظهر أرقام الميزانية ارتفاع مساهمة القطاع غير النفطي إلى 38 في المئة في العام 2020 مقارنة بنحو 34 في المئة في العام 2019.
ثانياً، استمرار الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الحيوية بما فيها الإسكان والترفيه والرياضة والطاقة البديلة والبنى التحتية وتوسعة المطارات مع سعي المملكة لاستقطاب المزيد من الزوار. وهذه مشاريع من المفترض أن تنعكس إيجابا على قطاعات أخرى مثل الإسمنت ومواد البناء وغيرها من الصناعات المحلية. وقد خصصت المملكة 173 مليار ريال للإنفاق الاستثماري في العام 2020، وهو أعلى بقليل من المبلغ المخصص للعام 2019.

تحفيز القطاع الخاص

ثالثاُ، مشاركة أكبر للقطاع الخاص في تنفيذ برامج رؤية 2030 في عدد من المجالات الحيوية السابق ذكرها. ويتوقع أن يكون للقطاع الخاص دور أكبر في تنفيذ أو إدارة المشاريع الجديدة خاصة فيما يتعلق بالترفيه والصناعة والتعليم والصحة والبنى التحتية وفق صيغة الشراكة مع القطاع العام. وتعمل الدولة على حث المصارف على زيادة تمويلها للقطاعات الإنتاجية والشركات الصغيرة والمتوسطة والعقار السكني لتحفيز حركة الاستثمار الخاص . كما ستواصل الحكومة العمــل علــى تحسين منــاخ الأعمــال وتشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي.

دعم النمو وخفض التضخم

رابعاً، السعي إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الحقيقي بنسب تتراوح بين 2.2 و2.3 في المئة خلال الأعوام الثلاثة القادمة مقارنة بنحو 0.4 في المئة في العام 2019. وترتكز المملكة على زيادة مشاركة القطاع الخاص واستقطاب الاستثمار الأجنبي لتحقيق نسب النمو هذه، خاصة وأن توجه وزارة المالية يشير إلى تراجع إنفاق الحكومة بنسبة سنوية تفوق 2 في المئة في المتوسط خلال هذه الفترة.
خامساً، استهداف تحقيق معلات تضخم صحية على المدى المتوسط تتراوح بين 1.8 و2.0 في المئة مقارنة بنسبة سلبية محققة في العام 2019. وتعول الحكومة على تحسن أسعار العقار ونمو قطاع الضيافة والخدمات والرعاية الصحية للوصول إلى هذه المعدلات.
خامساً، استمرار دعم العائلات والفئات المحتاجة وفق معايير محددة ولكن مع خفض الإعانات والتقديمات الاجتماعية للفئات التي لا تنطبق عليها هذه المعايير. كذلك، ضبط التكاليف غير الاستثمارية مثل تعويضات العاملين، والتي تمثل قرابة نصف الإنفاق الحكومي.
سادساً، مواصلة الاستدانة من الأسواق المحلية والعالمية لسد عجز الميزانية مع العلم أن إيرادات بيع جزء من أسهم أرامكو ستذهب إلى صندوق الاستثمارات العامة للاستثمار في المشاريع الضخمة.