أطلقت "هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية" في المملكة العربية السعودية مبادرة "شراكات المحتوى المحلي" خلال حفل أقيم في الرياض وحضره عدد من كبار المسؤولين في القطاعين العام والخاص. وتعتبر هذه المبادرة أولى المبادرات الاستراتيجية للهيئة، وتهدف إلى تأسيس شراكة مستدامة مع كبرى الشركات الوطنية والقطاع الخاص، ما يساهم بشكل فعّال في تنمية المحتوى المحلي في مختلف القطاعات.

كما أعلنت الهيئة عن إنشاء "مجلس تنسيق المحتوى المحلي" يضمّ في عضويته كل من شركة "أرامكو السعودية"، "سابك"، "معادن"، "الاتصالات السعودية"، "الخطوط السعودية"، "السعودية للكهرباء"، إلى جانب "مجلس الغرف السعودية" وتم تبادل اتفاقيات التعاون بين الهيئة وأعضاء المجلس الذي سيتولى تنسيق الجهود مع كبرى الشركات الوطنية لتطوير عناصر المحتوى المحلي وتعزيز فرصه في المملكة، وبين الهيئة و"الهيئة العامة للصناعات العسكرية".

 الشبل: إطلاق القدرات الغير النفطية

رئيس مجلس إدارة "هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية السعودية" الدكتور غسان الشبل اعتبر أن "إطلاق هذه المبادرة يأتي بعد أقل من عامٍ على إنشاء الهيئة التي تضمّ في عضويتها ممثلين عن جهاتٍ رئيسة من القطاعين العام والخاص، وتحمل في مضمونها رسالةً واضحة بالتزامنا وسعينا إلى تفعيل استراتيجية الهيئة في تعزيز المحتوى المحلي عبر رفع نسبة العناصر الوطنية كافة في مختلف المجالات، سواء في القوى العاملة أو السلع والخدمات أو الأصول والتقنية، ما يعزز أيضاً من إطلاق قدرات القطاعات غير النفطية، وفقاً لرؤية المملكة 2030، واستقطاب القوّة الشرائية الوطنية لتنمية المحتوى المحلي وتحقيق استدامة الاقتصاد. هذا إلى جانب دور الهيئة في الارتقاء بأعمال المشتريات الحكومية لتكون أكثر شفافية، ومتابعتها وفقاً للأنظمة والتنظيمات المعمول بها". كما أشار إلى أن "مجلس تنسيق المحتوى المحلي" المنبثق عن هذه المبادرة، سيكون الذراع الرئيسة في تنسيق الجهود والتعاون مع الشركات، ما يضمن نشر الوعي في أهمية المحتوى على أوسع نطاق. وكشف الشبل عن إطلاق المجلس لمؤتمره الأول خلال الربع الأول من العام المقبل، والذي سيشكّل منصّة تجمع شركاء الهيئة من القطاع الخاص مع الجهات الحكومية، إلى جانب عدد من الخبرات الدولية، ما يساعد على رسم استراتيجيات التعاون المستقبلي لتطوير وتعظيم المحتوى المحلي وتفضيله.

 الناصر: زيادة المحتوى المحلي 

وخلال جلسة نقاش أدارها د. إحسان بوحليقة، تحدث رئيس شركة "أرامكو السعودية" وكبير الإداريين التنفيذيين أمين الناصر عن العناصر الواجب توفرها لزيادة المحتوى المحلي، وأبرزها الأيدي العاملة المدربة، الطلب، البنية التحتية، ربط المحتوى المحلي بالعقود، توحيد آلية القياس والتدقيق من خلال شركات عالمية مستقلة. وأشار الناصر إلى أن برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة "اكتفاء" يعمل أيضاً على تعزيز وتطوير قطاع خدمات الطاقة، ودعم التنوّع والاستدامة والتنافسية العالمية في المملكة والنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

وأشار إلى أن شركة "أرامكو السعودية" تهدف إلى زيادة المحتوى المحلي بحلول عام 2021 إلى 70 في المئة من نحو 52 في المئة حالياً، واعتبر أن برنامج "اكتفاء" يمثل حلقة وصل ما بين كبار الموردين والمنشآت الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها على النمو، مواكبة مع أهداف رؤية المملكة 2030 برفع مساهمة هذا القطاع في اجمالي الناتج المحلي إلى 35 في المئة.   

 الجربوع: التزام برؤية 2030

أكد رئيس مجلس إدارة شركة "سابك" د. عبد العزيز الجربوع على التزام الشركة بلعب دور ريادي في تمكين "رؤية 2030" والاستراتيجية الوطنية للصناعة، لزيادة المحتوي المحلي كرافد اقتصادي في زيادة الناتج المحلي ودعم ريادة الفرص الوظيفية للمواطنين. وأشار إلى أن مبادرة "نساند" هي إحدى مخرجات الشركة لدعم الاستثمار في المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز المحتوى المحلي لتحقيق التكامل الداخلي والخارجي الفعال، لا سيما أن موقع الشركة القوي يمكّنها من الاستفادة من نطاقها العالمي لتعزيز المحتوى المحلي.      

الكنهل: 4 مليارات ريال

نائب الرئيس الأعلى للشؤون المؤسساتية في شركة الاتصالات السعودية STC عبدالله الكنهل قال إن الشركة ساهمت في دعم المحتوى المحلي وتوطين صناعة التقنية بقيمة بلغت أربعة مليارات ريال. وأنها أسست في العام 2015 حاضنة أعمال انسبايريو لدعم رواد الأعمال والمشاريع الناشئة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات في المنطقة، وهي تحتضن اليوم 28 مشروعا باستثمارات وصلت إلى 60 مليون ريال، ساهمت في خلق أكثر من 100 ألف وظيفة، منها وظائف بعمل جزئي. وأشار إلى أن STC أطلقت عام 2017 استراتيجيتها الخاصة بالمحتوى المحلي عبر برنامج "روافد" بالتعاون مع شركائها لتعظيم المحتوى المحلي. وقد ركز البرنامج على توطين الصناعة، عبر تطوير البنية التحتية للصناعة محلياً في مجال الصناعات الخاصة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات إضافة إلى تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

السديري: استراتيجة التوطين 

الرئيس التنفيذي المكلف لـ "الشركة السعودية للكهرباء" فهد السديري قال إن الشركة منحت خلال الخمس سنوات الماضية ميزة تنافسية لأسعار المصانع المحلية بنسبة 10 في المئة مقابل المنتجات الأجنبية، لتحفيزها وزيادة حصتها السوقية في مجال الصناعات الكهربائية، كما أن نسبة المصانع المحلية المسجلة بأنظمة الشركة ارتفع بنسبة 840 في المئة ليصبح 575 مصنعاً. كما اعتمد مجلس إدارة الشركة استراتيجية التوطين وتعظيم المحتوى المحلي من خلال برنامج "بناء"، الذي يحتوي على ثلاث مبادرات لتوطين الصناعات والخدمات محلياً، تتضمن تطوير سياسات وآليات لدعم وتحفيز المصنعين والمقاولين المحليين، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحديد الفرص الاستثمارية للصناعة والخدمات. كما نجحت الشركة في رفع نسبة التوطين في العنصر البشري، حيث تجاوزت نسبة السعوديين 92 في المئة من إجمالي منسوبيها من مهندسين وفنيين وإداريين.

الحربي: أولوية المحتوى المحلي 

نائب الرئيس الأعلى للخدمات المشتركة والأمن الصناعي في شركة "معادن" عبد العزيز الحربي قال إن المحتوى المحلي يمثل بالنسبة لشركته أولوية، وأضاف: "نعمل بجد للمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني من خلال إتاحة المزيد من الفرص للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات المحلية في "معادن" وعبر سلسلة التوريد الخاصة بنا خصوصاً في المناطق النائية". واكد الحربي على أن اتفاقية التعاون مع "هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية" ستدعم تطوير برنامج المحتوى المحلي الخاص بالشركة بشكل أكبر من خلال تبني أفضل الممارسات والتنسيق الفعّال للأنشطة عبر سلسلة القيمة لزيادة فعالية وكفاءة مبادرات المحتوى المحلي.

الجاسر: دعم كامل 

مدير عام "المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية" صالح الجاسر أكد أن الخطوط السعودية ستكون من الجهات الفاعلة والداعمة لمبادرة شراكات المحتوى المحلي وسوف تتبادل الخبرات والممارسات التي تعزز توجه المبادرة مع الهيئة وكل الشركاء، وستقدم العديد من المنتجات في هذا الإطار وتدعم مبادرات الهيئات والشركات الوطنية الأخرى، ما يساهم في دعم وتطوير وتنمية المحتوى المحلي.

وتحدث الجاسر عن برنامج مؤسسي لدعم المحتوى المحلي "نرتقي" الذي أنشأته المؤسسة بالتعاون مع وحدة المحتوى المحلي وتنمية القطاع الخاص "نماء" (التابعة للمجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية) بهدف رفع مساهمة المؤسسة في الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز المحتوى المحلي عن طريق تطوير القدرات وتنمية الكوادر الوطنية وتمكين السلع والخدمات المحلية عالمياً.

العبيد: تعزيز التعاون 

رئيس برنامج تعزيز المحتوى المحلي الصناعي في مجلس الغرف السعودية د. عبدالرحمن العبيد قال إن إطلاق "مجلس تنسيق المحتوى المحلي" يعتبر خطوة متقدّمة لتنسيق جهود القطاعين العام والخاص لزيادة المحتوى المحلي في مختلف القطاعات الاقتصادية، تحقيقاً لتطلعات رؤية 2030 الرامية إلى رفع مساهمة القطاع الخاص السعودي في التنمية الاقتصادية بنسبة 65 في المئة من الناتج المحلي بحلول العام 2030. ولفت العبيد إلى مبادرة "برنامج زيادة المحتوى المحلي والخدمات المساندة لها" التي أطلقها مجلس الغرف، كما تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تعاون مع 10 جهات حكومية وشركات شبه حكومية، وذلك بهدف تعزيز مجالات التعاون المشترك في تنمية المحتوى المحلي. 

الجدير ذكره أن "رؤية 2030" تركز بشكل كبير على دعم وتطوير المحتوى المحلي، وتهدف إلى تخفيض نفقات المملكة على البضائع والسلع والأنشطة الأخرى من الخارج، والتي تصل اليوم إلى 230 مليار دولار أمريكي، إلى النصف. وتهدف اتفاقيات التعاون الموقّعة ما بين الهيئة وشركائها إلى تنمية المحتوى المحلي وتطويره وفقاً لأفضل الممارسات والخبرات، وإلى ترسيخ التعاون مع القطاع الخاص عبر "مجلس تنسيق المحتوى المحلي"، إضافة إلى مشاركة مرئيـات القطاعين العام والخاص للمشاركة في وضع سياسات موحّدة تدعم رفع المكوّنات الوطنية عبر توطين الصناعة ونقل التقنية، وتساهم في خلق استراتيجية شاملة لهذا الملف الوطني الهام.