أحمد خورشيد، الرئيس التنفيذي لشركة تمويلي:
مستقبل واعد في مصر
لصناعة التمويل متناهي الصغر

17.08.2023
أحمد خورشيد
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

يأتي نمو صناعة التمويل متناهي الصغر المتسارع على مدار السنوات الثلاثة الماضية مدفوعاً بطلب متزايد على التمويل من جانب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ورغبة الحكومة المصرية في ان تلعب هذه المشاريع دوراً ملموساً في التشغيل وخفض معدلات البطالة وتوليد الدخول لفئات واسعة من المواطنين غير المنخرطين في الاقتصاد الرسمي.

ومن بين الشركات التي تستحوذ على حصة كبيرة ومتنامية في سوق التمويل متناهي الصغر شركة «تمويلي» التي تساهم في رأسمالها مؤسسات عامة في مقدمتها إن أي كابيتال الذارع الاستثماري لبنك الاستثمار القومي وشركة «البريد» للاستثمار التابعة لهيئة البريد المصرية وشركة «أيادي» المنبثقة من صندوق تحيا مصر.

«الاقتصاد والاعمال» إلتقت أحمد خورشيد الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة «تمويلي» في حوار شامل تناول استراتيجية عمل الشركة وخططها التوسعية ورؤيتها لصناعة التمويل متناهي الصغر في مصر ومستقبل هذه الصناعة وهنا الحوار:

كيف تنظرون إلى واقع ومستقبل صناعة التمويل متناهي الصغر ودورها التنموي على خريطة الاقتصاد المصري؟!

- هذه الصناعة وإن كانت حديثة العهد في السوق المصري حيث لا يزيد عمرها عن 15 عاماً. وحديثاً انطلقت شركات مملوكة للقطاع الخاص لممارسة النشاط خارج الجهاز المصرفي، فقد اثبتت مدى حاجة السوق لها لأسباب اجتماعية واقتصادية ومن ثم أحرزت نجاحاً متواصلاً على مدار هذه السنوات.

كما أن الدعم الحكومي والتنظيمي لعب دوراً في نمو النشاط خاصة وأن الجهة الرقابية تواصل جهودها في تنظيم وتطوير الصناعة وهي هيئة الرقابة المالية.

يضاف إلى ذلك أن البنك المركزي ألزم كافة البنوك العاملة في السوق المصرية بتخصيص 25 بالمئة من إجمالي محافظها التمويلية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر مما وفر مصدراً تمويلياً متدفقاً باستمرار لا سيما إذا علمنا أن إجمالي المحافظ التمويلية بالبنوك تبلغ 3,5 تريليون جنيه وفقاً لأحدث الأرقام المعلنة.

نجاح هذه الصناعة تترجمه الأرقام الصادرة مؤخراً عن الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر والتي تشير إلى أن اجمالي المستفيدين من هذه التمويلات يبلغ 4,7 مليون عميل في الربع الأول من العام الجاري بإجمالي ارصدة تمويلات 74,5 مليار جنيه بنسبة نمو 18,4 % مقارنة بأرقم الفترة المماثلة من العام الماضي. علماً بأن هذه التمويلات تخص فقط الشركات والجمعيات المندرجة تحت مظلة الاتحاد يضاف إليها بالطبع تمويلات البنوك.

وماذا عن مستقبل الصناعة ؟!

- مستقبل واعد دون شك وفقاً لكافة الدراسات السوقية حيث يزداد الطلب على التمويل لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، كما أن هناك شرائح جديدة تدخل لطلب الخدمة يومياً ومعظمهم من الشباب الباحثين عن وسيلة لدخول سوق العمل عبر انشاء مشاريع خاصة وتتوزع هذه الشرائح على المناطق الريفية والأحياء الشعبية في المدن الكبرى من أصحاب الورش والمحلات الصغيرة. أيضاً هناك مبادرات تتبناها الدولة تسهم في توسيع قاعدة طالبي الخدمة ومنها مبادرات التمكين الاقتصادي للمرأة ومبادرة حياة كريمة والشركات الناشئة وكلها تخلق طلب متنامي ومتواصل على التمويل.

ما هو مدى اعتماد هذه الصناعة على التكنولوجيا المالية ودور هذه التكنولوجيا في دعم وتطوير القطاع؟!

-من المؤكد أن صناعة التمويل متناهي الصغر يزداد اعتمادها كل يوم على منتجات التكنولوجيا المالية خاصة الدفع الالكتروني سواء كان صرف التمويل او تحصيل الأقساط وغيرها من المبالغ المرتبطة بالتمويل، وكذلك والاستعلام الإلكتروني، وغيرهم من ممارسات متعلقة بتقديم التمويل وذلك عبر أدوات هذه التكنولوجيا.
وقد ساهمت هذه التكنولوجيا في سرعة إتمام المعاملات وخفض تكلفتها وقدمت للعميل وجهات التمويل خيارات متعددة مما أدى إلى توسيع نطاق السوق والوصول إلى نقاط جغرافية هامشية وبعيدة عن المراكز الاقتصادية التقليدية. وبالتالي فقد لعبت التكنولوجيا المالية دوراً مهماً في دعم وتطوير الصناعة وسوف يزداد دورها مستقبلاً خاصة مع دخول منتجات الذكاء الاصطناعي مثل برامج الرد على استفسارات العملاء الكترونياً وإدارة محادثات عبر برامج chat GPT مع هؤلاء العملاء على مدار الساعة دون ارتباط بمواعيد العمل الرسمية.

وماذا عن الدور التنموي الذي تلعبه هذه الخدمات المالية غير المصرفية في المجتمع المصري خاصة في الفترة القادمة؟

من المؤكد أن هناك بعداً تنموياً مهماً في صناعة التمويل متناهي الصغر وهو البعد الذي يتعلق بالتشغيل وخفض معدلات البطالة - تدور حول 7,1 من اجمالي قوة العمل وفقاً للأرقام الرسمية مقارنة بـ 7,2% في العام الماضي - حيث أن كل مشروع صغير يولد نحو خمسة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في المتوسط.

هذا التشغيل  يحسن مستوى معيشة الملايين من المواطنين وخفض معدلات الفقر وبالتالي تخفيف الأعباء والاحتياجات الاجتماعية عن كاهل الدولة، يضاف إلى ذلك أن هذه المشاريع تنتج العديد من السلع والخدمات وتدخل ضمن سلاسل التوريد في بعض الصناعات المحلية ومن ثم تسد جانباً من احتياجات السوق والصناعة المحلية.

هل هناك معوقات تواجه هذه الصناعة في الوقت الراهن وما هي مقترحاتكم للتعامل مع هذه المعوقات؟!

- من الطبيعي ان تكون هناك بعض انعكاسات للمشهد الاقتصادي العام على هذه الصناعة الحيوية - من بين هذه الانعكاسات على سبيل المثال ارتفاع تكلفة التمويل لا سيما مع استمرار سياسة التشدد النقدي التي ينتهجها البنك المركزي المصري منذ فترة والمتمثلة في استمرار رفع أسعار الفائدة وكانت أحدث هذه الخطوات رفع سعر الفائدة بمعدل 100 نقطة أساس في الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية مطلع أغسطس - آب - الماضي. أيضاً استمرار ارتفاع التضخم قد يؤدي بمرور الوقت إلى ظهور المزيد من حالات التعثر أو عدم القدرة على السداد ومن ثم زيادة المخاطر لدى جهات التمويل.

وللتعامل مع هذه المعوقات نرى أنه بات من المهم - على الأقل في هذه المرحلة وحتى انتهاء الأزمة- منح مزايا تفضيلية فيما يتعلق بتكلفة التمويل لهذه الصناعة لاسيما وأن جانباً من التمويل الموجه للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر يأتي عبر مؤسسات تمويل دولية بتكلفة منخفضة جداً ثم تعيد البنوك إقراضها بأسعار الفائدة التجارية. تجسد شركة تمويلي قصة نجاح ملهمة في هذا المجال لاسيما وأن عمرها يعد قصير نسبياً.

ما هي ملامح هذا النجاح واسبابه؟!

- شركة تمويلي ناتجة عن تحالف ثلاث مؤسسات مالية قوية هي إن أي كابيتال القابضة للاستثمارات الذارع الاستثماري لبنك الاستثمار القومي، وشركة "البريد" للاستثمار التابعة لهيئة البريد المصري وشركة "أيادي للاستثمار والتنمية" هذا التحالف المؤسس بطبيعة الحال اعطى دفعة قوية في بداية عملنا  حيث انطلقت اعمال الشركة في مايو 2017 أي أن عمر الشركة نحو 6 سنوات فقط.

 استطعنا خلال هذه السنوات القليلة - أخذاً في الاعتبار صعوبات البداية والتأسيس إحراز بعض النجاحات التي تجسدها أرقام الأداء فقد بلغ عدد فروعنا 200 فرع ولدينا محفظة تراكمية تزيد عن 10700 جنيه ونخدم أكثر من 420 ألف عميل موزعين على جميع محافظات الجمهورية وتحظى السيدات بنسبة في حدود 46% من إجمالي تمويلاتنا ونحقق عائداً على رأس المال في حدود 200% في المتوسط سنوياً. 

وهذا النجاح يعود بالدرجة الأساسية إلى نموذج الاعمال الذي اتبعناه منذ انطلاقة أعمال الشركة وفريق عمل مدرب جيداً إلى جانب قدرتنا على قطف ثمار النمو الطبيعي للسوق الامر الذي جعلنا نحتل حالياً مرتبة متقدمة ضمن الشركات الخمس الأوائل في صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر وبحصة سوقية تزيد عن 5% من اجمالي حجم السوق علماً بأن عدد الشركات العاملة في المجال والتي تشكل منافسة لنا يزيد حالياً عن 35 شركة إلى جانب شركات أخرى تحت التأسيس وتستعد لدخول السوق قريباً.

وماذا عن خططكم التوسعية في المستقبل؟!

- في الواقع نحن نعتمد استراتيجية تشغيل طموحة وتوسعية لأننا نرى حجم الفرص الكامنة في السوق ومعدلات النمو المتوقعة مستقبلاً قياساً لدراسات سوقية معمقة ونظرة متفائلة بمستقبل الاقتصاد المصري وتنامي الطلب على التمويل رغم ظروف الازمة الراهنة فكل المعطيات تشير إلى نمو كبير قادم في مجال التمويل متناهي الصغر سواء لأسباب ديموغرافية - 60 % من السكان تحت سن 30 عاماً - وأخرى جغرافية نتيجة التوسع في المدن الجديدة وثالثة لأسباب تتعلق بشيوع ثقافة المبادرة الفردية وتعزيز ثقافة ريادة الاعمال وتأسيس الشركات الصغيرة سواء كانت  إنتاجية او خدمية ويضاف إلى كل ذلك دعم وتشجيع حكومي واضح لقضايا التشغيل ومواجهة الفقر والبطالة. كل ذلك سوف يمثل روافد داعمة ومعززة للنمو في صناعة التمويل متناهي الصغر في السنوات القليلة المقبلة.

وبناء على كل ذلك لدينا خطة توسع طموحة سواء عبر زيادة عدد فروعنا لتبلغ 250 فرعاً وزيادة عدد العملاء المستهدفين لنصل على نصف مليون عميل.

كما أننا حصلنا مؤخراً على رخصة التمويل المتوسط والصغير من هيئة الرقابة المالية وهي رخصة تتيح لنا تقديم قروض حتى عشرة ملايين جنيه للعميل الواحد بما يعني أننا دخلنا في شريحة تمويل اعلى الأمر الذي سوف ينعكس بطبيعة الحال على حجم المحفظة ونموها السريع في المستقبل وكذلك الوصول إلى شريحة جديدة من العملاء من أصحاب المشاريع متوسطة الحجم لم نكن نستطيع الوصول إليها قبل الحصول على هذه الرخصة. علماً بأن الحصول على مثل هذه الرخصة يتطلب العديد من المعايير المهنية والفنية والمالية استوفتها شركة تمويلي جميعها.

أما الجزء الأخير من استراتيجيتنا المستقبلية فهو التحول إلى منصة متكاملة للخدمات المالية غير المصرفية حيث اطلقنا العام الماضي شركة شقيقة تعمل في مجال التمويل الاستهلاكي وهي شركة «وان فاينانس» .. وبدأت العمل في السوق بالفعل.

وندرس حالياً انشاء شركتين أخريين تعمل الأولى في مجال التأجير التمويلي والثانية في مجال التأمين متناهي الصغر بهدف تكامل الاعمال ومن ثم التحول إلى منصة مالية تخدم كافة أطراف السوق وتقدم حزمة من الخدمات المتنوعة لعملائها