مع كل استحقاق وطني ومع كل رياح تغييرية في مواجهة التقليد السياسي يبرز اسم نعمة افرام. هو النائب المستقيل إثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 ، يخوض اليوم الانتخابات على رأس لائحة تنشد التغيير وعلى متن مشروع جامع عنوانه "وطن الأنسان"والهدف ليس النيابة بذاتها بل إعادة بناء العقد الوطني اللبناني الذي لا يمكن أن يمر إلا من خلال إعادة بناء دولة المؤسسات. يحزن افرام عندما يسمع بيأس الشباب اللبناني من الواقع الحالي ،لأنه مؤمن بأن في يدهم التغيير إن أرادوا ولذلك يدعوهم الى المشاركة في "أول انتخابات تحصل في مئوية لبنان الثانية، باعتبارها انتخابات تاريخية ستحدّد هوية لبنان في السنوات المئة المقبلة". وأبعد من المقعد النيابي، وعشية الاستحقاق الرئاسي يجوز التساؤل : لماذا لا يكون الحظ حليف الكرسي الأول في الدولة، فيملأه رجل أمثال المهندس والصناعي نعمة افرام أو سواه من الشخصيات الواعدة؟ في رأيه أن الشخص لا يرشح نفسه لهذا المقام بل الظروف هي التي ترشحه. أما عن قراره دخول عالم السياسة والعمل في الشأن العام فيجيب: "لأنني أحلم بأن أصنع الفرق".
لا شك في أن شخصية افرام المميزة وفكره الحر ونجاحه الباهر كرجل أعمال لم يتكونوا بالصدفة. ففي كنف بيتٍ آتٍ من عالم الأعمال الى السياسة التي مارسها ولم يمتهنها ترعرع الشاب الواعد، ومن خصال والده الوزير الراحل جورج افرام الذي كان يوصف بالوطني والآدمي تعلّم. السياسة عنده أخلاق ومبادئ وخدمة وليست مجرّد مصالح. يكره الصغائر والمماحكات السياسية الضيقة ويبتعد عن سياسة الزواريب،" فالزواريب للفئران، أما الجو فللنسور"، يقول.
استلم نعمة افرام الأمانة من والده الذي ترك وراءه مؤسسة صناعية ضخمة وإرثاً من القيم الانسانية والاجتماعيةالنادرة، فثبت بالتجربة والممارسة أن الابن سر أبيه. والمهندس الذي كان أول تلميذ يدرس الطيران في مطار بيروت بعد الحرب عرف جيداً كيف يحلّق نسراُ صناعياً في فضاء النجاحات عندما غرف من "زوّادة" الوالد وزاد عليها. هو لم يرث وحسب، بل جدّد وطوّر وابتكر حتى صارت Indevco مؤسسة عالمية بل امبراطورية صناعية عابرة للحدود تضم عشرة آلاف موظف وعامل.
متسلحاً بالعلم والموهبة راح يراكم الانجازات الجديدة فوق الموروثة. وفيما كان لبنان الذي حلم به يتدحرج الى الوراء، كان نعمة افرام يخطو الى الأمام من نجاح الى نجاح .. من صناعي شاب قادته كفاءته ليكون الرئيس التنفيذي لمجموعة اندفكو الصناعية في لبنان والعالم، الى رئيس لجمعية الصناعيين بين 2010 و2014، فرئيس المؤسسة المارونية للانتشار قيل أن يقرر الدخول الى السياسة من باب الرلمان الذي دخله للمرة الاولى في العام 2018.
نعمة افرام الماروني ولكن الوطني بامتياز يعشق الحرية كعشقه للبنان الذي لا يبارح قلبه وعقله ووجدانه، كيف لا وهو الذي قطع دراسته الجامعية في الولايات المتحدة ليكملها في الجامعة الأميركية في بيروت، هو أيضاُ الذي هرب في عزّ الحرب من قبرص عائداً الى لبنان من دون علم أهله، كما أنه رفض ولا يزال الحصول على جنسية اخرى لأنه يعتبر نفسه ملتزماً بهذا البلد الجميل.
والشاب الطموح الذي كان في عداد كشافة لبنان وكان مسعفاً متطوعاً في الصليب الأحمر ثم برع مهندساً من الطراز الرفيع ورجل أعمال من الصف الأول، رأى في العمل السياسي واجباً كما في العمل الاجتماعي والأنساني وأثبت في كل الظروف انه رجل استثنائي في الزمن الاستثنائي . سُجلت باسمه براءات اختراع وفي عصر انقطاع الأنفاس مع تفشي فيروس كورونا، أعطى افرام جرعة أمل كبيرة مع أوكسيجين يتنفسه اللبناني من خلال نجاح فريقه الهندسي والتقني في شركة فينيكس (التي يعتبرها ابنته) من مجموعة "اندفكو" بصناعة جهاز تنفس اصطناعي لبناني بمواصفات عالية وتقنيات عالمية دقيقة ومتطورة متعددة الاستعمالات، لصالح غرف العناية الفائقة في المستشفيات اللبنانية. وبهذه المبادرة الخلاقة نجح بالتحدي محققاً إنجازاً وطنياً بامتياز.
اليوم لا يخفي المؤسساتي نعمة افرام خوفه على لبنان الذي سقط في الهاوية على حد تعبيره وكان توقع انهياره قبل 17 تشرين . ويرى في الشباب اللبناني الواعي سبيلًاً للإنقاذ والتغييرالمنشود ، الطريق الوحيد الى لبنان الجديد. أما الوصول الى هذا ال"لبنان" فيحتاج الى رجالات دولة من قماشة نعمة افرام الذي يرى كثيرون أنه يملك كل العدّة المطلوبة ليكون يوماَ الماروني الأول في لبنان، ولو بعد حين.
بهيج أبو غانم