ريّا الحسن.. أول وزيرة للداخلية في لبنان والعالم العربي و..«نقطة عالسطر»، بل هي نقاط بالجملة سجّلتها صاحبة السلوك الحسن في حياتها المهنية وفي المناصب الحساسة التي تولتها، فاستحقت لقب «وزيرة المهمات الصعبة»، وقد يكون هذا الإختيار المدوّي للرئيس الحريري شكّل بعضاً من تعويض عن تأخير تشكيل الحكومة تسعة أشهر بفعل الخلافات والسجالات السياسية العقيمة التي أمعنت في تفاقم الأزمة ووضعت البلاد على حافة الإنهيار.
صحيح أن حكومة «إلى العمل» حققت رقماً قياسياً وأحدثت مفاجأة مع أربع وزيرات، إلا أن «أم المفاجآت» كانت بإختيار ريّا الحسن لهذا المنصب الحساس لتكون مؤتمنة على أمن اللبنانيين بعد أن كانت في السابق مؤتمنة على جيوبهم.
فهذه السيدة الآتية من عالم المال والأرقام، باتت رقماً صعباً في المعادلة وصار لها مع الرقم واحد حكاية. فبعد أن كانت أول إمرأة تتولى حقيبة وزارة المال ما بين 2009
و2011، باتت اليوم «الرقم واحد» في المسؤولية الأمنية عندما اختيرت لتتربّع على رأس وزارة الداخلية اللبنانية، وهي لا تخفي فخرها بأن يكون الرئيس الحريري منحها ثقته مرتين عندما عيّنها على رأس وزارتين حساستين تنطويان على مهمات صعبة ودقيقة.
لا شك في أن الرئيس سعد الحريري الذي يثق بقدرة المرأة على الوصول إلى مواقع صنع القرار لم يأتِ قراره إعطاء الحسن فرصة أن تكون «السيدة الأولى» في الداخلية، ارتجالياً ولا من عدم. فالوزيرة المتواضعة المشهود لها بجديتها وإلتزامها بالقواعد المهنية استحقت بجدارة حقيبة سيادية استراتيجية، واذا كان انتقاؤها لهذا المنصب شكل مفاجأة لكثيرين ولها أيضاً، إلا أن عارفيها لم يفاجأوا ولم يستغربوا الأمر على سيدة راكمت خلال حياتها المهنية سواء في الخاص أم في الشأن العام خبرة كبيرة في عالم المال والأعمال حيث أثبتت مصداقية وشفافية. فـ الحسن التي أشرفت على مشاريع عدة أبرزها برنامج الحوكمة الإقتصادية، وساهمت في العام 2005 في تطوير برنامج مؤتمري باريس 2 و3 خلال حكومة الرئيس السنيورة، عُيّنت في العام 2015 مديرة عامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس.
من المؤكد أن أمام ريّا الحسن التي يمكن وصفها بأنها وزيرة بـ «خمس نجوم»، تحديات كثيرة لا يبدو أنها ستستسلم لها. فالوزيرة النشطة التي حرّكت الشارع منذ اللحظات الأولى لاستلامها مهامها عندما أمرت بإزالة البلوكات الإسمنتية من أمام وزارة الداخلية وكافة الشوارع، أحدثت أيضاً «خضّة» في البلد عندما قررت أن تفتح باب النقاش والحوار حول فكرة الزواج المدني محاولة ًخرق الجدار الإسمنتي الطائفي القائم حول هذا الموضوع.
وأياً كانت نتيجة هذا الطرح الذي نراه محقاً كفكرة لكن توقيته غير مناسب، يكفي هذه الوزيرة فخراً أنها لا تساوم على حرية الرأي وهي متصالحة مع نفسها بعيداً من الحسابات المصلحية أو القرارات الشعبوية.
في أي حال... هذا أول الخيط ، ويبدو أن حبل القرارات الجريئة على الجرار .. ونحن في الإنتظار.