د. عبد المنعم يوسف*
نهاية اسبوع حامية ومواجهة مستعرة بين إيلون ماسك، مدعوما من الإدارة الرسمية الأميركية، وبين الإتحاد الأوروبي. فهل يتعظ الوزير شارل الحاج في لبنان؟؟
"يجب حلّ الاتحاد الأوروبي" : بهذه العبارة النارية رد إيلون ماسك ليل السبت/الأحد على قرار الغرامة الأوروبية البالغة 140 مليون يورو المفروضة على منصة "إكس".
فليتحضر الحكماء في لبنان.
في خطوة تعكس تصعيدًا نارياً متزايدًا بين إدارات الاتحاد الأوروبي في بروكسل ورجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، فرض الاتحاد الأوروبي يوم امس غرامة مالية قدرها 120 مليون يورو على منصة «إكس» (تويتر سابقًا) بسبب مخالفات تتعلق بقانون الخدمات الرقمية الأوروبي ( : Digital Services Act : DSA).
إيلون ماسك، من جانبه، لم يتأخر في الردّ، داعيًا، ليس أقله، إلى «حلّ الاتحاد الأوروبي» من أساسه وإعادة السيادة إلى الدول الأعضاء. وقال ماسك في بيان نشر على منصته يوم امس السبت 6 كانون الأول ديسمبر : «يجب حلّ الاتحاد الأوروبي وإعادة السيادة إلى كل دولة حتى تتمكّن حكوماتها من تمثيل شعوبها بصورة أفضل» .وقد أثار تصريحه هذا عاصفة من التفاعل على الإنترنت، إذ تجاوز عدد التعليقات 10 آلاف، فيما تمت إعادة نشره نحو 20 ألف مرة.
وتتهم المفوضية الأوروبية منصة «إكس» بعدم الالتزام بمعايير الشفافية المفروضة بموجب قانون الخدمات الرقمية، ولا سيما ما يتعلق بسجلّ الإعلانات وإتاحة البيانات العامة للباحثين. وأمهلت إدارة مرقبة الخدمات الرقمية في بروكسل منصة " X ستين يوم عمل» لتصحيح آلية منح العلامات الزرقاء، و«تسعين يومًا» لتقديم خطة عمل شاملة بشأن الشفافية الإعلانية. وستقوم المفوضية لاحقًا بتقييم تلك الإجراءات خلال شهرين قبل تحديد مهلة نهائية للتنفيذ، محذّرة من إمكان فرض «غرامات دورية إضافية» في حال استمرار المخالفة.
روبيو على الجبهة الأمامية: "الإتحاد الأوروبي يهاجم الشركات الرقمية الأمريكية".
وقد أثارت هذه العقوبة غضب الإدارة الأمريكية، حيث اعتبر وزير الخارجية، ماركو روبيو، أن «الغرامة الأوروبية البالغة 140 مليون دولار ليست مجرد استهداف لمنصة (إكس)، بل هي هجوم على جميع شركات التكنولوجيا الأميركية وعلى الشعب الأمريكي من قبل حكومات أجنبية». وأضاف: «عهد الرقابة على الأمريكيين عبر الإنترنت قد انتهى»، من دون أن يوضح الخطوات التي سيعتمدها لمواجهة القرار الأوروبي. وسرعان ما أيّد نائب الرئيس الأمريكي، جي. دي. فانس، موقف روبيو، قائلاً في منشور له على المنصة ذاتها: «تتداول شائعات بأن المفوضية الأوروبية تستعدّ لفرض غرامة بمئات الملايين من الدولارات بسبب رفض الخضوع للرقابة. على الاتحاد الأوروبي أن يدعم حرية التعبير بدلًا من معاقبة الشركات الأمريكية على تفاهات كهذه». وقد نشر فانس تصريحه قبيل الإعلان الرسمي الصادر عن المفوضية الأوروبية، مبالغاً في أرقام الغرامة.
إن التصريحات النارية لرجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، صاحب شركة سبايس إكس وشبكات خدمات ستارلينك في العالم ضد الاتحاد الأوروبي وضد دوائر الرقابة فيه، تظهر ان الرجل يعتبر نفسه أقوى من الإتحاد الأوروبي برمته وفوق الأنظمة والقوانين والتشريعات الرقمية الأوروبية المنظمة لخدمات شركاته في السوق الأوروبية، وفوق الإطار السياسي والسيادي للإتحاد الاوروبي. ويحظى إيلون ماسك في هذه المواجهة بدعم مباشر من الإدارة السياسية الأمريكية.
لقد أعطت الدولة اللبنانية، بموجب مرسوم صادر عن الحكومة اللبنانية مجتمعة، ترخيصا لخدمات ستارلينك التابعة لشركة "سبايس إكس" على كامل الأراضي اللبنانية دون اي ضوابط تنظيمية لهذه الخدمات ودون اية شروط احترازية لضمان وحماية نوعية وأمن معلومات اللبنانيين ودون اي دفتر شروط قانوني وإداري، وفي غياب التشريعات الرقمية الواجبة والضرورية. فهل اتخذ الوزير شارل الحاج، ومن ورائه الحكومة اللبنانية وأجهزتها الرقابية والقضائية، الاحتياطات الواجبة في حال حدوث اية مخالفات في استثمار وتأمين خدمات ستارلينك في لبنان (سيما وأن المعطيات الرقمية للمشتركين اللبنانيين سوف تتواجد وتحفظ وتدار على خوادم رقمية خارج لبنان، في دولة قطر)، او يظن الوزير شارل الحاج والحكومة اللبنانية والهيئة المنظمة للاتصالات انهم أقوى من الإتحاد الأوروبي واشد مراساً منه في المواجهة مع إيلون ماسك عند اول شكوى او مخالفة. او ربما يظن ان الوزير شارل الحاج انه "يمون" على إيلون ماسك لأنه صديقه ولأنه يتواصل معه باستمرار هاتفياً.
*المدير العام لوزارة الإتصالات اللبنانية سابقاً




