كتبت:هالة ياقوت
قال د. محمد الجوهري، الخبير الإقتصادي ورئيس مركز أكسفورد للبحوث والدراسات الاقتصادية، إن الإغلاق الحكومي الأميركي يعد حدثاً سياسياً واقتصادياً كبيراً يحمل آثاراً ملموسة داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، فهو يبطئ النمو الاقتصادي الأميركي، ويؤثر على ثقة الأسواق، وقد يمتد تأثيره إلى الاقتصادات العربية عبر قنوات غير مباشرة، وتابع:"أما بخصوص نهايته فالسيناريو الأقرب هو حل مؤقت خلال الأسابيع المقبلة إذا ما استمر الضغط الداخلي والخارجي على صانعي القرار في واشنطن".
مفهوم الإغلاق الحكومي
وأوضح الجوهري، أن الإغلاق الحكومي "Government Shutdown" يقصد به توقف أو تعليق جزئي لوظائف ووحدات الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة بسبب فشل الكونغرس أو السلطة التشريعية في إقرار قوانين الإنفاق المطلوبة لتمويل الوزارات والوكالات الفيدرالية في بداية السنة المالية أو عند انتهاء الإذن المؤقت "Continuing Resolution" واضاف "عندما ينتهي مفعول الميزانيات أو التصاريح المؤقتة لتمويل الحكومة، ولم يتم الاتفاق على تمويل جديد، فإن بعض الوكالات توقف معظم نشاطها، ويسجل إيقاف مؤقت للإنفاق الحكومي غير الضروري".
آثار الإغلاق على الاقتصاد الأميركي
أما عن آثاره في الداخل الأميركي، قال الجوهري إن الموظفين الفيدراليين في الوظائف غير الأساسية يعلقون (furlough) أو يطلب منهم العمل بدون أجر، بالإضافة إلى أن بعض الخدمات الحكومية تجمد، مثل المتنزهات الوطنية أو بعض المتاحف، وبعض العقود والتراخيص الجديدة تتأخر، ويستثنى من ذلك عادة الإنفاق الإلزامي مثل الضمان الاجتماعي، المعاشات والوظائف الأساسية للحفاظ على الحياة والسلامة.
هل يؤثر الإغلاق على نمو الاقتصاد الأميركي؟
وشدد الخبير الإقتصادي، على أن الإغلاق الحكومي يؤثر على نمو الاقتصاد الأميركي، وتابع:"هناك دلائل قوية إنه يبدأ يؤثر بالفعل، وتأثيره قد يكون مهماً إذا استمر طويلاً وفق تحليل من Goldman Sachs، فإن إغلاقاً شاملاً من المحتمل أن يخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنحو 0.15 إلى 0.2 نقطة مئوية لكل أسبوع من الإغلاق، ووفق تحليلات أخرى تشير إلى أن كل أسبوع إغلاق يمكن أن يقلص النمو بـ0.1 نقطة مئوية تقريباً في ربع السنة الرابع، بما يعادل نحو 7 مليار دولار من الناتج الاقتصادي الأميركي .. تقديرات رسمية من Congressional Budget Office (CBO) تقول إن الإغلاق الذي بدأ في 2025 قد يكلف الاقتصاد الأميركي ما بين 7 – 14 مليار دولار إذا استمر من 4 إلى 8 أسابيع، وتوضح التقارير أن الإغلاق يعد عاملاً سلبياً على نمو الاقتصاد الأميركي، ويفضل إنهاؤه سريعاً لتقليل الأثر".
انعكاس الاغلاق الأميركي على الأسواق العربية
وعن تأثير الإغلاق الأميركي على الاقتصادات العربية، قال الجوهري، إن الارتباط بين الاقتصاد الأميركي والاقتصادات العربية ليس مباشراً في كل الحالات، لكن هناك عدد من القنوات التي يمكن من خلالها أن يحدث تأثير، وبعضها بدأ يظهر بالفعل، ومن أهم هذه القنوات التجارة والاستيراد والتصدير، وسلاسل التوريد والتمويل، وأسواق المال والمزاج العام، وقطاع السفر والسياحة"، مشيراً إلى أنه إذا استمر الإغلاق لفترة طويلة، فستزداد احتمالية تأثيرات ثانوية على الاقتصادات العربية خصوصاً الدول التي لديها ارتباط عالي مع الولايات المتحدة من حيث التجارة أو الاستثمار أو التمويل.
ولفت الخبير الإقتصادي، إلى أن بعض الخبراء يرون أنه مع تصاعد الضغط الشعبي والإعلامي، من المتوقع أن يتم التوصل إلى حل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكن لا يمكن الجزم بموعد محدد لإنهاء الإغلاق، موضحاً أن هناك توقعات وتحركات جدية نحو إنهائه، لكن المآلات لا تزال غير واضحة بالكامل ، وتشير التقارير إلى أن هناك تقدما في المحادثات بين أعضاء مجلس الشيوخ، إلا أن الخلافات السياسية ما زالت قائمة حول قضايا تمويل الرعاية الصحية والضرائب.
يذكر أنه بعد فشل الحزبين الرئيسين في الكونغرس، الجمهوري والديمقراطي، في الاتفاق على ميزانية لتمويل الحكومة قبل انتهاء يوم 30 سبتمبر 2025 ، وهو موعد انتهاء العمل بميزانية العام المالي المنتهي، اتجهت الحكومة الفدرالية للإغلاق، وهو الأول من نوعه منذ عام 2018، مع عدم وجود نهاية واضحة في الأفق، ومع سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض، وعلى أغلبية مجلسي الكونغرس، مجلس الشيوخ بأغلبية 53 عضوا مقابل 47 للديمقراطيين، وأغلبية 220 مقعدا مقابل 215 للديمقراطيين في مجلس النواب، لم يستطع الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمرير مشروع الميزانية للعام المالي الذي يبدأ في الأول من أكتوبر الماضي، ولا مشروعات ميزانية مؤقتة لمنع الإغلاق، لأن الحزب الجمهوري يفتقد لأغلبية الـ60% اللازمة لتمرير مشروعات الميزانية الفدرالية، وتم الإغلاق بعد أن فشل الجمهوريون والديمقراطيون في مجلس الشيوخ في الاتفاق على مشروعين من مشاريع قوانين التمويل.




