الرئيس جوزاف عون يفتتح الملتقى الإعلامي العربي:
لبنان منصة حاضنة للإعلام والابداع

05.11.2025
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

الإعلام شريك في التنمية، وصانع الرأي، وراعي للحرية

تأكيدًا على ريادة لبنان الإعلامية، افتتح فخامة رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، فعاليات الدورة الحادية والعشرين لـ "الملتقى الإعلامي العربي"، تحت شعار: "الإعلام والتنمية المستدامة: شركاء الحاضر - حلفاء المستقبل". وقد نُظم الملتقى بالتعاون مع وزارة الإعلام في مركز التدريب والمؤتمرات بمبنى الإدارة العامة لشركة طيران الشرق الأوسط، يومي 29 و30 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

حضر جلسة الافتتاح، إلى جانب العماد عون، كل من: الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الإعلام المحامي د. بول مرقص، ووزير شؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، بالإضافة إلى سفراء كل من المملكة العربية السعودية د. وليد بخاري، والأردن وليد الحديد، والنرويج هيلدا هارالدستاد، وفرنسا هيرفيه ماغرو. كما شارك عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية البارزة، بينهم النائب جورج عدوان، ورئيس هيئة الاتصالات في العراق د. نوفل أبو رغيف، والأمين العام للملتقى المستشار ماضي عبد الله الخميس، ومدير المعهد العربي للتخطيط د. عادل الوقيان، إلى جانب وزراء ونواب ومسؤولين وإعلاميين وأكاديميين وصنّاع قرار وخبراء وفنانين من لبنان ومختلف الدول العربية.

على مدى يومين، ناقش الملتقى، من خلال جلسات حوارية وورش عمل، واقع الإعلام العربي في ظل التحولات التقنية، ودوره في صون الهوية الوطنية وتعزيز الوعي المجتمعي، كما استشرف مستقبل المهنة في عصر الذكاء الاصطناعي والمحتوى الرقمي. وشهد الملتقى مشاركة واسعة من خبراء وإعلاميين وطلاب كليات الإعلام في الجامعات اللبنانية، الذين استفادوا من تجارب عملية وتدريب مباشر تناول الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي.

رؤية مستقبلية لتطوير الإعلام العربي

في ختام الفعاليات، أصدر المشاركون توصيات تعكس رؤيتهم لتطوير المشهد الإعلامي العربي، مؤكدين على أهمية صون حرية الرأي والتعبير باعتبارها ركيزة أساسية لأي مشروع إعلامي عربي، مع الدعوة إلى تهيئة بيئة تشريعية وتشغيلية تضمن ممارسة هذه الحرية بمسؤولية مهنية ووطنية. كما حثّوا الدول العربية على تعزيز التكامل الإعلامي من خلال وضع آليات مشتركة لتبادل الأخبار والمضامين الإعلامية، وتنسيق السياسات الاتصالية بما يخدم قضايا الأمة العربية ويعزز وحدتها الفكرية والثقافية.

وشدّد الملتقى على تعزيز الفعاليات والملتقيات والدورات التدريبية المشتركة لتبادل الخبرات وتطوير القدرات الإعلامية في المؤسسات العربية، مع التركيز على دعم الشباب من خلال برامج التأهيل والتمكين المهني، وإطلاق مبادرات ومسابقات تشجع الإبداع الإعلامي، وتعزيز دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والإعلامية. كما أيد المشاركون إنشاء "منصة الإبداع الإعلامي العربي" لدعم المواهب والمشاريع الابتكارية، داعين جامعة الدول العربية لتبنيها رسميًا، مع التأكيد على أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي لضمان تنافسية المؤسسات الإعلامية وابتكارها في الإنتاج والتحرير الرقمي والاتصال الجماهيري.

وأوصى الملتقى بمراجعة القوانين الإعلامية في الدول العربية لتواكب متطلبات العصر الرقمي، مع الحفاظ على التوازن بين حرية التعبير وحماية الخصوصية ومكافحة التضليل الإعلامي، وإقرار تشريعات عربية نموذجية تراعي المعايير الدولية وتلبي الاحتياجات الوطنية. كما دعا إلى إنشاء "مرصد عربي للتطورات الإعلامية" لرصد المستجدات التقنية والقانونية وإصدار تقارير سنوية حول أثر التحولات الرقمية على المشهد الإعلامي العربي.

وأكد المشاركون في الملتقى ضرورة تعزيز الشراكة بين المؤسسات الإعلامية والجامعات ومراكز البحث، لتطوير برامج تعليمية حديثة في مجالات الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى الإبداعي. كما شددوا على أهمية توحيد الجهود العربية بين وزارات الإعلام والمؤسسات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية لمواجهة التحديات المشتركة، ولا سيّما مكافحة الأخبار الزائفة وصون أخلاقيات المهنة.

كما طالبوا بإطلاق حملات توعوية عربية مشتركة تعزّز قيم الحوار والتسامح، وتدعم مسارات التنمية المستدامة عبر خطاب إعلامي إيجابي يربط بين الوعي والمعرفة والتقدّم. كما دعا إلى إنشاء صندوق عربي لدعم المبادرات الإعلامية الشبابية بإشراف الأمانة العامة للملتقى، وتوسيع آفاق التعاون مع المؤسسات العربية والدولية العاملة في مجالات الاتصال والإعلام والتدريب والبحث العلمي.

واختُتمت أعمال الملتقى بالتأكيد على أهمية تنظيم فعاليات إعلامية مقبلة في لبنان، تسهم في تعزيز حضوره الثقافي والإعلامي، وتوجَّهت الشكر والتقدير إلى الشركاء والرعاة وكل من ساهم في إنجاح فعاليات الملتقى.

عون: الإعلام خط الدفاع الأول عن الحقيقة

يُشار إلى أن حفل الافتتاح شهد كلمات رسمية، أبرزها كلمة رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، التي تناولت التحديات الكبرى التي يواجهها الإعلام في عصر "ما بعد الحقيقة"، مشيرًا إلى أن مقولة 'الحقيقة مملة باهتة، والإشاعة جذابة مثيرة' تعكس إشكالية العصر الراهن، وتعبّر عن معاناة المسؤولين الإعلاميين، كما تُبرز مسؤولية الإعلاميين أنفسهم في صون الحقيقة والحفاظ عليها

وأوضح عون أن زمننا الحالي يشهد انقلابات في القيم والمعايير، حيث لم تعد الحقيقة قيمة مطلقة، وأن هذا الواقع يشكل معضلة عالمية يجب مواجهتها بالسعي المستمر للحفاظ على الحقائق. كما شدد على أن الحكومات والمجتمعات لا يمكن أن تحقق الخير دون إعلام صادق ومسؤول، وأن الشعبويات الكارثية تقوم على التضليل واستثمار الغرائز والشعبويات بدل الحقائق.

وتطرق إلى مسؤولية الإعلاميين في هذا العصر، مشيرًا إلى التحولات الكبيرة في وسائل الإعلام عبر التاريخ، من الكلمة المكتوبة إلى المسموعة والمرئية، وصولًا إلى الإعلام الرقمي والثورة التكنولوجية الحالية. واعتبر أن الإعلاميين هم "رسل هذا العصر"، مسؤولون عن الحفاظ على استقلاليتهم المالية والمهنية، وضمان أن يظل الخبر مبنيًا على الحقيقة، وخير الإنسان هدفه الأسمى.

وأشار عون إلى أهمية المرجعية الدولية والقانونية، مستشهداً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يكفل حرية التعبير وفق المادة 19، مع احترام حقوق الآخرين وفق المادة 29، داعيًا الإعلاميين لمناقشة هذه المواد والانطلاق منها في ممارسة مهنتهم. واختتم رئيس الجمهورية بدعوة الإعلاميين ليظلوا "مستكشفين للحقيقة، مبشرين بها في كل كلمة وصوت وصورة"، مستندين إلى كرامتهم الإنسانية وأخلاقياتهم المهنية، مؤكدًا أن لبنان يمثل رمز الكلمة الحرة، وأن الإعلام الحر والمسؤول هو الطريق لتحقيق الخير والازدهار لشعوب المنطقة.

أبو الغيط: الإعلام ركيزة التنمية

من جهته، أشار أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى دور الإعلام في التنمية، مؤكّدًا أنه ليس مجرد ناقل للأخبار، بل شريك أساسي يربط المسؤول بالمواطن، ويوجه المجتمعات نحو المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية المستدامة، مشدّدًا على أنّ المواطن هو الهدف والوسيلة في العملية التنموية.

ولفت أبو الغيط إلى أن التنمية هي القضية الأولى على أجندة الدول والمجتمعات العربية، مؤكّدًا أن المواطن هو محور العملية التنموية وهدفها في الوقت نفسه، وأن الإعلام الواعي والمسؤول شريك أساسي في التنمية لما له من تأثير على المجتمع، من خلال توعية المواطنين بأهمية العملية التنموية وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة فيها.

وتطرّق إلى الوضع في لبنان، مؤكّدًا دعم جامعة الدول العربية للانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضيه وتطبيق القرار 1701، ومشيدًا بدور الجيش اللبناني في حماية سيادة الدولة ومنع الانجرار وراء محاولات إثارة الفرقة. واختتم بدعوة الإعلام العربي لمواكبة التطورات التكنولوجية والفكرية، والابتعاد عن التحريض وإثارة الفتن، مشددًا على أهمية إعلام يوجه المجتمعات نحو التفكير والإبداع والنقد البنّاء، ويسهم في التقدّم ويقود الشعوب نحو المستقبل.

الوقيان: الإعلام قوة دافعة للأمل والمستقبل

في كلمته، أشار أ.د. عادل الوقيان، المدير العام للمعهد العربي للتخطيط، إلى أن انعقاد الملتقى في بيروت، منارة الفكر والحرية، يحمل دلالات رمزية، مؤكداً أن الإعلام اليوم شريك أساسي في التنمية وقوة دافعة لصناعة الأمل وبناء المستقبل، من خلال تحريك طاقات المجتمعات نحو الابتكار، وتعزيز العدالة والشفافية، وتمكين الشباب والمرأة، ودعم الاقتصاد الأخضر والمعرفة الرقمية.

ولفت الوقيان إلى أهمية التحول من الإعلام التنموي إلى التنمية الإعلامية، موضحاً أن الإعلام قادر على ردم الفجوة بين السياسات العامة واحتياجات المجتمع، وتحفيز المؤسسات على الشفافية والمساءلة. كما استعرض دور المعهد العربي للتخطيط بالكويت في دعم الإعلام التنموي من خلال برامج تدريبية وبحثية وتعزيز الشراكات.

وأكد أن الإعلام العربي يمتلك فرصة تاريخية ليصبح قوة للتنمية المستدامة، شرط جمع الحرية بالمسؤولية، والمهنية بالرسالة، والمصداقية بالابتكار. وختم بتقديم التقدير للأمانة العامة للملتقى، ولجهود الأستاذ ماضي عبد الله الخميس، وللبنان حكومة وشعباً على احتضان الحدث.

الخميس: الإعلام رافد للوعي وصانع للرأي

أما المستشار ماضي عبد الله الخميس، الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي، فقد أكد أن الإعلام العربي أصبح اليوم شريكًا أساسيًا في التنمية وصناعة الوعي، مشيرًا إلى أن شعار الملتقى لهذا العام "الإعلام والتنمية.. شركاء الحاضر وتحالف المستقبل" يمثل أكثر من كلمات على لافتة، بل رؤية عميقة لمستقبل أمة تدرك أن التنمية لا تقوم بلا إعلام، وأن الإعلام بلا رسالة تنموية يتحوّل إلى صدى عابر أو فراغ متكرر.

وأضاف أن الهدف من اللقاء ليس تكرار الماضي أو حصر الخسائر، بل صياغة رؤية جديدة تتجاوز التنظير إلى ميادين التطبيق، لتضع الإعلام العربي في مكانه الطبيعي كقوة فاعلة في التنمية، لا مجرد ناقل للأخبار. وأوضح أن الإعلام اليوم ليس رفاهية، بل قوة ناعمة وجيش صامت، وسلاح لا يُرى بالعين المجردة، لكنه يخترق العقول ويصوغ الوجدان، صانعًا للرأي ومهندسًا للوعي الجمعي للأمة.

وجدّد الخميس التزامه بمكانة لبنان كمنصة حاضنة للإعلام العربي، وراية للكلمة الحرة، مؤكّدًا أن بيروت ستظل مدينة مفتوحة للحوار والكلمة الحرة، ومرفأً للإعلام الذي يحافظ على أمل الأمة ويصون حريتها، معلنًا أن الملتقى سيستمر في تعزيز دور الإعلام العربي كشريك أصيل في التنمية وصانع للوعي وباني للجسور بين الشعوب.

مرقص: بيروت واحة الفكر والإعلام الحر

قال د. بول مرقص، وزير الإعلام اللبناني، إن لبنان يمثل حاضنًا للفكر والثقافة والإبداع وموطنًا للكلمة الحرة منذ آلاف السنين، مشيرًا إلى تاريخ بيروت الإعلامي والأدبي العريق، بدءًا من تأسيس مدرسة عين ورقة قبل 227 عامًا، مرورًا بإطلاق أول تلفزيون وإذاعة عربية، وصولًا إلى الصحف والمجلات التي جعلت من بيروت ورشة فكر وأدب وثقافة لا تهدأ.

وأضاف أن لبنان لطالما كان مصدر إلهام للشرق العربي من خلال أعلام الفكر والأدب مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ومي زيادة، وصولًا إلى فنانيه ورموزه الإعلامية والثقافية، لافتًا إلى أن الإعلام اللبناني ظل طوال العقود الماضية حاميًا للكلمة الحرة ومعبرًا عن هموم وآمال الأمة.

وأشار مرقص إلى أن الملتقى هذا العام يأتي في عهد الرئيس جوزاف عون، الذي يسعى إلى تعزيز الإعلام الحر والمسؤول ورفع مكانة لبنان كمنصة عربية للإبداع والحوار، مؤكدًا أن الإعلام قادر على المساهمة في النهضة الوطنية وتجسيد الأمل في المستقبل. وختم مرقص كلمته بتوجيه الشكر لكل الجهات والشركاء الذين ساهموا في إنجاح الملتقى، مؤكدًا أن لبنان سيبقى رمزًا للإعلام الحر والمسؤول وللإبداع العربي المستدام.

وخلال الملتقى، تم تكريم مجموعة من الإعلاميين والإعلاميات والمساهمين في إنجاح الفعالية، كما قدّم الأمين العام ماضي عبد الله خميس درعًا تكريميًا للوزير مرقص.