د. ميلاد السبعلي
رغم أن معظم الحكومات العربية تتحدث اليوم عن ضرورة تسريع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، إلا أن هذا الخطاب غالباً ما يُطرح من دون وعي كامل لمستلزمات هذا التحول العميق، وباستسهال واضح لفكرة الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي من خلال تدريب أو شراء برامج جاهزة، من دون بناء الأساس الحقيقي الذي يقوم عليه هذا العصر.
فلكي تدخل الدول العربية ميدان الذكاء الاصطناعي كمنتجين ومنافسين لا كمستهلكين لتطبيقات الآخرين، لا بدّ من إدراك أن الثورة المقبلة ليست برمجيات أو روبوتات فقط، بل بنية تحتية عملاقة تُعرف بالنيوكلاود (Neocloud) وهي بمثابة المصانع الحديثة للذكاء الاصطناعي، التي تتطلب استثمارات ضخمة، وتكاملاً إقليميًا، ورأسمالًا بشريًا متطورًا قادرًا على الإنتاج والابتكار، لا مجرد الاستخدام.
يأتي هذا المقال لتوضيح أهمية البنية التحتية الذكية اللازمة لدخول هذا العصر، واستكشاف كيف يمكن للعالم العربي أن يبني مصانعه الرقمية الخاصة، ويؤسس لنهضته في زمن الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي.
مقدمة تكنولوجية
يدخل العالم اليوم مرحلة غير مسبوقة في تاريخه: مرحلة لا يُقاس فيها التقدّم فقط بالمصانع التقليدية أو حجم الاقتصاد الصناعي، بل بقدرة الدول على امتلاك "المصانع الرقمية" التي تُنتج الذكاء الاصطناعي. هذه المصانع ليست آلات معدنية أو خطوط إنتاج، بل هي مراكز بيانات جبّارة، مزوّدة بعشرات الآلاف من وحدات المعالجة الرسومية GPUs، (هي رقاقات إلكترونية متخصصة قادرة على تنفيذ ملايين العمليات الحسابية المتوازية بسرعة هائلة، ما يجعلها مثالية لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي)، وتستهلك هذه المراكز مئات الميغاوات (MW) أو الجيغاوات (GW) من الطاقة، وتُدار بأنظمة سحابية متخصّصة تُعرف باسم النيوكلاود (Neoclouds)
إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل هو بنية تحتية استراتيجية ستحدد من يقود الاقتصاد العالمي ومن يتراجع إلى صفوف المستهلكين. لذلك فإن السباق الدائر اليوم حول بناء قدرات حوسبة ضخمة (AI Compute) ليس سباقاً تقنياً فحسب، بل هو سباق سيادي، اقتصادي، وجيوسياسي بكل معنى الكلمة.
أولاً: ماهية البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ولماذا هي ضرورية
من دون مراكز حوسبة ضخمة، لا يمكن لأي دولة أن تطوّر نماذجها الذكية أو تدير بياناتها السيادية بأمان. كل تطبيق للذكاء الاصطناعي، من السيارات ذاتية القيادة إلى الروبوتات الصناعية، ومن الطب الدقيق إلى النماذج اللغوية الكبيرة، يحتاج إلى قوة حوسبة هائلة.
النيوكلاود ليست مجرد خدمات سحابية مثل تلك التي تقدمها Amazon أو Microsoft، بل هي جيل جديد من البنى التحتية المصمّمة خصيصاً للذكاء الاصطناعي:
- مزوّدة بمئات الآلاف من GPUs المتصلة بشبكات فائقة السرعة، في ما يسمى حرماً حوسبياً (GPU Campus).
- تعتمد على طاقة كهربائية ضخمة، قد تصل إلى غيغاوات (GW) كاملة لتشغيل "حرم حوسبي" واحد.
- مهيّأة لتشغيل عمليات تدريب النماذج العملاقة (training) وتشغيلها الفعلي (inference) بموثوقية عالية وزمن استجابة منخفض (low latency).
ويمكن انشاء عدة GPU Campuses في عدة مناطق ودول، مرتبطة بشبكات سريعة، وربطها وادارتها من خلال نيوكلاود موحدة. الدول التي لا تمتلك هذه البنية ستكون مجبرة على شراء خدماتها من الخارج، فتفقد سيادتها الرقمية وتصبح مجرد سوق مستهلكة. أما الدول التي تبنيها، فإنها لا تحمي أمنها الرقمي فحسب، بل تتحوّل إلى مُصدّر عالمي لخدمات الذكاء الاصطناعي.
ثانياً: العلاقة بين الـ GPUs واستهلاك الـطاقة MWوالاستثمارات المطلوبة
كل وحدة معالجة رسومية (GPU) متطورة مثل NVIDIA H100 أو Blackwell GB200/300 تحتاج إلى ما بين نصف كيلوواط إلى 1 كيلوواط من الطاقة لتعمل. وعندما نضع آلافاً منها في مركز بيانات أو حرم حوسبي (GPU Campus)، يصبح الاستهلاك في خانة الميغاوات (MW)، وحين نصل إلى عشرات أو مئات الآلاف من الوحدات، نحتاج إلى مئات الميغاوات وربما غيغاوات (GW). ولفهم العلاقة بين القدرة الحاسوبية واستهلاك الطاقة والاستثمار المطلوب، يمكن النظر الى النماذج التالية:
• مركز بيانات صغير للبحث والتطوير (5–20 MW): قادر على استضافة بضعة آلاف من الـ GPUs، تكلفته بين 100 و 400 مليون دولار.
• مركز إقليمي متوسط (100–300 MW): يستضيف عشرات الآلاف من الـ GPUs، تكلفته ما بين 2 و 5 مليارات دولار.
• حرم عالمي ضخم بقدرة 1+ GW: يستضيف مئات الآلاف وربما الملايين من الـ GPUs، بتكلفة تتراوح بين 10 و 20 مليار دولار أو أكثر.
هذه الأرقام توضّح أن بناء النيوكلاود هو استثمار يعادل بناء مصانع عملاقة أو مطارات دولية، لكنه في هذه الحالة مصنع للعقول الاصطناعية، لا للسلع التقليدية.
ثالثاً: المشهد الدولي—سباق تسلح تكنولوجي جديد
العالم يعيش اليوم سباقاً محموماً يُشبه "سباق التسلح الرقمي"، حيث تتحوّل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي إلى مورد استراتيجي يوازي النفط والغاز والسلاح في القرن الماضي.
الولايات المتحدة: القوة العظمى في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي
الولايات المتحدة هي اللاعب الأضخم في سباق AI Compute، حيث تقود شركات التكنولوجيا العملاقة Microsoft، وGoogle، وAmazon (AWS)، وOracle إلى جانب النيكلودات الناشئة مثل CoreWeave، استثمارات بعشرات المليارات لبناء ما يمكن وصفه بـ “مصانع الذكاء الاصطناعي".
- شركة Microsoft ضخت أكثر من 13 مليار دولار في OpenAI وتبني مراكز بيانات بقدرات مئات الميغاوات عبر Azure.
- شركة Google توسّع قدراتها عبر TPUs وGPUs باستثمارات تفوق10 مليارات دولار.
- شركة Amazon (AWS) تستثمر عشرات المليارات لتبقى أكبر مزوّد عالمي للخدمات السحابية.
- شركة Oracle تتعاون مع Nvidia لإنشاء مراكز بيانات في أكثر من 50 موقعًا عالميًا.
- شركة CoreWeave الناشئة أبرمت عقودًا بمليارات الدولارات مع Meta وOpenAI، كنموذج على قوة النيوكلاودات المتخصصة.
الصورة الواضحة: أميركا لا تملك مشروعًا أو اثنين، بل شبكة هائلة من الحُرُم الحوسبية التي تجعلها المركز الأول عالميًا لإنتاج الذكاء الاصطناعي وتصدير خدماته.
الصين: الصعود رغم القيود
• خصصت الحكومة الصينية أكثر من 70 مليار دولار خلال الأعوام الأخيرة لبناء مراكز بيانات عملاقة في بكين، شنغهاي، وشنتشن.
• شركات مثل Alibaba Cloud، Tencent Cloud، وHuawei Cloud تقود مشاريع لإنشاء "مصانع ذكاء اصطناعي" بقدرات مئات الميغاوات.
• رغم قيود التصدير الأميركية على أحدث وحدات Nvidia، تستثمر الصين بكثافة في تطوير معالجات محلية (مثل Ascend من Huawei).
الهدف المعلن: الوصول إلى اكتفاء ذاتي في البنية التحتية الذكية، وتحويل الصين إلى منافس لا يقل عن أميركا بحلول 2030.
أوروبا: بين الطموح والسيادة
• الاتحاد الأوروبي أعلن عن خطط لاستثمار 30 مليار يورو حتى 2030 عبر مبادرات مثل Gaia-X، لخلق "حوسبة سيادية" تحمي بيانات الأوروبيين من الهيمنة الأميركية.
• ألمانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية تعمل على مراكز بيانات تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة (شمسية، رياح، مائية) ، بطاقة تتجاوز 100–200 MW في بعض المواقع.
• شركات أوروبية مثل OVHcloud وAtos، إضافة إلى تحالفات مع Microsoft وGoogle Cloud، تبني منصات هجينة لضمان بقاء أوروبا في دائرة المنافسة.
البعد الجيوستراتيجي
هذا المشهد العالمي يوضّح أن البنية التحتية للذكاء الاصطناعي أصبحت عملة نفوذ جديدة، وميداناً جديداً لتوزيع النفوذ:
• الدول الغنية بالقدرات الحوسبية ستتحكم في من يمكنه تدريب النماذج، وفي أي شروط.
• الدول التي تبحث عن استضافة هذه "المصانع الرقمية" تختار مواقع و"موانئ آمنة" وفق معايير: كلفة الكهرباء، توفر الطاقة المتجددة، الموقع الجغرافي المناسب، استقرار التشريعات والسيادة القانونية، الشبكات السريعة وزمن الاستجابة (Latency).
• النتيجة: نشوء شبكة علاقات استراتيجية جديدة، حيث يصبح عقد إيجار أو شراكة في مركز بيانات مساوياً تقريبًا لاتفاقيات دفاع أو تجارة كبرى أو استيراد النفط والغاز.
رابعاً: العالم العربي بين الحاجة والفرصة
يحتاج العالم العربي اليوم إلى النيوكلاود كخيار استراتيجي مزدوج: لحماية بياناته وتطوير نماذج ذكاء اصطناعي عربية تخدم اقتصادات الصحة والتعليم والمالية، ولتحويل المنطقة إلى مصدّر عالمي لخدمات الحوسبة الذكية كما كان النفط والغاز ركيزة قوته في القرن الماضي.
الحاجة إلى النيوكلاود في العالم العربي لها بعدان أساسيان:
1. خدمة الاقتصادات المحلية وتطوير نماذج عربية: من الصحة إلى التعليم والمالية، تحتاج الدول العربية إلى مراكز بيانات محلية لحماية بياناتها وبناء نماذج ذكاء اصطناعي تتحدث العربية وتفهم ثقافتنا.
2. تصدير خدمات الذكاء الاصطناعي (AI Outsourcing): الدول القادرة على بناء نيوكلاود بمقاييس عالمية تستطيع أن تبيع خدمات الحوسبة الذكية للشركات الكبرى (OpenAI، Meta، Google) ، ما يجعلها مصدّراً عالمياً كما تصدّر النفط والغاز اليوم.
وهذه بعض النماذج العربية الرائدة:
- الإمارات
• صندوق MGX: صندوق إماراتي مخصص للاستثمار في الذكاء الاصطناعي بحجم يصل إلى 100 مليار دولار.
• مشروع مجموعة G42 & Condor Galaxy: سلسلة حواسيب فائقة بالتعاون مع Cerebras، تُخطط لتوفير ExaFLOPs من القدرة الحوسبية، أي كوادرليون (10¹⁸) عملية حسابية عائمة في الثانية الواحدة.
• مشروع Stargate Project: مشروع بمشاركة OpenAI وOracle وNvidia بطاقة تصل إلى 1 GW.
- السعودية
• المركز الرقمي center3 من STC : استثمار 10 مليارات دولار لبلوغ 1 GW بحلول 2030.
• منظومة Humain مدعومة من الصندوق السيادي PIF: بناء مراكز بيانات 100 MW مع آلاف وحدات Nvidia Blackwell.
• شراكات مع AWS بقيمة 5.3 مليارات دولار لتطوير منطقة سحابية متقدمة.
- المغرب
• مشروع سيادي ضخم بقدرة 500 MW مع Nvidia وNaver، يعتمد على الطاقة المتجددة ليكون جسراً بين أوروبا وأفريقيا والعالم العربي.
- مصر والمشرق العربي (العراق، الأردن، لبنان، فلسطين، سوريا)
• تمتلك هذه الدول رأسمالاً بشرياً هائلاً في الذكاء الاصطناعي، لكنها تفتقر إلى الكهرباء الموثوقة والبنية التحتية.
• مصر تمتلك ميزة استراتيجية بفضل موقعها كمركز رئيسي للكابلات البحرية (SEA-ME-WE و2Africa) ، مما يجعلها مؤهلة لتكون محوراً إقليمياً.
• يمكن للعراق وسوريا ولبنان والأردن أن تطوّر مراكز صغيرة (2–10 MW) لتدريب النماذج المحلية وتشغيل التطبيقات السيادية، ضمن شبكة متكاملة مع مصر والخليج.
إضافة إلى البنى التحتية، يجب على الحكومات العربية الاستثمار في:
- إعداد الكوادر البشرية: عبر برامج تعليمية متقدمة ومنح خارجية.
- تشجيع الابتكار والشركات الناشئة: بحاضنات ومسرعات أعمال متخصصة في الذكاء الاصطناعي.
- دعم البحث العلمي: بإنشاء مختبرات مفتوحة مرتبطة مباشرة بالبنية الحوسبية المحلية.
خامسًا: أهمية التعاون الإقليمي — كيف تشمل بقية الدول (المشرق العربي ومصر) وتجنّب أن تكون مستهلكة فقط
لماذا التعاون ضروري؟ دول المشرق العربي ومصر تفتقر إلى القدرة المالية أو الاستقرار الكامل لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي بقدرات هائلة بمفردها.
لكن لديهم رأسمال بشري كبير، مع مهندسين وباحثين في الذكاء الاصطناعي، خريجين من جامعات عالمية، وفاعل في الجاليات التقنية في الخارج.
التعاون الإقليمي يسمح بـ:
• توزيع الأدوار: دول مثل الإمارات، السعودية، المغرب تبني المراكز الضخمة (العمود الفقري).
• مصر ودول الشام: تستضيف وحدات أصغر (حوسبة متوسطة، inference، مشاريع تجريبية).
• ربط شبكي مُحسَّن بين الدول؛ استخدام البنى التحتية الأقوى كاحتياط عند أي انقطاع أو أزمات.
• معيار موحد للتوافق (export-control، أمن، اتصالات، SLA): ليصبح العرض موحَّدًا عند المشترين الدوليين.
• بناء نماذج لغة عربية، تراثية وثقافية: عبر قاعدة بيانات مشتركة تديرها مراكز في الدول الشريكة لضمان السيادة الفكرية.
• جذب عقود استضافة الذكاء الاصطناعي من المؤسسات العالمية: عبر تقديم عرض جماعي يُنافس نيكلودات عالمية.
خيارات استراتيجية لدول المشرق العربي ومصر
• مصر: موقع مثالي كمَحور اتصالات (SEA-ME-WE و2Africa) ، مع إمكانيات طاقة شمسية وريحية، يمكن أن تصبح مركزًا محوريًا للتدريب والحوسبة الثقيلة.
• لبنان، الأردن، سورية، العراق، فلسطين: بناء مراكز مقياس متوسط (2–10 MW) تركّز على inference والمشاريع البحثية والحكومية، متصلة بالشبكات الإقليمية لتكامل التدريب.
• فدرالية الحوسبة: تشكيل تحالف عربي (Pan-Arab AI Compute Alliance) لتنسيق الأدوار والاستثمارات.
• الالتزام بالمعايير الدولية: التزام بمعايير تصدير الرقائق، أمن البيانات، الشفافية، والعقود الطويلة لجذب المشترين العالميين.
بهذه الطريقة، حتى الدول غير القادرة على بناء مراكز ضخمة اليوم تبقى جزءًا من المنظومة، وليست مجرد مستهلكة للتقنية.
سادسًا: الاستراتيجية الشاملة للذكاء الاصطناعي في العالم العربي
لكي يتحوّل العالم العربي من مستهلك للتكنولوجيا إلى مُبدِعٍ ورافدٍ في نموذج الذكاء الاصطناعي العالمي، يجب أن تتضمّن الاستراتيجية ما يلي:
• بنية الحوسبة (Neoclouds - مراكز بيانات متخصصة): توزيع المراكز عالية القدرات في الإمارات، السعودية، المغرب، مع نقاط تكميلية في مصر والمشرق العربي.
• إعداد الكوادر البشرية: استثمارات ضخمة في الجامعات والمعاهد والبرامج التدريبية، مع تركيز على علوم البيانات والتعلم العميق وأمن الذكاء الاصطناعي.
• تطوير النماذج العربية: بناء نماذج لغوية وصوتية وبصرية مخصصة للغة العربية ولهجاتها وثقافتها.
• البيانات السيادية: ضمان بقاء بيانات القطاعات الحيوية (الصحة، التعليم، البنوك، الحكومات) داخل مراكز بيانات عربية.
• تمويل مشترك وشراكات دولية: استقطاب رأس المال العربي والدولي مع ضمان عدم الانجرار إلى تبعية مفرطة.
• بوابة عرض موحَّد للعالم: تقديم خدمات حوسبة عربية (Compute-as-a-Service) تنافس عالميًا وتستقطب عقود الشركات الكبرى.
• إطار حكومي وتشريعي: سن تشريعات لحماية البيانات وتنظيم استيراد الرقائق وتوفير حوافز للطاقة المتجددة والاستثمار الطويل الأجل.
نحن اليوم أمام لحظة مفصلية في التاريخ، حيث لم يعد امتلاك الذكاء الاصطناعي ترفًا تقنيًا أو خيارًا استثماريًا، بل أصبح شرطًا للبقاء والمنافسة في عالم يُعاد تشكيله على أسس جديدة من القوة والمعرفة.
فإما أن تكتفي دولنا باستهلاك تطبيقات الآخرين كما فعلت في المراحل السابقة من التحول التكنولوجي، أو أن تبادر إلى بناء مصانعها الرقمية — النيوكلاود — لتكون طرفًا فاعلًا في إنتاج الذكاء نفسه لا مجرد مستخدم له.
الذكاء الاصطناعي هو ثروة القرن، ومن يمتلك مفاتيح الحوسبة يمتلك مفاتيح المستقبل. لذلك، فإن بناء بنية تحتية عربية موحّدة للذكاء الاصطناعي، قائمة على تكامل الاستثمارات وتطوير رأس المال البشري، هو الطريق نحو سيادة رقمية حقيقية تُعيد للعالم العربي مكانته كمنتج للمعرفة، ومساهمٍ في صياغة ملامح الاقتصاد العالمي الجديد.