الدكتور زياد بهاء الدين يكتب في "المصري اليوم"
ماذا تغير بعد الاعتراف بفلسطين؟

25.09.2025
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

تحت عنوان "ماذا تغير بعد الاعتراف بفلسطين؟"، كتب د. زياد بهاء الدين مقالاً في "المصري اليوم"، تناول فيه دلالات الاعتراف بدولة فلسطين، متسائلًا عن معناه الحقيقي من حيث أبعاده القانونية والسياسية والواقعية.

وقال إن فلسطين صارت دولة معترفًا بها من 157 دولة من 193 أعضاء الأمم المتحدة (مقارنة بعدد 78 ساندوا إعلان دولة فلسطين عام 1988، بلغوا 138 في 2012 مع اعتبارها "مراقبًا" في الأمم المتحدة).

ومن هنا، فإنّ الاعتراف بفلسطين ليس جديدا، وان كانت أهميته هذه المرة نابعة من ثقل المشاركين فيه، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا العضوتان في مجلس الأمن. ولكن المبالغة في الاحتفاء ليست في محلها للأسباب التالية:

- إن فلسطين سوف تظل "مراقبًا" في الأمم المتحدة لا عضوا كاملًا طالما كانت غير معترف بها من كل أعضاء مجلس الأمن الخمس. وبالتأكيد إن أميركا سوف تمارس حق "الفيتو" في هذا الشأن.

- إن دولة "فلسطين" لا تشمل إلا غزة وحوالي 40 في المئة من الضفة الغربية، وهي مساحة آخذة في التناقص والتفتيت مع كل توسع إسرائيلي، وكل تهجير للسكان، وكل إنشاء لمستوطنات جديدة.

- إن الاعتراف بفلسطين جاء في إطار قبول الشروط الإسرائيلية، والتي لخّصها الرئيس محمود عباس كالآتي:

(1) الإفراج الفوري عن الرهائن، (2) نزع السلاح من “حماس"، (3) عدم مشاركة "حماس" في المشهد السياسي، (4) عدم تسليح دولة فلسطين مستقبلًا.

- إن الاعتراف بفلسطين مقصود به التمهيد لما يسمى "حل الدولتين"، وهو حل غير واضح المعالم ولا يوجد تصور واقعي لتطبيقه ولا حتى اتفاق على ملامحه العامة.

-  الأهم مما سبق، أن العدوان على غزة، وحرب الإبادة الجماعية، وتجويع الأهالي، وطردهم كل يوم من موقع لآخر، لم يتوقف لحظة واحدة بل لا يزال مستمرا بذات الوتيرة.

وأشار بهاء الدين إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين، من ناحية أخرى، ليس بلا قيمة، وقيمته السياسية والمعنوية فيما يعبر عنه من تغيير كبير في الرأي العام الدولي، والذي تطور من الدعم المطلق لإسرائيل بعد "طوفان الأقصى"، إلى القلق من تجاوز رد الفعل لما هو مقبول، إلى الصدمة من تصاعد حرب الإبادة، إلى المطالبة بوقف هذه الحرب فورًا. ويؤكد هذا التغير أن الحكومة الإيطالية مثلا التي لم تعترف بفلسطين واجهت فورًا رد فعل شعبيًا وغاضبًا. كذلك عبّر معلقون إسرائيليون هذا الأسبوع عن انزعاجهم، ليس من الاعتراف بدولة فلسطين في حد ذاته، وإنما مما يعبر عنه من تآكل المساندة غير المحدودة وغير المشروطة التي اعتادت إسرائيل عليها من جانب حلفائها التقليديين.

أما وفقا للقانون الدولي، فالمكسب الأساسي هو زيادة فرصة الدولة الفلسطينية في الانضمام لمنظمات ومؤسسات دولية (على غرار انضمامها عام 2011 لمنظمة "يونسكو" وعام 2015 للمحكمة الجنائية الدولية)، واقترابها من اللجوء للآليات الدولية للمطالبة بحقوق شعبها (علما بأن إسرائيل لا تعير القانون الدولي أي اعتبار).

وفي الختام، قال بهاء الدين، إن الخلاصة هي أن الأثر القانوني للاعتراف بفلسطين محدود، بينما المكسب السياسي والرمزي كبير. أما على أرض الواقع فلا تزال حرب الإبادة جارية بلا هوادة. ومع ذلك، تذكروا أن أي مكسب هو نتيجة الثمن الفادح الذي دفعه الفلسطينيون خلال العامين الماضيين، فتحية لهم وقلوبنا معهم.