الخليج أمام منعطف استراتيجي:
بين الاعتماد الأمريكي واستقلال القرار
الأسئلة الاستراتيجية الأساسية

15.09.2025
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بقلم: د. خالد عيتاني*

  • هل ستتصدع العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول الخليج بعد الضربة الإسرائيلية على قطر؟
  • هل أثبتت الأحداث الأخيرة محدودية قدرة واشنطن على حماية حلفائها في المنطقة؟
  • هل ستعيد دول الخليج ترتيب أولوياتها الاستراتيجية من الاعتماد على الضمانات الأميركية إلى تعزيز استقلاليتها الاقتصادية والدبلوماسية؟
  • هل ستتراجع فعالية دور قطر كوسيط إقليمي مؤثر بعد الضربة؟
  • هل سيدفع الحادث دول الخليج إلى تعزيز التعاون الإقليمي لتأمين مصالحها الاقتصادية والسياسية؟

من الحادث إلى التحول الاستراتيجي

الهجوم الإسرائيلي على قيادات حماس في الدوحة في أيلول/سبتمبر 2025 لم يكن مجرد حادث أمني؛ بل اختبار استراتيجي لدول الخليج وللعلاقات الأميركية-الخليجية. ما كان يُنظر إليه كضمانة أميركية لحماية المصالح الحيوية أصبح محل شك، لتتجلى الحاجة إلى إعادة التفكير في السياسة والاقتصاد والدبلوماسية الإقليمية.

إضافة إلى ذلك، سلط الهجوم الضوء على دور التكنولوجيا الحديثة في النزاعات، من أنظمة الاستطلاع والمراقبة إلى الأمن السيبراني، مما جعل القدرة على الرصد والتحليل التكنولوجي محوراً أساسياً لتقييم المخاطر الأمنية.

على الصعيد الدولي، جرى نقاش حاد في الأمم المتحدة، حيث عقدت جلسة طارئة لمناقشة الضربة. الدول الخليجية طالبت بإدانة واضحة، فيما أثار الهجوم جدلاً حول شرعية العمليات العسكرية الإسرائيلية خارج فلسطين وتأثيرها على استقرار المنطقة.

السيناريوهات المحتملة لعلاقة الخليج بأميركا

1. السيناريو الأول: استمرار التحالف مع إعادة تقييم الضمانات

•  السياسة: الحفاظ على التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة مع مراقبة أي تجاوزات محتملة.

•  الاقتصاد: إعادة التفاوض على الصفقات الضخمة لضمان استقرار الاستثمارات.

• التكنولوجيا: تعزيز أنظمة الرصد والمراقبة، والاعتماد على المعلومات الاستخباراتية الأمريكية لتفادي المفاجآت الأمنية.

• المستقبل: العلاقة قد تستمر، لكنها ستخضع لمراجعة مستمرة، وسيظل عنصر الشك قائمًا في النفوس الخليجية.

2. السيناريو الثاني: تنويع الشراكات والتحالفات

• السياسة: استقلالية أكبر في صنع القرار الاستراتيجي، مع تطوير شبكة أمان دبلوماسية إقليمية.

• الاقتصاد: فتح أسواق جديدة، تعزيز الاستثمارات المتعددة، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على طرف واحد.

•  التكنولوجيا: الاستثمار في الأمن السيبراني، الاتصالات، وأنظمة الدفاع الذكية لضمان حماية المصالح الحيوية.

•  المستقبل: تحالف متعدد الأطراف يخلق توازنًا أكبر في المنطقة ويعزز قدرة الخليج على حماية مصالحه الحيوية.

3. السيناريو الثالث: تعزيز التعاون الإقليمي والوساطة

•  السياسة: توحيد المواقف الخليجية في النزاعات الإقليمية، وتطوير منصة مشتركة للوساطة.

• الاقتصاد: مشاريع مشتركة للطاقة والبنية التحتية، واستثمارات استراتيجية لتعزيز الأمن الإقليمي.

• التكنولوجيا: تطوير منصات استخباراتية وإقليمية لتبادل المعلومات ومراقبة المخاطر الأمنية بشكل مباشر.

•  المستقبل: شبكة أمان إقليمية تعزز استقلال القرار الخليجي، مع تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.

التحديات والفرص

الهجوم على قطر يبرز ثلاث جدليات استراتيجية أساسية:

• الهشاشة الأمنية: حتى مع التحالف الاميركي، لم تُحْمَ المصالح الحيوية بالكامل، ما يجعل التكنولوجيا الحديثة جزءاً من الاستراتيجية الضرورية.

• الاستقلالية الاقتصادية والدبلوماسية: ضرورة تنويع الشراكات لتقليل المخاطر وتجنب الاعتماد على طرف واحد.

•  الدبلوماسية الدولية: جلسة الأمم المتحدة أظهرت جدلية التأثير الأميركي والإسرائيلي على سمعة واشنطن، مما يعزز حجة تطوير الوساطة الإقليمية والخليجية المستقلة.

تصور مستقبل العلاقة بين أميركا ودول الخليج

•  إعادة تقييم التحالف: مراجعة شاملة للضمانات العسكرية والاقتصادية.

•  توازن النفوذ: استمرار العلاقة مع واشنطن لكن مع شراكات بديلة ومتنوعة.

• تحالفات متعددة الأطراف: تقليل الاعتماد على طرف واحد، مع تعزيز الاستقلالية الإقليمية.

• دور التكنولوجيا: استخدام أنظمة المراقبة، الأمن السيبراني، والقدرات الاستخباراتية لتعزيز الاستقرار وحماية المصالح.

• الدبلوماسية الدولية: الاستفادة من النقاشات الأممية لتأكيد دور الخليج كفاعل مستقل وموثوق في الوساطة الدولية.

نقطة التحول الاستراتيجية

الهجوم الإسرائيلي على قطر يمثل نقطة تحول حقيقية في السياسة والاقتصاد الخليجي. الدول الخليجية أمام خيارين:

•  الاعتماد على التحالف الأميركي مع مراقبة دقيقة.

•  تعزيز استقلاليتها الاقتصادية والدبلوماسية عبر تنويع الشراكات وتعزيز التعاون الإقليمي.

الاستقلالية لم تعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية مدعومة بالتكنولوجيا والقدرات الداخلية والخبرات الإقليمية، لتأمين المستقبل الاقتصادي والسياسي للأجيال القادمة، مع ضمان قدرة الخليج على لعب دور فاعل في الوساطة الدولية والمفاوضات المستقبلية.


*رئيس لجنة الطوارئ الاقتصادية