آية خشخش
فن قتالي يجمع بين القوة والتواضع، الانضباط والاحترام، حيث يقاتل اللاعب داخل الحلبة ويختبر قوة الإرادة بشكل مباشر، في مواجهة مباشرة دون استخدام معدات واقية. إنها رياضة "كيوكوشن كاي كاراتيه"، التي تُعد رمزًا للقوة والشجاعة والإصرار، وتعتبر من أقوى مدارس الكاراتيه اليابانية. أسسها المعلم ماسوتاتسو أوياما عام 1964، بعد أن اعتزل المدينة لسنوات، وذهب إلى الجبال، وخاض رحلة طويلة مليئة بالتحديات والمغامرات، رحلة تركت إرثًا خالدًا ما زال أثره حتى اليوم.
أندي سبورت: موطن الكيوكوشن
وانطلاقًا من هذا الإرث، يسير المدرب السينساي صالح محمد على مبدأ "أوياما"، إذ يوفر في نادي "أندي سبورت" بيئة تدريبية تدمج القوة البدنية، صقل العقل، وبناء شخصية متزنة. هدفه أن يخرج كل طالب من النادي مستعداً لمواجهة تحديات الحياة وصعوباتها بثقة وقوة كبيرة. لا يقتصر التدريب داخل النادي على تعلم الحركات والتقنيات، بل هو رحلة متكاملة لصقل الجسد والعقل وبناء الشخصية. في أجواء مليئة بالحماس وروح الكيوكوشن، يجمع هذا النادي العديد من الطلاب برابط واحد وروح واحدة. عائلة تتكون من أفراد من مختلف البيئات والأفكار، كل فرد يعد ركيزة أساسية للتطوير والتقدم. جوهر الكيوكوشن يوحّد اللاعبين بقلب نابض بالإصرار، جسد مشحون بالقوة، وعقل يرفض الاستسلام أمام أي تحدٍ.
يشكل السينساي حجر الأساس، فيعتبر البوصلة والمرشد لكل لاعب في رحلته نحو القوة والانضباط. القيادة بالتوجيه الصحيح تصنع مقاتلا كاملا، فالمدرب هو المشجع، المحفز، وبخبرته يشكل من نقاط القوة والضعف رحلة فاصلة ونقلة نوعية لتنمية قدرات الاعب. وبذلك، تتجاوز الكيوكوشن كونها رياضة بدنية، لتصبح مدرسة تطور الانسان لتكون منه شخصية قوية ورزينة، مستعدة لمواجهة كل تحد وكل عائق ليصنع منه انطلاقة نحو بداية جديدة.
فلسفة الكيوكوشن
تكمن أهمية هذه الرياضة بفلسفتها الخاصة، فهي تصنع مقاتلاً في الحياة قبل أن تصنع بطلاً داخل الحلبة. تعد أداة لتطوير النفس بكافة أبعادها، وتعمل فلسفتها بحيث يختبر العقل بالانضباط والجسد بالقوة لتكون انسانا متزنا، قويا بجسده وثابتاً بعقله ونبيلاً بأخلاقه. أحد الأعمدة الأساسية لهذه الرياضة هي "الأخلاق". فهي أساس تكوين شخصية ومهارة الاعب، ما يزرع بداخله القيم التي تعتبر حجر الأساس في هذه الرحلة. الاحترام، التواضع، الانضباط، الشجاعة والصبر، تتمركز هذه القيم داخل كل لاعب يجسد اسم هذه الرياضة، ليثقل نفسه وعزيمته لتتجاوز حدود القتال. بقوانينها تجعل كل من يمارسها يحظى بقيم تمكنه من حفظ اسم رياضة " كيوكوشن كاي كاراتيه" بشرف.
من الحلبة الى الحياة
كل خطوة وكل لكمة عبارة عن درس من التحمل والانضباط، فهي فرصة لتنمية الشخصية والتعرف على الذات على الصعيدين البدني والشخصي. عند كل نزال تخوض تجربة مختلفة، تكشف لك مزايا عديدة وتطور من مهاراتك، لتنمي من قدراتك وتتعلم من كل مواجهة وتصنع أرشيفا موقعا بجهدك وتعبك. ففي كل ضربة يتعلم المقاتل أن القوة بلا احترام تعد فراغ والتحمل بلا روح يعد هزيمة صامتة. فتكمن أهميتها بأنها تصنع انسانا قويا تكمن بداخله الركائز التي تمكنه من تخطي عقبات الحياة، لينهض من جديد بعد كل سقوط. تخبرنا هذه الرياضة، أن الحياة مثل الحلبة، تحتاج للصبر، الجرأة والقوة الداخلية قبل قوة القبضة لمواجهة أي تحدي. تبرهن أن الحقيقة المطلقة ليست في الفوز فقط، بل في المثابرة والاستمرار رغم صعوبة الطريق.
فن التوازن النفسي والجسدي وتأثيره على الذات
تفوق رياضة الكيوكوشن التوقعات، بأسلوبها المميز الممزوج بواقع الحياة، تكون روابط عميقة حيث ترفع اللياقة، تهدئ العقل وتزرع روح التعاون. لترسم طريقا واضحاً أمام كل انسان يريد أن يعمل على تطوير ذاته. هذا ولا تقتصر قيمة الكيوكوشن على الجانب التقني أو البدني، بل تنعكس فوائدها على الصحة الجسدية والنفسية على حدّ سواء.
فعلى صعيد الصحة الجسدية: تبني هذه الرياضة رحلة متكاملة نحو صحة جسدية مثالية. كل حركة وكل ضربة تعمل على استهداف وتقوية عضلة معينة، بالإضافة الى التمارين المكثفة التي تزيد من قدرة القلب والرئتين على التحمل. لاسيما المرونة، التوازن والتنسيق بين اليد والعين يحفز التركيز والدقة مع كل تدريب. تساعد على حرق الدهون والحفاظ على جسد صحي لمواجهة الحياة اليومية بطاقة وشغف.
أما على صعيد الصحة النفسية: تعتبر أداة فعالة للحفاظ على صحة نفسية قوية ومتوازنة، فمع كل تدريب يمنح الممارس شعوراً بالراحة، التركيز والانضباط، ويشكل عاملا لتخفيف التوتر والقلق. فكل تحد يجتازه خلال التمرين يكسر داخله هاجس الخوف، ليبني ثقة في النفس، صبر وقوة التحمل. خلال الحصة التدريبية تعزل الأفكار لتعيش في اللحظة ذاتها، مما تشكل عاملا لتصفية الذهن، ما يجعل هذه الرياضة فريدة ومختلفة لبناء شخصية قوية، متكاملة وواعية.
انضباط يرافقك خارج الحلبة
تعتبر رياضة الكيوكوشن أسلوب حياة يأخذك برحلة لاكتشاف الذات. ابدأ خطوتك الأولى لبداية جديدة برحلة تغيير حياتك، لتطور من نفسك، ولتثق بقدراتك. فالرياضة تؤثر على روتين حياتك مما يجعل شغفك وتقدمك بالحياة يقودانك نحو تحقيق أهدافك. الخوض في تجربة عميقة، هو وسيلة لعمل نقلة نوعية لتكون النسخة الأفضل من نفسك. اغتنم الفرصة وابدأ، فالبدايات البسيطة تصنع أعظم التحولات. خطوة صغيرة تكون الشرارة التي تفتح لك أبواب النجاح.
كما كان المعلم "ماسوتاتسو أوياما" يختتم دروسه بكلمة "أوس" التي تختصر الطاعة، الاحترام والاصرار. لنجعلها نحن أيضا وعدا لأنفسنا أن نستمر ونتحدى أنفسنا لننهض أقوى مع بداية كل يوم.