صناعة الإعلان:
قوة اقتصادية وهوية إبداعية

22.08.2025
نافذ طانيوس رعد
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

نافذ طانيوس رعد*

لا بد من تسليط الضوء على قطاع الإعلان، الذي أصبح ركيزة أساسية في الاقتصاد المعاصر، ليس فقط كأداة ترويجية، بل كقوة محورية تدفع عجلة النمو الاقتصادي، وتعزز الابتكار، وتساهم في بناء هوية العلامات التجارية، وتحفز الاستهلاك، وتشجع ريادة الأعمال.

أولاً: الإعلان كرافعة اقتصادية عالمية

 تشير التوقعات إلى أن إيرادات صناعة الإعلان العالمية ستتجاوز تريليون دولار أميركي لأول مرة في عام 2024، مع هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل، ميتا، بايت دانس، أمازون، وعلي بابا على أكثر من نصف هذه الإيرادات.

ومن المتوقع أن تمثل الإعلانات الرقمية 73 في المئة من إجمالي الإيرادات بحلول عام 2025، مما يعكس التحول الكبير نحو المنصات الرقمية.

في منطقة الخليج، يُتوقع أن يصل الإنفاق على الإعلانات الرقمية إلى 7.1 مليار دولار أمريكي في عام 2025، مع نمو سنوي قدره 9.42 في المئة حتى عام 2030، مما يعكس التزام الحكومات بتطوير البنية التحتية الرقمية.

ثانياً: لبنان منارة الإبداع الإعلاني في المنطقة

منذ خمسينيات القرن الماضي، كان لبنان رائداً في مجال الإعلان في الشرق الأوسط، حيث تأسست أولى وكالات الإعلان العربية في بيروت، وكان لها دور بارز في نقل مفاهيم الإعلان الغربي وتكييفها مع الذوق العربي.

خلال السبعينات، أصبحت بيروت عاصمة الإبداع الإعلاني في العالم العربي، ومنها انطلقت الحملات التي غزت الأسواق الخليجية.

وعلى الرغم من التحديات السياسية والاقتصادية التي مر بها لبنان، إلا أن القطاع الإعلاني اللبناني حافظ على مكانته كمرجعية إقليمية في مجال الإبداع والتجديد.

ثالثاً: الذكاء الاصطناعي شريك استراتيجي في صناعة الإعلان

لقد أصبح الذكاء الاصطناعي أداة محورية في صناعة الإعلان، حيث يُستخدم لتصميم حملات إعلانية مخصصة، تحليل سلوك الجمهور، وتوليد محتوى بصري وكتابي ذات جودة.

تتوقع الدراسات أن الإعلانات الرقمية ستشكل 77.1 في المئة من إجمالي الإنفاق على الإعلانات بحلول عام 2028، مما يعكس الدور المتزايد للتكنولوجيا في هذا القطاع (PWC source)

ومع ذلك، يواجه العاملون في هذا المجال تحديات تتعلق بتطوير المهارات البشرية لمواكبة هذه التحولات التكنولوجية، وهو ما يستدعي استثماراً في التدريب والتعليم المستمر.

رابعاً: على الأجيال الجديدة التكيف مع التحولات الرقمية

تواجه الأجيال الجديدة تحدياً في التكيف مع التحولات الرقمية المتسارعة في صناعة الإعلان. لذلك، من الضروري أن يتم تزويدهم بالمهارات اللازمة لفهم وتحليل البيانات، استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتطوير استراتيجيات إبداعية تتماشى مع متطلبات السوق.

ويجب أن يكون التعليم والتدريب في مجال الإعلان جزءاً من المنظومة التعليمية، لضمان إعداد جيل قادر على الابتكار والمنافسة في سوق العمل العالمي.

هذا ولم تعد صناعة الإعلان مجرد وسيلة ترويجية، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد الرقمي المعاصر. ومن خلال الاستثمار في الإبداع، التكنولوجيا، وتطوير المهارات البشرية، يمكننا بناء مستقبل مزدهر لهذا القطاع في منطقتنا.

فلنواصل العمل معاً لتعزيز مكانة صناعة الإعلان العربية على الصعيدين الإقليمي والدولي، مع الحفاظ على هويتنا الثقافية، تراثنا العربي وقيمنا الإنسانية.

*مستشار تسويق، دعاية وإعلان وعلاقات عامة