المنتدى العربي للتنمية المستدامة 2025
رؤى جديدة لتحقيق
مستقبل عربي مستدام

15.04.2025
أحمد أبو الغيط
فادي مكّي
محمد علي تميم
رولا دشتي
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزاف عون، وبتنظيم من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية وهيئات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة، انطلقت أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2025 في مقر الأمم المتحدة في بيروت. 

ويُعقد المنتدى تحت شعار "إعادة الأمل، إعلاء الطموح"، ويستمر على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة ممثلين عن الحكومات العربية، والمجتمع المدني، والقطاع الأكاديمي، والقطاع الخاص. ويركّز المنتدى على أبرز التحديات التي تواجه المنطقة في مجالات الشمول المالي وتمويل التنمية، ويسعى أيضًا إلى تقييم التقدّم المُحرز في خمسة من أهداف التنمية المستدامة، وهي: الصحة الجيدة والرفاه، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق والنمو الاقتصادي، والحياة تحت الماء، والشراكات من أجل تحقيق الأهداف. 

كما يناقش المشاركون، من قادة وصنّاع قرار من مختلف أنحاء العالم العربي، سبل تعزيز الشمول في التنمية الاجتماعية، في ظل ما تشهده المنطقة من مظاهر جديدة لعدم المساواة، وتصاعد النزاعات، وتقلّص الحيّز المالي.

افتتاح المنتدى

استُهِلّت الجلسة الافتتاحية بنشيدٍ مؤلّفٍ من مقاطع مقتبسة من الأناشيد الوطنية للدول العربية، أدّته مجموعة من طلّاب دار الأيتام الإسلامية في لبنان. تلت ذلك كلمات لكلّ من وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، فادي مكّي، ممثّلًا رئيس الجمهورية اللبنانية؛ والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط؛ ونائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط العراقي، ورئيس المنتدى لعام 2025، محمد علي تميم؛ والأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي؛ ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، أمينة محمد (عبر كلمة مسجّلة). 
مكي

أكّد مكّي أهمية التنسيق المشترك بين الوزارات وكافة القطاعات لتحقيق التقدّم في مسار التنمية المستدامة، مشيرًا إلى ضرورة ترسيخ شراكات فاعلة تعزّز النمو الاقتصادي وتدعم بناء اقتصادات شاملة ومرنة. وقال: "نجدّد شكرنا لجهود الإسكوا وكافة الشركاء في هذا المنتدى، ونؤكّد أن استعادة الأمل ورفع الطموح لا يمكن أن يتحقّقا إلا من خلال الشراكة، والابتكار، والتجديد، وذلك عبر أدوات جديدة تأتي العلوم السلوكية في طليعتها، لبناء مجتمعات أكثر إنصافًا، وكفاءة، واستدامة." 

وأشار إلى أن "التحديات المعقّدة التي نناقشها اليوم، من الصحة والتعليم إلى البيئة والعمل اللائق، لا تكمن فقط في السياسات والتشريعات، بل في سلوك الأفراد والمجتمعات، وفي قدرتنا على تصميم تدخلات تنطلق من فهم علمي لكيفية اتخاذ الناس للقرارات."

كما شدّد على أن "تحقيق التقدّم المنشود في مجالات الاستدامة يتطلّب تعاونًا وثيقًا بين جميع الوزارات، والقطاع العام، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، بهدف توحيد الرؤى، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وبناء اقتصاد أكثر مرونة وشمولية، مؤكدًا "أهمية الاستشراف المستقبلي في وضع الاستراتيجيات طويلة الأمد.

أبو الغيط 

بدوره، شدّد أبو الغيط على أن "المنطقة تمتلئ ببؤر الصراع وانعدام الاستقرار، مما يؤثّر على قدرة الحكومات على تحقيق التوازن المنشود بين النمو الاقتصادي، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وضمان العدالة الاجتماعية. ومع ذلك، نرى إرادة عربية صلبة لتحويل التحديات إلى فرص، وقد قطعنا أشواطًا مهمّة في مسيرة التنمية المستدامة." 

وأكّد أن "التنمية المستدامة ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية لشعوبنا، وعلينا أن نعمل معًا، بروح المسؤولية والتضامن، لجعل خطة 2030 واقعًا يُعزّز كرامة الإنسان العربي، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة." 

وأضاف: "إن المنتدى يذكّرنا اليوم بأن الحلول الفعّالة تُبنى عبر التعاون الإقليمي... فجامعة الدول العربية تعمل يدًا بيد مع منظمات الأمم المتحدة، ولا سيما الإسكوا، لتعزيز التكامل بين السياسات الوطنية والإطار الإقليمي، ولتنسيق المواقف العربية في المحافل الدولية. نحن نؤمن بأن الاستثمار في البنية التحتية المشتركة، وتشجيع الابتكار التكنولوجي، وتمكين الشباب، هي ركائز لا غنى عنها لبناء اقتصادات عربية مرِنة وقادرة على الصمود، خصوصًا في ظل أجواء الاضطراب الاقتصادي وانعدام اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي اليوم. وأشار إلى إننا في سباق مع الزمن؛ فالتنمية المستدامة ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية لشعوبنا... وعلينا أن نعمل معًا، بروح المسؤولية والتضامن، لجعل خطة 2030 واقعًا يُعزّز كرامة الإنسان العربي، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة."

تميم 

اما نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي رئيس دورة المنتدى، محمد علي تميم، فقال: "إنه لمن دواعي الشرف والمسؤولية ان يترأس العراق هذا المنتدى وسنسعى جاهدين بكل ما لدينا من امكانات للعمل المشترك مع جميع الأشقاء لبلورة شعار المنتدى "إعادة الأمل" من خلال البحث الجاد والحقيقي في حلول شاملة تستند إلى العلم والأدلة وصولا إلى تعزيز خطة التنمية المستدامة 2030. 

وفي سياق متصل، أشار تميم إلى أنّه، "رغم الجهود المبذولة من البلدان العربية لتحقيق أجندة 2030، إلّا أنّ تلك الجهود لا زالت خجولة، والمؤشرات ما برحت متراجعة، ما يستدعي تعزيز الشراكات، وتفعيل الآليات الوطنية لجهود التنمية المستدامة، وردم فجوة البيانات، ورسم السياسات المتسقة والشاملة والموجهة بالعلوم والبحوث". وأضاف قائلًا: "نثمّن ثقة المنتدى بمنح العراق رئاسة هذه الدورة، آملين ان نكون أهلًا لهذه الثقة، وأن نخرج بتوصيات ورسائل للعالم أجمع عن جهودنا التنموية وتطلعاتنا لتحقيق الرفاه والعيش الكريم لسكان المنطقة".

دشتي

بدورها، أكّدت دشتي أنّه رغم التهديدات المحدقة بالتعاون الدولي، ورغم التحوّلات المفاجئة التي تكتسح عالمَنا، يبقى الأمل موجودًا. وقالت: "إلّا أنّ الأمل لا يُستعاد بالأقوال والوعود، بل بالأفعال، والمساءلة، والعدالة. أمّا إعلاء الطموح، فيتطلب منّا أن نغيّر طريقة تفكيرنا وعملنا الحكومي والمؤسسي". وأضافت: "نحن في الإسكوا ندعم تعافي البلدان، وإقامة الحوارات الوطنية، وتحديث القطاعِ العام، وإعادة تصميم نُظم الحماية الاجتماعية. نساعد الحكومات على تقييمِ الاتفاقيّات التجارية، ونعمل على تحويلِ الديون إلى استثمارات، من خلال مبادرة مقايضة الديون بالعمل المناخي". 

وقالت: "منطقتنا تنبض بإرادة الحياة. بالمواهب والقدرات. بالأفكار والابتكارات. ما ينقصها هو الإصرار والعزيمة والجرأة على المضي قدما نحو النمو والازدهار واستدامة الكوكب". 

كما دعت الحاضرين إلى اتخاذ خطوات عملية نحو التغيير الإيجابي، وليس إلى وعود ونوايا، "فنحن لا ننتظر من العالم أن ينقذنا، بل نمتلك القدرة والمعرفة للنهوض من كبوتنا، ومواجهة التحديات، وقيادة دفة التغيير، من أجل منطقة آمنة، عادلة، مبتكِرة، مزدهرة، متنوعة، ومتجددة ثقافيًا"

محمد

وفي رسالة مسجلة، قالت محمد: "بحلول عام 2030، لن يتحقق من أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية سوى ثمانية منها، إذا ما استمرّت على الوتيرة الحالية. إلّا أن الوقت ليس لليأس، بل للدفع بالعمل قدمًا. أحثكم على استخدام هذا المنتدى لتحديد احتياجات المنطقة وأولوياتها، وضمان أن تُترجم جهودكم وتُسهم في توجيه العمل العالمي في هذا السياق خلال السنوات القادمة". 

منتدى 2025

يأتي المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2025 في توقيت حاسم، إذ مع اقتراب موعد تنفيذ خطة التنمية المستدامة بحلول عام 2030، تواجه المنطقة العربية تحديات متعددة تشمل النزاعات المستمرة، وتفاقم الفقر، وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي، وضيق الحيز المالي، بالإضافة إلى التداعيات المتسارعة لتغير المناخ. ورغم هذه التحديات، ساد المنتدى مناخ من العزم والتفاؤل، مجسّدًا روح شعار هذا العام. 

يُعدّ هذا المنتدى السنوي الآلية الإقليمية الرئيسية لمتابعة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومراجعتها، مما يعزز الحوار بين صانعي السياسات والخبراء وشركاء التنمية. وستُرفع رسائله الرئيسية أمام المنتدى السياسي الرفيع المستوى في تموز/يوليو المقبل، مساهمةً من المنطقة العربية في تعزيز الجهود العالمية لتحقيق التنمية المستدامة.