تأثيرات الرسوم الجمركية الاميركية
على مختلف الدول العربية

07.04.2025
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

لم يستثنِ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدول العربية من قراره القاضي بفرض رسوم جمركية على الواردات الاميركية من جميع الدول العربية. الملاحظ في القرار الأميركي هو التباين الكبير في نسبة الرسوم المفروضة على مختلف الاقتصادات الغربية، التي تراوحت ما بين العشرة في المئة إلى أكثر من أربعين في المئة.

 وإذا كان من الصعب فهم منطق حسابات الإدارة الاميركية في تحديد نسبة التعريفة الجمركية المفروضة على كل دولة عربية، فإن دراسة علاقة الولايات المتحدة الأميركية مع كل دولة من خلال مؤشرين أساسيين تبين منطق النسب المختارة. والمقصود هنا تحديدًا العجز الثنائي بين الدولة العربية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى نسبة الرسوم الجمركية التي تفرضها هذه الدولة على السلع الأميركية الواردة.

تُصدر الولايات المتحدة الاميركية نحو العالم ما قيمته حوالي 3190 مليار دولار، بينما تبلغ وارداتها من العالم أكثر من 4100 مليار دولار، أي بعجز هيكلي يفوق 1000 مليار دولار. وهذا العجز المستمر لسنوات طويلة هو الهاجس الذي يؤرق ترامب، والذي يعتبره ظلمًا عالميًا موجهًا ضد الولايات المتحدة، ومن الضروري تصحيحه من خلال سياسة فرض رسوم جمركية على أكثر من 108 دول في العالم، من بينها الدول العربية.

التجارة العربية الأميركية تظل هامشية بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تتراوح ما بين 34.4 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة، وهي أهم شريك تجاري عربي مع أميركا. وفي الجهة المقابلة، نجد مملكة البحرين، التي لا يتجاوز حجم تجارتها مع الولايات المتحدة الأميركية 2.9 مليار دولار، مع ميزان تجاري في صالح البحرين يقدر بـ 441 مليون دولار.

ومن الملاحظ أن وضعية الميزان التجاري الاميركي مع الدول العربية متباينة، فغالبية الدول العربية في وضعية عجز تجاري مع الولايات المتحدة، حيث تفوق وارداتها الصادرات. وقد فرض عليها ترامب رسوماً جمركية تصل إلى 10 في المئة، وهذا حال مجلس دول التعاون الخليجي ولبنان والمغرب (حجم التجارة يقدر بـ 7.2 مليار دولار بعجز في صالح أميركا يصل إلى 3.4 مليار دولار)، ومصر (حجم التجارة 6.1 مليار دولار وفائض في صالح الولايات المتحدة يصل إلى 3.6 مليار دولار). وفي الجهة المقابلة، نجد الدول العربية التي فرض عليها ترامب رسوماً جمركية تفوق العشرين في المئة، على غرار الأردن، في حين كان نصيب كل من تونس والجزائر وليبيا نسب تتراوح ما بين 28 في المئة و30 في المئة و31 في المئة على التوالي. وهي دول تتميز بأن تجارتها مع الولايات المتحدة في حالة فائض تجاري لصالحها، حيث يصل حجم الفائض التجاري الجزائري مع الولايات المتحدة إلى 1.5 مليار دولار، في حين نجد أن فائض الأردن مع أميركا يقدر بـ 1.4 مليار دولار.

ويقوم منطق حسابات الرئيس الاميركي في سياسته الجمركية على أن الدول التي تفرض رسوماً على السلع الاميركية يجب أن تدفع أكثر، كما هو الحال مع كل من الجزائر وليبيا وتونس. حيث يؤكد الرئيس الأميركي أن الجزائر تفرض 59 في المئة كحقوق جمركية على البضائع الأميركية، وتفرض ليبيا 61 في المئة، وتونس 55 في المئة، في حين لا تتجاوز الرسوم المغربية والمصرية على السلع الاميركية 10 في المئة. وهذا ما يفسر أن يد ترامب كانت جمركياً خفيفة على البعض وثقيلة على البعض الآخر.

وتجدر الإشارة إلى أن منطق الحسابات الاميركية في تقدير الرسوم المفروضة على السلع الاميركية غامض، على اعتبار أن الرئيس الاميركي يخلط بين التعريفة الجمركية في حد ذاتها والإجراءات شبه الجمركية والإعانات الداخلية الموجهة إلى تشجيع الصناعة المحلية. حيث إن ترامب يعتبر كل إجراء ضد دخول السلع الأميركية، مهما كان نوعه، إجراءً جمركيًا.

هذا ومن الصعب في هذه المرحلة استشراف تداعيات القرارات الاميركية على الاقتصاديات العربية في الأمد القريب، خاصة أن رد فعل الحكومات العربية على الرسوم الجمركية لم يُعلن بعد.