في اليوم الثاني من أيام معرض بيروت العربي والدولي للكتاب أقيمت في المعرض ندوة حول كتاب المدير العام السابق لتعاونية موظفي ألدولة أنور ضو بعنوان: "أنسنة الادارة - الفكرة والتطبيق " الصادر عن دار النهار للنشر ، تحدّث فيها ، بالإضافة للكاتب ، كلّ من : وزير العدل والتربية الأسبق ورئيس مجلس الخدمة المدنية السابق الدكتور خالد قباني ، ورئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي غالب غانم ، ورئيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت الصحافي رامي الريس ، وأدارها مدير دار النهار للنشر القاضي زياد شبيب ، فجرى التطرق إلى جوانب الكتاب وإظهار أهميته لا سيما في الأوضاع الحالية التي وصلت إليها الإدارة العامة لأنه يشكل بوصلة للعاملين في هذه الإدارة، ويتضمن تجربة غنية للكاتب ، وضعها بين يدي الراغبين في إصلاحها، والمتمسكين بمبدأ الشفافية والإنسانية في الخدمة العامة . وكان إجماع على أن هذا الكتاب يجب اعتماده من قبل معاهد الإدارة العامة والكليات الجامعية التي تقوم بتدريس مواد متصلة بالإدارة العامة .
وبعد انتهاء الندوة ، وقّع الكاتب كتابه في دار النهار الذي شهد إقبالاً كبيراً.
ينقسم الكتاب في محتواه إلى قسمين ، يتناول القسم الأول منه فكرة الأنسنة واعتمادها في الإدارة ، وهي تعني احترام حق المواطنين في الحصول على خدمات هذه الإدارة بشكلٍ متساوٍ في إطارٍ من الاحترام لكرامتهم الإنسانية، وفي جوٍّ تسوده العدالة والديمقراطية وتكافؤ الفرص وسيادة القانون . وهي خلق المناخات الإنسانية للموظف كي يمارس عمله في جوٍّ من الديمقراطية والانفتاح والفرح الداخلي ، والإيمان بعمله الذي يعتبره واجباً وطنياً وإنسانياً ، قبل أن يكون مكاناً لكسب الرزق وتحقيق الذات. ومن البديهي أن يُمارَس كل ذلك في إطارٍ من المحبة والشفافية والصدق والتواضع والاندفاع والالتزام بالقوانين والأنظمة التي تكفل حقوق جميع المواطنين في مناخٍ من العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، وبالارتكاز الى عنصر الأخلاق باعتبارها قيماً إنسانية وُجدت قبل القوانين . على أن تسعى الإدارة في كل ذلك إلى خير الإنسان ، بمعزل عن لونه وعرقه ودينه وقوميته ومعتقده، وبمعزل عن أي تصنيف أو انتماء .
وقد عرض هذا القسم لمواصفات المدير الذي يستطيع أن يحقق هذه المبادئ ، والذي يجب أن يكون إنسانياً وقائداً وخلّاقاً وديمقراطياً، يؤمن بالخدمة العامة ، ويعرف كيف يتعاطى مع فريق العمل ليكسب محبته ورضاه ، فيسعى من خلاله إلى تحقيق رضى المواطن الذي أُنشئت الإدارة من أجله .
وبعد أن أفرد الكتاب فصولاً تتضمّن شرحاً عن أنواع المديرين ،وعن التغيير الذي هو الثابت الوحيد في الإدارة،
وعن كيفية مواجهة التدخل السياسي ، ومكافحة الفساد، وعن علاقة الأنسنة بالتكنولوجيا الحديثة وغير ذلك ، إنتقل المؤلف في القسم الثاني من الكتاب ، إلى عرض تجربته التطبيقية لفكرة الأنسنة في تعاونية موظفي الدولة ، التي تولّى إدارتها بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠١٢ حين حصلت على المرتبة الأولى في جائزة الأمم المتحدة في الإدارة ، عن فئة تحسين الخدمات وتبسيط الإجراءات. فعرض للمشاكل التي كانت تعاني منها المؤسسة ، وكيف تم السعي إلى معالجتها وفق خطط شارك فريق العمل في وضعها وتنفيذها مما جعله يتحمّس لها ويندفع الى تنفيذها بمحبة التي يعتبر الكاتب أنها أقوى من كل قوانين الأرض .
وبعد أن شرح المؤلف مختلف جوانب العمل من أجل تحديث المؤسسة وتطويرها وذلك في فصولٍ متعددة من الكتاب ، إعتبر أن أنسنة الإدارة لم تعد في العصر الحديث خياراً ، بل يجب أن تتحوّل إلى نهج ومسار ، وإلى مدرسة جديدة في الإدارة ، تُعدّل من أجلها النُظُم ، وتُسنُّ القوانين ، وتوضع التشريعات ، لكي تواكب تطلعات الإنسان ، وتستجيب لطموحاته في مسار تطوّره المتصاعد والمستمر .