تعرف العلاقات الجزائرية التركية تطوراً ملحوظاً في السنوات العشرة الأخيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. الزيارات بين الطرفين على مستوى القمة او الحكومي سجلت زخماً كبيراً في السنوات الأخيرة وتجدر الإشارة الى أن الرئيس التركي رجب اردوغان كان من أوائل الرؤساء الذين زاروا الجزائر في جانفي 2020 عقب تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر في نهاية 2019. في المقابل تعتبر تركيا من الدول القلائل التي زارها الرئيس الجزائري حيث تواجد تبون في مناسبتين الى انقرة.
وإذا كانت العلاقات الجزائرية التركية في مرحلة نمو في السنوات الأخيرة فإنها ليست وليدة هذه الفترة بل من الضروري العودة الى التاريخ لمعرفة تجذر العلاقة و التي تعود الى المرحلة العثمانية حيث ظلت الجزائر ولو اسميا تابعة لسلطة الباب العالي لأكثر من ثلاثة قرون و يحلو للعديد من المؤرخين في الجزائر ترديد مقولة: الوجود العثماني و الاستعمار الفرنسي للتفريق بين الظاهرتين.
سياسيا نشهد تقاربا تركيا جزائريا في المواقف من قضايا دولية تهم الطرفين وخير مثال على ذلك الموقف مما يحدث في ليبيا جارة الجزائر حيث نلحظ تطابقاً قد يصل الى مستوى التنسيق بين الجزائر وانقرة وقد ظهر ذلك بصورة جلية خلال محاولة اقتحام قوات حفتر طرابلس و كان حينها الرئيس عبد المجيد تبون واضحا عندما قال: طرابلس خط احمر و في المقابل لعبت الطائرات المسيرة التي أرسلتها انقرة لحكومة الوفاق الوطني دورا بارزا في حسم المعرقة و عدم دخول قوات حفتر طرابلس و بقاء حكومة الوفاق قائمة.
على المستوى الاقتصادي فإن الأرقام والمؤشرات خير دليل على ديناميكية العلاقات الجزائر التركية والتي تشمل العديد من القطاعات كالتعدين، والنسيج، والفلاحة، والانشاءات. وتعد الجزائر ثاني شريك لتركيا في افريقيا.
وهنا يكفي القول ان المبادلات التجارية بين البلدين سجلت ارتفاعاً يقدر بأكثر من 30 في المئة في اقل من سنتين لتصل الى أكثر من 5 مليار دولار بعد أن كانت بالكاد تتجاوز الثلاثة مليار دولار قبل سنة 2020. وقد أعلن الرئيس التركي ان هدف البلدين هو الوصول الى تبادل تجاري يفوق 10 مليار دولار في الأمد المنظور.
العلاقات الجزائرية التركية لا تقتصر فقط على التبادل التجاري، بل تعد تركيا اول مستثمر أجنبي في الجزائر خارج المحروقات بحجم استثماري يصل الى 5 مليار دولار.
وتشير اخر الأرقام ان عدد المشاريع التركية في الجزائر وصل الى 377 مشروعاً في هذه السنة وأن 1560 شركة تركية متواجدة في الجزائر حاليا في حين كان هذا الرقم في حدود 900 مؤسسة في قبل ثلاثة سنوات.
وامام هذا النمو المطرد للعلاقات الجزائرية التركية اقترح الرئيس التركي رجب اردوغان تطوير العلاقة بين الطرفين من معاهدة صداقة الى معاهدة تبادل حر بين الطرفين بهدف تدعيم الرخم الاقتصادي والتجاري بين الطرفين.
مارسيلي فارس