لم يكن التغيير الوزاري في الجزائر مفاجئاً بل كان منتظراً إذ أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عبر عن امتعاضه من أداء العديد من القطاعات الحساسة في مرحلة تتميز أساساً بارتفاع الأسعار.
التغيير الوزاري شمل القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالحياة اليومية للمواطن حيث أن كل من وزارات التجارة والمالية والصناعة تم إسناد حقائبها الى شخصيات جديدة.
فقد حلّ أحمد عطاف وزيراً للشؤون الخارجية بدلاً من الوزير السابق رمضان لعمامرة وحل لعزيز فايد وزيراً للمالية بدلاً من جمال كسالي، كما تم تعيين علي عون وزيراً للصناعة والإنتاج الصيدلاني، وتعيين الطيب زيتوني وزيراً للتجارة وترقية الصادرات خلفاً للدكتور كمال زريق الذي أستدعي لمهام أخرى.
رحيل وزير التجارة كمال رزيق كان منتظراً من قبل العديد من الأوساط بالنظر الى الجدل الذي صاحب ممارسته منذ بداية تعيينه على رأس وزارة التجارة. ممارسة إتسمت أساساً بتفضيل الطابع الإداري في تأطير الأسواق مما أحدث ندرة في العديد من المواد ذات الطابع الأساسي في حياة المواطنين.
ولعل مسألة تنظيم حركة الواردات كانت من القضايا التي عجلت برحيل الأستاذ الجامعي كمال رزيق من وزارة التجارة وذلك على اعتبار أن القرارات التي صدرت عن وزارة التجارة في الأسابيع الأخيرة اتسمت بطابعها الإداري وأدت في مجملها الى خلق تضيق في حركية واردات بعض السلع. فالسياسة المعلنة هي تنظيم الاستيراد لا خنق التجارة الخارجية. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد لمح الى هذه المسألة في انتقاده لأداء وزير التجارة.
التغير الذي شمل وزير المالية مع رحيل جمال كسالي والذي لم يعمر في الوزارة أكثر من 8 أشهر في المنصب يدخل في إطار منطق اخر. فإذا كانت الانتقادات الموجهة الى وزير التجارة هي الحركة في كل الاتجاهات فإن أداء وزير المالية إتسم بالجمود وعدم الإسراع في إصلاحات هيكلية في قطاع يجمع المراقبون على أنه كعب أخيل السياسة الجزائرية منذ عدة سنوات، فالوزير السابق لم يتمكن من خلق الديناميكية الضرورية لأحداث الطفرة في أداء القطاع المالي والمصرفي على وجه الخصوص. نفس المنطق يمكن ان يسحب على التغير الذي تم في قطاع الصناعة. الوزير السابق لم يتمكن من إعادة احياء الصناعة الجزائرية التي عرفت تدهوراً سريعاً في السنوات السابقة وأداء الوزير لم يحسم العديد من المسائل المرتبطة بالصناعة الجزائرية والتي مازالت تتخبط في ثنائية نصنع أو تستورد وكيف، وأبرز مثال على ذلك ما يحدث في قطاع السيارات.
الرغبة في إعادة الاعتبار للقطاع الصناعي تظهر في اسم الشخصية التي تولت وزارة الصناعة علي عون والذي كان يشغل وزير الصناعة الصيدلانية والذي تمكن في ظرف قصير من إعادة الحركية لصناعة الادوية على المستوى المحلي وهي الصناعة التي عرفت تقهقرا واسعا في السنوات الأخيرة من خلال اللجوء المستمر الى الاستيراد في قطاع تمتلك فيه الجزائر نقاط قوة جيدة.
اما رحيل رمطان لعمامرة فإنه كان بمثابة المفاجأة المنتظرة، منتظرة لأنه في الأسابيع الأخيرة راجت الأخبار لتؤكد رحيل وزير الخارجية، أما عنصر المفاجأة فقد حمل طابعاً مزدوجاً من حيث إجماع الكل على أداء الوزير والذي تمكن في ظرف قياسي من إعادة بعض البريق الى الدبلوماسية الجزائرية هذا من جهة ومن جانب عودة احمد عطاف الى وزارة الخارجية في منصب سبق ان تولاه في حقبة تسعينات القرن الماضي في فترة أقل ما يقال عنها انها كانت صعبة بالنسبة للجزائر.