الجزائر - إيطاليا
توافق استراتيجي في مجال الطاقة

18.01.2023
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

أيام قليلة قبل زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ملوني في أواخر الشهر الجاري يجمع الملاحظون على ان العلاقات الجزائرية الإيطالية تتخذ طابعا استراتيجيا بالنظر الى جملة من التطورات المسجلة في الأشهر الأخيرة.

الأسابيع الأخيرة شهدت توقيع اتفاق شراكة بين شركتين ايطاليتين لتسيير الهياكل القاعدية المرتبطة بأنابيب نقل الغاز الطبيعي من الجزائر الى إيطاليا عبر الأراضي التونسية وهذه المنشأة تعتبرها الأوساط الأوروبية ذات طابع حيوي في هذه المرحلة التي تتميز بتوترات في أسواق الطاقة.

العقد الموقع بقيمة 435 دولار يسعى لتسيير أمثل للهياكل القاعدية المرتبطة بالغاز الطبيعي مع الإعلان عن دراسة جدوى استعمال ذات الانبوب العابر للمتوسط لنقل الهيدروجين وهو الموضوع الذي كان محل مباحثات جزائرية المانية في الشهر الأخير من السنة الماضية.

هذه التحركات الإيطالية نحو الجزائر ذات هدف مزدوج. تأمين تموين دائم بالغاز الطبيعي لإيطاليا من طرف الجزائر والاستعمال المستقبلي للأنبوب العابر للمتوسط في إطار استراتيجية الحد من الإفرازات الكربونية للمحافظة على البيئة ومن هنا الحديث بكثرة عن مسألة الهيدروجين وسبل نقله.

الإرادة الإيطالية المعلنة تجد لها أصداء إيجابية لدى الطرف الجزائري الذي عبر بصورة رسمية وعلى لسان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي أعلن عن رغبة بلاده فإن تصبح مركزا Hub لتصدير الغاز الطبيعي مشيرا الى استعداد الجزائر لمضاعفة صادرات الغاز الطبيعي إلى مئة مليار متر مكعب سنويا مقابل 50 مليار متر مكعب في السنة الماضية.

المسعى الجزائري للوصول الى مستوى مركز غازي أساسي في تجارة الغاز الطبيعي في المتوسط يتطلب الرفع من وتيرة الاستثمارات في مجال الطاقة خاصة من جانب الاستكشاف والبحث وتدعيم قدرات الإنتاج والنقل. ولتجسيد هذا التوجه الاستثماري أعلن مجمع سوناطراك عن رغبة الجزائر في استثمار ما قيمته 40 مليار دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة. هذا الحجم من الاستمارات والذي يكون حوالي ثلثه نت طرف الشركاء الأجانب موجه بالأساس للاستكشاف والإنتاج بهدف المحافظة على القدرات الإنتاجية والرفع منها.

رفع قدرات الإنتاج من النفط والغاز في الجزائر تعتبره العديد من الأوساط من طبيعة استراتيجية ويتطلب مضاعفة جهود البحث والاستكشاف في بلد يجمع الخبراء على انه مازال بكراً بالنظر الى مساحة الجزائر كما أن الوصول الى حجم 100 مليار متر مكعب كصادرات من الغاز الطبيعي يعني بصورة ما إعادة طرح مسألة الغاز الصخري والذي تشير الدراسات الأخيرة أن الجزائر تملك ثالث احتياطي منه في العالم.

وإذا كانت الجزائر على المستوى الرسمي لم تطرح حتى الان كيفية استغلال القدرات المتوفرة من الغاز الصخري فإنه بالمقابل أعلنت عن دخول العديد من المناطق المكتشفة حديثا مجال الإنتاج في حاسي الرمل والحمراء وأوهانت وكلها حقول جديدة تقع في جنوب الجزائر بالقرب من مناطق انتاج تقليدية.

الحاجة الملحة للغاز الطبيعي ومصادر الطاقة الأخرى والرغبة الأوروبية في الحد من التبعية للغاز الروسي يجعل المسعى الجزائر للولوج الى مستوى مركز للإنتاج وتوزيع الغاز ممكن التحقيق في الأمد المنظور في حال تمكنت الجزائر من استقطاب رؤوس أموال كافية.

فارس مارسيلي