حسين الحسيني
ضمير الطائف

17.01.2023
الرئيس الراحل حسين الحسيني
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

خسر لبنان بوفاة الرئيس حسين الحسيني قامة من قامات التشريع والإنسانية والديبلوماسية الراقية، وهو ليس فقط أبرز صنّاع اتفاق الطائف الذي أخرج لبنان من دوامة العنف والحرب الأهلية وحامي الدستور، بل رائد في الدعوة الى إقامة الدولة المدنية على أسس الحرية والمساواة والاستقلال.

نذر الراحل جل حياته دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية، وبذل جهداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيبة. عرف بحسّه الوطني وإدراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب إصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في الوطن الصغير. وكان صاحب نهج إصلاحي ونهضوي، ولم ينخرط في الحرب اللبنانية كطرف رغم أنه كان من المشاركين في تأسيس "حركة أمل" عام 1973، وتولى رئاستها بعد تغييب مؤسسها الإمام السيد موسى الصدر ما بين 1978 و1980.

رجل دولة بامتياز، امتلك صفة تكاد أن تكون نادرة لدى السياسيين في هذا البلد، وهي النزاهة ونظافة الكف والإستقامة والإعتدال وكسر الزوايا الحادة، الذي شكل فقدانهم أساس خراب الوطن، وكانت نتيجة ذلك ما انحدرنا اليه اليوم من انهيارات على مستوى القيم والأخلاق والنظام العام وهيبة الدولة.

انتقد الحسيني سياسات الحكومات المتتالية وعدم تطبيقها بنود اتفاق الطائف، متخذاً مواقف حادة رافضة لتشويه وجه لبنان الحضاري بتحجيم دوريه العربي والدولي، أو جرّه إلى أي محور اقليمي، معبّراً عن امتعاضه من طريقة التعاطي مع الدستور اللبناني، والمشهد المحزن المستمرّ وكأنه لم يتم التعلم من تجارب الماضي. كانت نظرته الى لبنان ما بعد الطائف مغايرة لبرامج الخارج الممسك بقرار البلد، ما دفع الى إخراجه من دائرة القرار والتأثير...  ومع ذلك ظل  الحكيم الذي يلجأ إليه كثيرون في معرض تفسير الدستور. ومن سوء حظه انه رأى بام العين الدولة التي ارادها عصرية تلبي طموحات أبنائها، تنهار أمامه.

احتضن القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال ودفاعه عن القدس والمقدسات الدينية في فلسطين، وكان من أبرز العاملين لتشكيل مجتمع المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن لبنان وحقوقه في المحافل العربية والدولية، وكان رافضاً لاحتكار المقاومة من قبل فئة لبنانية واحدة مطالباً بتعميمها كي تكون نهجاً وطنياً شاملاً يلتف حوله كل اللبنانيين.