نجاح تنظيم مؤتمر شرم الشيخ
كيف يفيد مصر اقتصادياً؟

17.11.2022
زياد بهاء الدين
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

كتب زياد بهاء الدين ، النائب السابق لرئيس الوزراء المصري، مقالا في صحيفة "المصري اليوم"، توقف فيه عند نجاح تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في شرم الشيخ ، داعياً الى الإفادة اقتصاديا من هذا النجاح من أجل البناء عليه مستقبلاً وإعتباره نقطة انطلاق لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر. وهنا ابرز ماجاء في المقال:

"نجاحُ تنظيم المؤتمر رفعَ من شأن مصر عالميًا، نتيجة للدعاية السياحية غير المسبوقة، والحضور المكثف لكبرى الشركات العالمية والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام الأجنبية، بجانب التواصل الحميم لقيادتنا السياسية مع قادة العالم والمؤثرين في صنع القرار. كل هذا يمنحنا فرصة هائلة لإعادة مصر على خريطة الاستثمار العالمية.

ولكن ترويج الاستثمار لن يتحقق وحده، ولا بمجرد نجاح المؤتمر، بل يحتاج قرارات واعية من الدولة لتحسين مناخ الاستثمار والحفاظ على وتيرة الحالة الإيجابية التي أطلقتها أجواء مؤتمر شرم الشيخ.

تأكيدًا على أن هذه الوتيرة الإيجابية لا تستمر ولا تحقق نتائج بذاتها، دعونى أذكركم بأن هذه ليست المرة الأولى خلال السنوات الماضية التي تسنح لنا الفرصة لتحقيق طفرة اقتصادية، ولكن لم ننجح سابقًا في استغلالها. هكذا كان التفاؤل في أعقاب مؤتمر الاستثمار الذي انعقد في مارس ٢٠١٥ في شرم الشيخ وحضره العالم كله وقُدمت فيه مشروعات بالمليارات، ثم لم يسفر عن شىء، لأنه لم تُجرَ متابعة له أو تطبيق سياسات داعمة لجذب الاستثمار المرتقب.. ثم تكرر ذات الأمر في أعقاب "التعويم الكبير" في نوفمبر ٢٠١٦، حينما ساد التفاؤل بعودة الاستثمار وزيادة الإنتاج والتصدير والتشغيل. ولكن مرة أخرى، لم تصاحب التعويم سياسات داعمة، فدفعنا ثمن الغلاء دون الاستفادة من فرصة زيادة الاستثمار.

وها نحن في ذات الموقع مرة أخرى، ولكن مع اختلافين كبيرين: الأول أن مؤتمر المناخ أكبر وأعقد وأكثر أهمية من أي مناسبة سابقة استضافتها مصر، وبالتالى فإن المردود الايجابى من نجاحه أكبر أيضا مما عهدناه من قبل. أما الاختلاف الثانى فإنه بينما كانت أمامنا في أعقاب مؤتمر الاستثمار عام ٢٠١٥ مسارات مختلفة متاحة وبدائل يمكن الاختيار منها، فإننا اليوم- مع ارتفاع الدين العام الخارجى، وزيادة التضخم، وانخفاض التصنيف الائتمانى لمصر، وصعوبة الاقتراض خارجيا، وسوء الأوضاع الاقتصادية عالميًا- في وضع مختلف ليس فيه بديل إلا الإصلاح الاقتصادى الحقيقى والشامل والعمل بجدية على جذب الاستثمار وإطلاق طاقات الإنتاج والابتكار والتشغيل والتصدير. بمعنى آخر، فإن الاستمرار في الاعتماد على موارد الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية لم يعد ممكنًا، والاعتماد على الاقتراض الأجنبى ومساعدات الدول الشقيقة لم يعد متاحًا، فلا سبيل إلا إطلاق طاقات الاستثمار الخاص الوطنى والأجنبى.

"أجندة" الإصلاح معروفة، وقد عبّرت عنها جلسات المؤتمر الاقتصادى المنعقد منذ أسابيع قليلة، فلا داعى لتكرارها هنا. ونجاحنا في تنظيم مؤتمر شرم الشيخ سوف يعطينا دفعة كبيرة ومساندة دولية نحتاجهما للخروج من أزمتنا الاقتصادية.. ولكنها مجرد دفعة، لو لم نستغلها للانطلاق نحو مسار الإصلاح الاقتصادى، فسوف ينتهى مفعولها بعد فترة وجيزة ونعود لذات المشاكل والهموم والأزمات. لهذا أتمنى ألا يكون نجاح المؤتمر دافعًا للطمأنينة وإرجاء الإصلاح الاقتصادى الداخلى الذي نحتاجه، بل أرجو أن يكون محفزًا للاستمرار فيما بدأنا مناقشته بجدية خلال الأسابيع الماضية".