قمة “لمّ الشمل” العربية:
توافقات لكنها لم تنهِ الخلافات

04.11.2022
قمة "لم الشمل" العربي
الصورة التذكارية
الرئيس التونسي قيس بن سعيد
أمير دولة قطر حمد بن تميم آل ثاني
الرئيس نجيب ميقاتي: نداء الإستغاثة
الرئيس ميقاتي والرئيس بن سعيد
الرئيس عبد الفتاح السيسي وأحمد أبو الغيط معاً الى قاعة المؤتمر
الرئيس محمود عباس: فلسطين دائماً في القمم
رؤوف ابو زكي مع بعض أعضاء الوفد العراقي وبدا من اليمين ابو زكي، جالاك صباح عمر، النائب عباس الزاملي، تحسين عينا.
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان والى يساره أبو زكي
وزير خارجية السودان د. علي الصادق والى يمينه ابو زكي
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

شدد إعلان قمة "لم الشمل" العربية التي انهت اعمالها في الجزائر على التمسك بمبدأ "الحلول العربية للمشاكل العربية"، رافضاً أي تدخلات خارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية عبر تقوية دور جامعة الدول العربية في الوقاية من الأزمات وحلها بالطرق السلمية، والعمل على تعزيز العلاقات العربية-العربية.

وأكد الإعلان، على أهمية العمل على تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والغذائية والطاقوية والمائية والبيئية.

وشدد إعلان القمة العربية على التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها والتزامها بالسلام العادل والشامل. وأكد على "مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف"، مشدداً على ضرورة "مواصلة الجهود والمساعي الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، والدفاع عنها في وجه محاولات الاحتلال المرفوضة والمدانة لتغيير ديمغرافيتها وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها".

كما طالب بـ"رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة. ورحب الإعلان بتوقيع الفصائل الفلسطينية على "إعلان الجزائر" المنبثق عن "مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية".وتبنى "إعلان الجزائر" توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك.

 ودعا الإعلان إلى تجديد الهدنة الإنسانية لتحقيق تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة اليمن وسلامة أراضيه وأمن دول الخليج العربي ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية.

وكان للبنان الذي تمثل بوفد ترأسه رئس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حيز في البيان إذ شدد على أهمية التضامن مع لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره ودعم الخطوات التي اتخذها لبسط سيادته على أقاليمه البرية والبحرية، والإعراب عن التطلع لأن يقوم لبنان بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وأن يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد. 

اما سوريا التي تغيبت عن القمة نظرا الى اعتراض بعض الدول على مُشاركة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، فكانت حاضرة ضمنا بعدما حرصت الجزائر البلد المُنظّم على رفع العلم السوري الرسمي بين أعلام الدول العربيّة المُشاركة، كما كان لسوريا مقعد بين الحاضرين رغم شُغوره. كذلك كان للازمة السورية بند في الإعلان الختامي، أكد على ضرورة قيام الدول العربية بدور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ومعالجة كل تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية، بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها ويحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها واستقرارها ومكانتها إقليمياً ودولياً.

وبخصوص العراق، أشاد الإعلان بتنشيط الحياة الدستورية في العراق بما في ذلك تشكيل الحكومة والإشادة بجهودها الرامية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية وتجسيد آمال وتطلعات الشعب العراقي، مع تثمين النجاحات التي حققها العراق في دحر التنظيمات الإرهابية والإشادة بتضحيات شعبه في الدفاع عن سيادته وأمنه. 

كذلك دعا الإعلان إلى دعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبي-ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا والوصول إلى تنظيم الانتخابات في أسرع وقت.

وانعقدت هذه القمة بعد غياب 3 سنوات بسبب جائحة الكورونا، وتزامن انعقادها عمدا مع الاحتفالات بذكرى الثورة الجزائرية. لكنها جاءت في ظروف استثنائيّة عربيّة ودوليّة معقدة، ووسط تحدّيات اقتصاديّة وسياسيّة صعبة. ومع ذلك تميزت، بحسن التنظيم والاستقبال والرعاية الجزائرية. وكان لافتا تركيزها على فلسطين، وحضور مُجسّم قبّة الصخرة في شوارع العاصمة الجزائرية، مع عدم إغفال ما سبقها من محاولة جزائريّة لعقد الصّلح بين حركتي فتح، وحماس لتوحيد الصف الفلسطيني. وتقدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بمقترح لتشكيلٍ لجنة حكماء من شخصيات عربية وازنة، لمساعدة رئيس القمة في التشاور وتقديم توصيات له".

وتمحورت نقاشات وقرارات في القمة حول تحقيق تكامل اقتصادي وبناء السوق مشتركة عربية، وفتح الحدود للتكامل الاقتصادي والاستثمار.

ولم يقلل غياب ثلث الزعماء العرب من أهمية المشاورات والمحادثات التي جرت في أروقة القمة وكواليسها وعلى هامشها. فقد عكست الكلمات التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية لقمة الجزائر وعياً بحجم التحديات التي تواجه العالم العربي في المرحلة الراهنة خصوصاً فيما يتعلق بالخطط المستقبلية لانتشال العالم العربي من الهوة السحيقة التي سقط فيها. وتضمنت بعض الكلمات أفكاراً تستحق المتابعة، كاقتراح الرئيس الجزائري بالدعوة إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في طلب منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وتشكيل لجنة اتصال منبثقة عن القمة العربية لمتابعة هذا الموضوع، واقتراحه الخاص بإقامة تكتل اقتصادي عربي قادر على الصمود في وجه التحديات الاقتصادية التي تطرحها التحولات التي يمر بها النظام الدولي حالياً. لكن غياب قادة عرب كبار من ملوك ورؤساء ظل مؤشراً واضحاً على حجم الصعوبات التي ما تزال تكتنف الجهود الرامية إلى لمّ شمل القادة العرب.

صحيح ان كل الدول العربية شاركت في القمة التي لم تغب عنها الا سوريا بحكم تعليق عضويتها وتجاهلها الدعوة الجزائرية للحضور كي لا تحرج الرئيس تبون. لكن غياب قادة كبار رسم علامات استفهام كثيرة حول العمل العربي المشترك والتعاون المأمول في ظل الظروف الحالية المعقدة.  ومع ذلك ورغم اعتذار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الجزائري عن المُشاركة وتفهّم الأخير الاعتذار لأسباب طبيّة، شاركت المملكة العربيّة السعوديّة على مستوى رفيع بوفد تراسه الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجيّة. وأعلنت المملكة انها ستستضيف الدورة المقبلة من القمة العربية.

وعلى رغم غياب رئيس دولة الامارات العربية الشيخ محمد بن زايد ، فان دولة الإمارات تمثلت مرّتين، الأولى حين حضر نائب رئيس الوزراء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان شقيق رئيس الإمارات، ثم حضر لاحقاً نائب رئيس الإمارات حاكم دبي محمد بن راشد.

وعلى رغم الخلافات بين الجزائر والمغرب، وقطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، تمثلت المغرب بوزير خارجيتها  ناصر بوريطة. واعطى العاهل المغربي الملك محمد تعليماته للوفد الدبلوماسي المشارك من أجل "العمل البناء" رغم عدم حضوره شخصيا الذي لو حصل لكان ذلك بمثابة فرصة ذهبية لانهاء القطيعة بين الجزائر والرباط.

وثمّن "إعلان الجزائر" سياسة تحالف "أوبك+" لضمان استقرار الأسواق العالمية للطاقة واستدامة الاستثمارات في هذا القطاع الحساس. وشدد على ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وتجفيف منابع تمويله. كما دعا الى الالتزام  بمبدأ عدم الانحياز في الأزمة الأوكرانية الروسية.  في حين عمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى توجيه التحيّة إلى المُشاركين في القمّة العربيّة، وطالب المُشاركين فيها المُساهمة في “إرساء نظام عالمي جديد مُتعدّد الأقطاب".