هل يخرج قطاع الاتصالات اللبناني من "غرفة العناية الفائقة"؟

21.09.2022
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
 
 
 
ليس من المفاجئ القول إن قطاع الاتصالات اللبناني يعيش منذ سنوات في "غرفة العناية الفائقة"، وأن وضعه مرشّح للتدهور يوميا على كل المستويات، بما في ذلك خدمة الانترنت التي تربط لبنان بالعالم. والسبب ليس نتيجة لنقص الوقود - على أهميته - بل هو ربما نتيجة فراغ على مستوى العقل الذي يدير البلد ككل، والانهيار السياسي - الأخلاقي الواسع، وتقديم المصالح الخاصة على المصلحة العامة، والتخلّي عن المسؤوليات الوطنية وسط أخطر انهيار اقتصادي عرفه لبنان والعالم. ولولا بعض المبادرات الفردية على مستوى شركات الخلوي وأوجيرو وبعض الشركات الأجنبية والمحلية، لكانت الأوضاع أسوأ بكثير.
    
وحاليا، يمكن القول أن أخطر ما يتهدد القطاع، هو دخولنا في مرحلة أكبر وأوسع حالة تقادم لمعدات وأجهزة الاتصالات وسط غياب كلّي للإنفاق الرأسمالي، بدأ منذ عدة أعوام. وللتوضيح فإن الانفاق الاستثماري، يساهم في ترقية الأنظمة والحلول والمعدات المسؤولة عن حُسن خدمات الاتصالات. وتشكل حالات الانهيار المتتالية التي طرأت على خدمات الانترنت والاتصالات الصوتية لدى الشبكتين وأوجيرو في عدد من المناطق، جرس إنذار كبير، ومقدمة لما قد يبدأ بالتكرر قريبا لا بسبب نقص الوقود فحسب، بل نتيجة لانتهاء العمر الافتراضي لمعدات رئيسية ضرورية لاستمرارية عمل الشبكات.  
 
ويوضح رئيس مجلس الإدارة المدير العام لشركة تاتش سالم عيتاني في لقاء مع "الاقتصاد والأعمال"، مدى تأثير الانفاق الاستثماري على نوعية الخدمات وتوفرها، ويقول: "إن معظم معدات شبكة تاتش حديثة باستثناء بعض المكونات الهامة التي تكاد تبلغ عمرها الافتراضي بسبب القيود المالية وعدم توفر الموافقات على ميزانية النفقات الرأسمالية في السنوات الأخيرة. علماً أن هذه المكونات تعرّض توافر خدمات الشبكة للخطر في جميع الأوقات، وذلك على صعيد الشبكة مناطقياً أو بشكل شامل".
 
ويضيف: "الكثير من مكونات الشبكة الأساسية إستُهلكت كلياً وبلغت المرحلة الأخيرة من عمرها. بالرغم من ذلك، تمكنت الشركة من اتخاذ سلسلة تدابير وقائية لتذليل معظم هذه المخاطر وتجنب الضغط على الشبكة أو توقفها عن العمل. وعليه، نجحت تاتش في منع وقوع أعطال شاملة خلال السنوات الثلاث الأخيرة والتي كانت محتملة للغاية".
 
وعمليا، سيؤدي غياب الميزانية المخصصة للانفاق الاستثماري، إلى امتناع الشركات الأجنبية والمحلية عن تقديم الدعم وخدمات الصيانة عن معدات بلغت أو ستبلغ نهاية عمرها الافتراضي خلال أشهر. وما حصل مؤخرا من انقطاعات في الاتصالات الأرضية والنقالة والانترنت، ليست سوى مقدمة لمزيد من الانقطاعات، لأن السبب في بعض الأحيان كان ناتج عن تعطل معدات لا تتمتع بعقود صيانة مع الشركات نتيجة انتهاء عمرها الإفتراضي.        
 
لكن عيتاني، يشير من جهة أخرى إلى بروز ضوء في نهاية النفق المعتم الذي يمرّ فيه القطاع، قد يكون مقدمة لإخراجه من غرفة العناية الفائقة، ويقول: "الوضع قد يشهد تغيرا بعد المباشرة بتطبيق تعرفة الاتصالات الخلوية التي بدأت في شهر تموز، حيث بدأت الشركة بتلقي الموافقات على الميزانية المطلوبة وبات وضعها المالي يسمح لها بإجراء التحديث اللازم لهذه المعدات الحيوية". ونتيجة لذلك، يضيف عيتاني أنه تم إطلاق سلسلة من استدراجات العروض لبعض المعدات الرئيسية وستصدر طلبات تحديث لمعدات أخرى في الفترة المقبلة. بموازاة ذلك، ستستمر الشركة في اتخاذ التدابير لتخفيف المخاطر حتى يتم تنفيذ كل عمليات التحديث. كما تنسّق الشركة مع وزارة الاتصالات لإيجاد الحلول المستدامة للمخاطر التي قد تهدد خدمات الجيل الرابع، أبرزها يتمثل بالحصول على ميزانية النفقات الاستثمارية لتحديث المعدات ومكونات الشبكة التي شارفت على انتهاء فترة خدمتها، كما لتجديد عقود الدعم مع بعض الموردين، والتي تمت الموافقة على بعضها".
 
وعمليا، إذا صحّت توقعات عيتاني، قد نشهد بعض التحسينات على الشبكات، تترافق مع اتخاذ اجراءات تتيح تلافي الأسوأ، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال انتفاء الحاجة الملحّة إلى عقل حكومي يجنّب لبنان المزيد من الصدمات والانهيارات، ويعمد إلى اتخاذ اجراءات اصلاحية شاملة ويضع رؤية حقيقية للخروج من الأزمة الطاحنة.