قانون الاستثمار الجديد في الجزائر...
مزيد من الضمانات ورغبة في تحسين مناخ الأعمال

31.08.2022
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

الجزائر- الإقتصاد والأعمال

يسعى قانون الاستثمار الجديد الذي أقرته الحكومة الجزائرية لجذب مزيد من الاستثمار الخارجي للجزائر. القانون عرف مساراً طويلاً داخل دهاليز السلطة ومر بالعديد من القراءات والتعديلات حيث حرص الرئيس تبون شخصياً على كل مرحلة من مراحل اعداده وطلب في أكثر من مرة إعادة صياغته أو صياغة بعضا من بنوده او مواده. وهذا المسعى الجزائري يوضح بصورة جلية الأهمية التي تمنحها الجزائر لهذا القانون في هذه المرحلة الحساسة من الحياة الاقتصادية للبلاد.

القانون الجديد في جوهره محاولة جزائرية لجعل البلد أكثرا استقطابا للاستثمار الخارجي فالجزائر ورغم كل ما تتوفر فيها من مزايا اقتصادية وطاقوية وجغرافية فهي الدولة الأقل جذباً للاستثمار الخارجي في محيطها الافريقي والأجنبي ويكفي هنا الإشارة الى أن الجزائر استقطبت 13.5 مليار دولار خلال العشر سنوات الأخيرة مقابل 54.01 مليار لمصر و24.41 مليار دولار للمغرب وهذه الأرقام لوحدها تشير الى ضعف جاذبية الجزائر للاستثمار الخارجي مهما كانت القطاعات.

 وبهدف وضع حد لهذا الضعف في أداء الاقتصاد الجزائري في مسألة جاذبية الاستثمار حاول قانون الاستثمار الجديد الإجابة على مخاوف وتساؤلات الراغبين في الولوج الى الاقتصاد الجزائري والاستثمار فيها.

والبداية كانت بإلغاء قاعدة 51/49 وهي القاعدة المثيرة للجدل والتي رأى فيها المتتبعون من اهم معوقات الاستثمار في الجزائر. هذه القاعدة والتي كانت تفرض شريكاً جزائرياً بالأغلبية في أي عملية استثمار أجنبي في الجزائر لم تعد موجودة والغيت تماما في القانون الجديد ولم يعد لها أي وجود. وهذا المسعى يعطي إشارة قوية حسب الخبراء في جدية رغبة السلطات الجزائرية في جلب الاستثمار الخارجي.

هذا الإلغاء للقاعدة السابقة صاحبه وجود كلمة حرية الاستثمار في متن القانون وهي الكلمة التي فسرها العارفون بمسار الاستثمار في الجزائر على أنها تأكيد من السلطات وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أن كل الاستثمار في الاقتصاد الجزائري مسموح بكل حرية دون توجيه من طرف الإدارة الا من خلال مسألة التحفيزات المرتبطة بالجباية بصورة عامة.

مسألة حرية الفعل الاستثماري هذه تم التركيز عليها من قبل كافة المهتمين بالجزائر على اعتبار أنها توحي أن الإدارة او البيروقراطية لم يعد لها اليد المؤثرة في الفعل الاستثماري في الجزائر. ولطالما اشتكى كل مستثمر أو راغب في الاستثمار في الجزائر من التداخلات المستمرة للإدارة في الحقل الاستثماري وفي هذا الصدد ذهب الرئيس تبون الى حد الدعوة الى ضرورة معاقبة كل من عرقل رغبة مستثمر أجنبي في الجزائر. وهذا المسعى بتحييد الإدارة في الفعل الاستثماري فسره المتعاملون الاقتصاديون على أنه ضمانة جزائرية على أعلى مستوى لكل من أراد في الاستثمار في الجزائر وترافق هذا السعي الجزائري لتحييد الإدارة بضمانة أخرى وهي تغير دور واسم الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار الذي أصبحت تحت اشراف الوزارة الأولى وتم تحديد دورها في مسألة الترويج لوجهة الجزائرية الاستثمارية.

وكإشارة إضافية لمسألة الضمانات المتعلقة بالاستثمار الخارجي نص القانون الجديد على انشاء لجنة عليا للطعون المتصلة بالاستثمار على مستوى رئاسة الجمهورية تتكلف بدراسة والبت في الطعون والشكاوى التي يقدمها المستثمرون. ويرى العديد من الخبراء أن وضع هذه اللجنة تحت اشراف اعلى سلطة في البلاد يعتبر توجهاً قوياً نحو مزيد من تحييد الإدارة في كل ما تعلق بالاستثمار في الجزائر ويوضح من جهة أخرى رغبة السلطات في الاستجابة لكل الملاحظات والشكاوى التي عرقلت الفعل الاستثماري في الجزائر في العشرين سنة الأخيرة.

قضية أخرى كانت من عراقيل الاستثمار في الجزائر والتي وجدت حلا لها في نص القانون الجديد تتعلق بمسألة التحويلات نحو الخارج فيما يخص الأرباح المرتبطة بالاستثمار.

وهنا أوصى القانون بضرورة الإسراع في مسالة التحويل وعدم عرقلة العملية على مستوى المصارف والبنوك ودعوة هذه الأخيرة الى تطبيق اللوائح والتدابير بصورة أكثر مرونة بهدف الترويج للجزائر وتحسين مناخ الأعمال.

إن القراءة المعمقة لمحتوى قانون الاستثمار تؤكد أن السلطات الجزائرية سعت قدر الإمكان للاستجابة لكل ما اعتبرته الأطراف الأجنبية كمعرقل للاستثمار او كجو ضبابي لمناخ الأعمال في الجزائر وتبقى النصوص التطبيقية التي من المنتظر أن تمنح مزيداً من الضمانات لكل راغب في الاستثمار في بلد يجمع الكل على قدراته الاقتصادية الهائلة.