دور القيادة الرشيدة والتكنولوجيا المناسبة
في تسريع عملية الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050

15.06.2022
سامر أبو لطيف
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
 
 
*بقلم سامر أبو لطيف
أدت التطورات الجيوسياسية الحالية إلى تحفيز الدول والشركات لتسريع الرحلة نحو اقتصاد خال من انبعاثات الكربون بحلول العام 2050. وأعلنت أكثر من 1,500 شركة حتى الآن عن عزمها لتحقيق الحياد الكربوني ضمن عملياتها. ولكن رغم الالتزامات الكبيرة التي تقدمها الجهات المختلفة، أصبح من الضروري في الوقت الحالي العمل على تحويل هذه التعهدات إلى خطوات ملموسة. 
 
وأنا شخصياً متفائل بالدور المحوري الذي تؤديه التكنولوجيا في تمكين ومساعدة العملاء على الوصول إلى الحياد الكربوني، وبالتالي من الضروري تطوير حل متكامل وفق إطار عمل يتكون من ثلاثة نقاط أسميه "مثلث نجاح الاستدامة". ويوضح هذا الإطار دور التكنولوجيا والشركات وصنّاع القرار معا في إحداث تأثيرات مستدامة بهذا السياق. 
 

دور التكنولوجيا

نعتمد في مايكروسوفت منهجية تقوم على ثلاثة محاور هي "إعداد التقارير، والاستبدال، والإزالة". إذ يتطلب الانتقال الفعال نحو الحياد الكربوني وجود قياسات موثوقة ومتسقة، والتي تحمل أهمية كبيرة في ضمان إمكانية المساءلة والمحاسبة. فيما تلعب الابتكارات التكنولوجية دورا لا يقل أهمية في توفير الحلول التي تساعد في تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، واستبدال طُرق توليد الطاقة الحالية بأخرى أكثر استدامة، بالإضافة إلى إزالة الانبعاثات الكربونية القائمة. 
 
وحددت مايكروسوفت مجموعة من الأهداف للإيفاء بالتزامنا بإزالة الكربون وتقليل استهلاك المياه والحد من الهدر. ونعمل أيضا على تحسين أوجه الكفاءة والاستثمار في تطوير المنتجات لمساعدة عملائنا وشركائنا على تعزيز إدارة مستويات الانبعاثات الناجمة عن عملياتهم، وانضمت مايكروسوفت بهذا الغرض إلى تحالف "Carbon Call"، وهو مبادرة مصممة لدعم جهود المساءلة والمحاسبة المرتبطة بانبعاثات الكربون وكيفية تصريفه وإزالته.
 
كما أطلقنا منصة مايكروسوفت السحابية المخصصة لشؤون الاستدامة "Microsoft Cloud for Sustainability"، والتي من شأنها مساعدة المؤسسات على تسريع جهودها في مجال الاستدامة بالاستفادة من مجموعة متنامية من القدرات في مجال المسؤولية البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. 
 

الدور المحفّز للشركات

تتجه الشركات نحو تعزيز خطط الاستدامة الخاصة بها نتيجة تزايد الحاجة إلى اعتماد سياسات راسخة للمسؤولية البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، إلى جانب حرصها على صورة علامتها التجارية وحماية سمعتها.
 
ويمكن للشركات تقديم إسهامات ملموسة لخطط الاستدامة، وذلك عن طريق الحد من النفايات الناتجة عن عملياتها، وزيادة الاعتماد على الطاقة البديلة، وتصنيع المنتجات وتقديم الخدمات بطرق تتسم في كونها صديقة للبيئة، فضلاً عن عقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص بهدف الوصول إلى ابتكارات تكنولوجية جديدة. 
 
ويركّز التزام مايكروسوفت بدفع جهود الاستدامة على المجالات التي تحقق أقصى استفادة من حلولنا المبتكرة. فعلى سبيل المثال، عقدت مايكروسوفت شراكة مع "SABIC"، الشركة الرائدة عالمياً في صناعة الكيماويات، بهدف إعادة تدوير المواد البلاستيكية من المحيطات واستخدامها لتصنيع أجهزة صديقة للبيئة، والتي نتج عنها ابتكار ماوس كمبيوتر مصنّع من البلاستيك المعاد تدويره من المحيطات. 
 
ويمثّل هذا المنتج خطوة أولية على طريق ابتكار منتجات مستدامة، ونأمل أن تحفّز هذه الخطوة الشركات للاستفادة من الابتكارات المماثلة لدفع عجلة التغيير الإيجابي.
 

الأهداف الحكومية الجريئة 

يمكن للحكومات وصنّاع القرار لعب دور محوري في دعم التوجه نحو الاستدامة والحياد الكربوني، وذلك من خلال وضع أهداف الاستدامة الوطنية وتفعيلها عن طريق السياسات والأنظمة ذات الصلة، بالإضافة إلى تسريع الوصول إلى هذه الأهداف من خلال تقديم الحوافز والاستثمار في جهود البحث والتطوير العلمي. 
وتتبع الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا منهجية استباقية في تقديم الاستثمارات وطرح السياسات والأنظمة الهادفة إلى الحد من بصمتها الكربونية. ورغم أن هذه الجهود تمثّل تقدماً ملحوظاً باتجاه تحقيق أهداف الاستدامة، يتعين على الحكومات استكشاف المزيد من الفرص القائمة لتسريع الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني، والتي يُذكر من أبرزها على سبيل المثال تحديث المعايير القديمة في مختلف القطاعات بالاستفادة من الابتكارات التكنولوجية المتسارعة في مجالات إعادة التدوير وعلوم المواد وغيرها.
 

دور القيادة

يمثّل إطار "مثلت نجاح الاستدامة" الركيزة الأساسية التي تستند إليها العوامل السابقة كافة، كونه يتيح تنسيق أنشطة الجهات الفاعلة وتوجيهها لتحقيق تأثير إيجابي ومستدام على كوكبنا. ويؤدي غياب القيادة المناسبة إلى عدم انسجام وترابط جهود الابتكار التكنولوجي والشركات والحكومات. 
 
كما يشكل العمل المشترك عاملا حاسما للوصول إلى الأهداف المنشودة. في حين تمثل المساءلة المشتركة جزءا رئيسيا من مفهوم القيادة. ويُذكر من الأمثلة على هذه الناحية "مؤتمر الأطراف" في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP)، والذي يجمع الحكومات والشركات وقادة قطاع التكنولوجيا بهدف العمل على وضع أهداف مشتركة، وبالتالي تسريع الانتقال نحو الاستدامة وتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
 
وتأتي إقامة النسختين القادمتين من المؤتمر في الشرق الأوسط (كوب 27 في مصر وكوب 28 في الإمارات) لتقدم دليلا إضافيا على مكانة المنطقة الرائدة والتزامها الراسخ بالمشاركة في رسم ملامح مسار التحول نحو الطاقة النظيفة.
 
يتوجب علينا اليوم مواصلة العمل لبناء الأسس اللازمة وبذل الجهود المطلوبة لتحويل التعهدات إلى خطوات عملية، وتحقيق أهداف الاستدامة حرصا على مصلحة الأجيال المقبلة. وأرى أن المنطقة حققت تقدما متميزا في مجال الاستدامة، لذا أنا متفائل بما سيحمله المستقبل. 
 
*نائب الرئيس ورئيس مايكروسوفت في الشرق الأوسط وأفريقيا