عرفت منصف كواش في باريس مطلع الثمانينات، يوم كان مديراً لبنك هناك. وعرفته في مؤتمر عن الاستثمار في تونس متحدثاً بعمق وبوضوح وبجرأة. بعدها تكونت لدينا صداقة عميقة ومتواصلة. آخر مرة زرت فيها تونس العاصمة مع انعقاد مؤتمر القمة العربية هناك، وذهبنا إلى العشاء معاً. حدثني مطولاً عن مرضه العضال وعن شجاعته في مواجهة المرض. حدثني عن ما عائلته بفخر واعتزاز. حدثني عن المزرعة التي يحبها ويرتاح فيها وإليها. حدثني بصورة خاصة عن إبنته دنيا المقيمة في باريس والمتميزة في شخصيتها وفي عملها. وقبل نحو العامين زار بيروت وكنا معاً في عشاء جميل برفقة الصديق القاضي السابق نديم مخيبر. وكانت محبة متبادلة بينهما ومنذ اللقاء الأول. في كل مرة كان نديم يسألني عن منصف ومنصف يسألني عن نديم.
المنصف رجل علم وثقافة واختصاص. رجل مواقف جريئة كلفته الكثير من المتاعب وفوتت عليه الكثير من الفرص. كان يحدثني عن والده بإفتخار. حاولت قبل أشهر أن أمر عليه يوم كنت في زيارة إلى نواكشوط، لكن الرحلة كانت معقدة إلى تونس فبيروت. منصف كان أخاً وصديقاً وتوطدت علاقتنا في السنوات الأخيرة إلى درجة الأخوة، وكان صديقاً لمجلة الإقتصاد والأعمال وشارك في مؤتمراتها.
رحم الله منصف، يغادرنا في وقت وعمر مبكر. يغادرنا وهو يختزن الكثير من المشاريع والأفكار والمبادرات.
وداعاً أيها الأخ والصديق. عزاؤنا في الأولاد والأحفاد. تعازينا الحارة لكل فرد من أفراد العائلة.. ونحن على المحبة والصداقة مع العائلة مستمرون.
رؤوف أبوزكي
منصف كواش في سطور:
غيب رئيس بلدية قرطاج السابق ونائب رئيس فريق الترجي الرياضي في تونس، والمصرفي الاستثماري، منصف كواش ، بعد معركة طويلة ضد المرض. وباعتباره واحدا من أفضل الممولين في جيله في كل من تونس وأوروبا، وتخرج من جامعة الدراسات العليا لإدارة الأعمال HEC Paris، وبدأ حياته المهنية في سوسيتيه جنرال.
تميز منصف كواش بذكائه بخبرته وديناميكيته وعلاقاته الدولية في النظام المصرفي لأكثر من ثلاثة عقود. وبعد عودته إلى تونس في عام 1981 ، أسس وأدار العديد من المؤسسات المالية الرئيسية ، مثل بنك الجنوب ( التجاري) UIB STB.
إلى جانب الخدمات المصرفية ، كان التدريس شغفه الكبير الآخر. وقد أولى أهمية متساوية للمعرفة وأكثر من ذلك لنقل المعرفة، فقد تولى طوال حياته المهنية بتدريس الاقتصاد والمالية في جامعة السوربون والمعهد الدولي للتنمية الدولية وكلية الاقتصاد في تونس
