زيارة أردوغان إلى الامارات
حقبة جديدة من التعاون الاقتصادي

08.02.2022
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بعد سنوات من التوتر، شهدتها العلاقات التركية – الاماراتية، حول عدد من الملفات والقضايا المتعلقة بالمنطقة، فإنّ حقبة تعاون ثنائي قوي، لا سيّما على الصعيد الاقتصادي، تنتظر العلاقة بين الجانبين، والتي يتوقّع أن تشهد تحولا تاريخيا، مع بدء الرئيس رجب طيب أردوغان زيارته الرسمية لدولة الإمارات والتي ستستمر يومين، يبحث خلالها سبل تعزيز التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات، بما يحقق المصالح المتبادلة.

شهدت العلاقات التركية - الإماراتية في نهاية العام 2021 نقلة نوعية، تزامنت مع زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا تلبيةً لدعوة وجهها له الرئيس التركي، لتكون هذه الزيارة محطة رئيسية في طريق تعزيز العلاقات بين البلدين، وفتح صفحة جديدة تركز على المصالح المشتركة بينهما. وخلال الزيارة تم استعراض فرص تعزيز آفاق التعاون بين البلدين، خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية وغيرها من المجالات التي تدفع عملية التنمية والتقدم في البلدين. كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، واتفقا على أهمية تعزيز ركائز الأمن والسلام والاستقرار والتي تشكل القاعدة الأساسية لانطلاق التنمية والبناء والمضي نحو المستقبل المزدهر الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة.

وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الزيارة، أن البوصلة التي توجه سياسة دولة الإمارات الخارجية هي دعم السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة، مبدياً التطلع إلى التعاون والشراكة والعلاقات الإيجابية مع كل دول المنطقة "لأن هدفنا هو التنمية والازدهار للجميع، وإيماننا الأساسي هو أن هذا هو الطريق لتحقيق تطلعات شعوبنا، حيث نتطلع إلى أن تكون هذه الزيارة إلى تركيا بداية لمرحلة جديدة".

وتعدّ الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين دولتي الإمارات وتركيا كبيرة، وتوفر فرصاً واعدة يمكن استثمارها والاستفادة منها في مختلف المجالات، خاصة التبادل التجاري غير النفطي الذي نما بشكل ملحوظ، وهذا ما يضع أسساً قوية يمكن البناء عليها والانطلاق منها لخدمة التنمية في تركيا والامارات خلال الفترة المقبلة.

وكانت أسست الإمارات عقب محادثات بن زايد في تركيا، صندوقا بقيمة 10 مليارات دولار من أجل دعم الاستثمارات في تركيا، ولتعزيز دعم الاقتصاد التركي وتوثيق التعاون بين البلدين. وسيركز الصندوق على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية ومذكرات التفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الثنائي، منها 12 اتفاقية ومذكرات تعاون أمنية واقتصادية وتكنولوجية.

آفاق تجارية أرحب

تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك التجاري الأول لتركيا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين عام 2020 نحو 8 مليارات دولار. في حين بلغت التجارة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2021 المنصرم 6.4 مليار دولار. كما تشارك تركيا في معرض إكسبو 2020 دبي، بجناح في منطقة الاستدامة، وتم تصميمه تحت شعار "صنع المستقبل من أصل الحضارات".

كما أنّ دولة الإمارات هي أيضًا مستثمر مهم في تركيا وتحتل المرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الاستثمار، حيث لدى الإمارات استثمارات كبيرة في السياحة والبنوك وكذلك الموانئ والتجزئة.

ويؤكّد وزير الدولة للتجارة الخارجية الإماراتي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، أنّ دولة الإمارات تسعى إلى مضاعفة حجم التبادل التجاري مع تركيا، مبينا أنّ "هناك بالفعل إمكانات كبيرة لتوسعة العلاقات التجارية".

وتكشف الإحصاءات أنّ المقاولين الأتراك نفذوا 141 مشروعًا بقيمة 13 مليار دولار أمريكي في دولة الإمارات، حيث استثمرت الشركات التركية في السوق الاماراتي وتشكّل جزءًا منها منذ أكثر من 10 سنوات، حيث بلغت الاستثمارات التركية في دولة الإمارات 720 مليون دولار. 

صفحة جديدة للتعاون

أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل توجهه إلى أبوظبي، أنّ الزيارة تفتح حقبة جديدة في علاقة التعاون بين تركيا والإمارات.  وأوضح أنه "من خلال هذه الزيارة نهدف إلى تطوير الزخم الذي اكتسبته العلاقات واتخاذ الخطوات اللازمة للارتقاء بالعلاقات إلى المستوى الذي تستحقه". لافتا إلى أنّ "الزيارة التي سوف تستمر ليومين نجري في خلالها مباحثات مع قيادة دولة الإمارات، ستشهد التوقيع على اتفاقيات تجارية".

وأشار إلى أنّ "الزيارة ستتخذ الخطوات التي ستشكل الخمسين عامًا الجديدة من صداقتنا وأخوتنا مع الإمارات"، مؤكدا أنه سيتم البحث خلال الزيارة لدولة الإمارات مجالات الصناعة العسكرية والتعليم والصحة. وأشاد بنجاح معرض إكسبو دبي رغم جائحة كورونا.

وعلّق المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، على الزيارة الأولى منذ سنوات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات، معتبرا أنها ستفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. وقال قرقاش: "زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الإمارات والتي تأتي بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الجمهورية التركية، تفتح صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنسجم مع توجه الإمارات نحو تعزيز جسور التواصل والتعاون الهادفة للاستقرار والازدهار في المنطقة".

وأكد أنّ "الإمارات مستمرة في تعزيز قنوات التواصل مع مختلف الدول حرصا منها على دعم استقرار وازدهار المنطقة ورفاه شعوبها". وأوضح أنّ "سياسة الإمارات إيجابية وعقلانية وتصب في صالح الأمن والسلم والتنمية الاقليمية، وزيارة الرئيس أردوغان إلى أبو ظبي تأتي في هذا الإطار الذي نراهن عليه لضمان مستقبل مزهر".

وكانت أضاءت السلطات الإماراتية برج خليفة في دبي بلون العلم التركي ترحيبا بزيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الإمارات. وأضيء البرج على ألحان النشيد الوطني التركي، وظهرت على البرج عبارات أهلا بكم باللغة التركية، والإمارات وتركيا علاقات استراتيجية باللغتين العربية والإنجليزية.

المزروعي والسفير التركي

وقبيل الزيارة، كان التقى رئيس اتحاد غرف الإمارات، عبدالله محمد المزروعي، سفير جمهورية تركيا المعيّن حديثا لدى دولة الإمارات توغاي تونشير، وذلك بحضور مدير عام غرفة أبوظبي محمد هلال المهيري.

وأعرب المزروعي عن أهميّة تعزيز علاقات التعاون الوثيقة بين دولة الإمارات وجمهورية تركيا، لاسيما في مجال العلاقات التجارية والاستثمارية. مؤكداً أنّ العلاقات التركية – الإماراتية، تعتبر متينة وتشهد تطوراً مستمراً نحو دفع مسيرة التنمية الاقتصادية إلى مستويات متقدمة. وأوضح المزروعي أنّ "الإمارات وتركيا شريكان تجاريان مهمان حريصان على تعزيز تعاونهما في مختلف المجالات، كما تعد دولة الإمارات الشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى المنطقة"، لافتا إلى "أهمية مواصلة العمل المكثف بين قطاعي الأعمال في إمارة أبوظبي وتركيا، حيث تعتبر بيئة الأعمال في أبوظبي من أهم الوجهات التجارية الجاذبة للأعمال، لما تمتلكه من مزايا تفاضلية ومحفزة للاستثمار واستكشاف مجالات اقتصادية حيوية في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، وأبرزها قطاع السياحة والضيافة، وتكنولوجيا المعلومات والثورة الصناعية الرابعة، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية والأمن الغذائي والخدمات اللوجستية وغيرها".