تشهد العلاقات الليبية – المصرية، تطورا إيجابياً، انعكس على واقع التعاون بين البلدين في شتى المجالات، انعكس باستحواذ مصر على حصّة وازنة من المشاريع الضخمة التي باشرت ليبيا بتنفيذها منذ تطور المسار السياسي عبر برنامج "عودة الحياة".
استعانت حكومة الوحدة الوطنيّة في ليبيا بالشّركات المصريّة لتنفيذ مشروع (استكمال الطريق الدّائري الثالث) الذي يبلغ طوله الإجماليّ 23.8 كيلومترا، والذي كان متوقفا عن العمل منذ مطلع عام 2007، حيث تبلغ قيمة المشروع نحو 930 مليون دولار. وسيوفّر المشروع فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وخاصة لصغار المقاولين في ليبيا، بالإضافة إلى تشغيل العنصر الوطنيّ.
وبحسب جهاز الإسكان والمرافق "الحكوميّ"، سيوفّر المشروع 10 آلاف فرصة عمل قبل نهاية العام، بالإضافة إلى تنمية المناطق المحيطة بالطريق، الذي سيجري تنفيذه على أربع مراحل؛ بداية من غوط الشّعال مرورا بطريق المطار وتقاطع صلاح الدّين بالطّريق الدّائريّ، وصولا إلى شاطئ البحر بالقرب من مطار معيتيقة.
وكانت الحكومة الليبية وقّعت، عقوداً مع ائتلاف شركات مصرية لتنفيذ مشروعي صيانة وتوسعة طريقي "أوباري – غات" (غرب)، و"اجدابيا – جالو" (شرق). ووقع العقود مع الشركات المصرية، رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة، خلال فعالية للإعلان عن استكمال مشروع الطريق الدائري الثالث بطرابلس. والشركات المصرية التي تمّ التعاقد معها هي: "أوراسكوم للمقاولات" و"أبناء حسن علام" و"رواد للهندسة".
وقال الدبيبة خلال مراسم توقيع العقود: "نحن هنا للإعمار والبناء والحياة، لنبدأ مشروع استكمال الطريق الدائري الثالث بطرابلس". وأضاف: "استدعينا نخبة الشركات المصرية لتنفيذ مجموع من مشروعات الكهرباء والصرف الصحي والطرق في جنوب وغرب وشرق البلاد".
عقود ضخمة
ويأتي هذا التطوّر الإيجابي، مع جملة من المشاريع اتّفقت عليها حكومة الوحدة الوطنيّة الليبية مع الحكومة المصريّة في وقت سابق بمليارات الدولارات. وشملت الاتّفاقيّات تنفيذ مشاريع في قطاعات: الطّاقة، والكهرباء، والنّفط، ومجالات البنية التّحتيّة منها الطّرق والجسور، والصّحّة والتّعليم، والإسكان، والإدارة والخدمة والعامّة. كما تم توقيع 13 مذكّرة تفاهم مشتركة بين الجانبين، في عدد من المجالات المختلفة و6 عقود تنفيذيّة بالإضافة إلى استجلاب مليوني عامل مصريّ خلال ثلاث سنوات. وقدرت دراسة للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة "إسكوا"، أن تستأثر دول جوار ليبيا بنحو 160 مليار دولار من قيمة المشاريع المخصصة للإعمار، خلال أربع سنوات، ما يسهم في خفض معدل البطالة بنحو 6 في المئة في تونس، و9 في المئة في مصر، و14 في المئة في السودان.
النصيب الأوفر
واستحصلت مصر على النّصيب الأوفر في مشاريع إعادة الإعمار، بعد أن شهدت العلاقات اللّيبيّة فتورا خلال العشر سنوات الماضية. حيث أنّ العقود الّتي تحصّلت عليها مصر لم تتحصّل عليها منذ ما يقرب من 50 عاما، ما يمثّل نقلة نوعيّة في مستوى العلاقات، إذ تعدّ مشاريع إعمار ليبيا حجر الزّاوية في عودة العمالة المصريّة.
وبدأت الشّركة المصريّة لنقل الكهرباء بإجراء الدّراسات الخاصّة برفع قدرة خطّ الرّبط بين مصر وليبيا من 240 إلى 500 ميغاوات ليتمّ من خلاله نقل الطّاقة الكهربائيّة لليبيا. حيث تمّ توقيع عقود لتنفيذ مشاريع كهرباء مع شركات مصريّة بقيمة تتراوح بين 1.5 وملياري دولار.
ومن المرتقب أن تستحوذ الشّركات المصريّة على نسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة من مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا. وقدّر وزير الاقتصاد والتّجارة بحكومة الوحدة الوطنيّة محمّد الحويج، تكلفة إعادة الإعمار في ليبيا بنحو 25 مليار دولار سنويّا، إذ بلغ حجم الخسائر الّتي تسبّبت فيها الحروب وإقفال النّفط في ليبيا خلال الفترة من 2012 إلى2021 نحو 659 مليار دولار، فيما بلغ حجم الفرص الضّائعة خلال تلك الفترة نحو 791 مليار دولار.