أجرت "الاقتصاد والأعمال"، حواراً مع رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة الطيب شباب، الذي تحدّث عن عمق العلاقات التاريخية التي تجمع ليبيا والجزائر، وأهميّة تعزيزها وتنميتها عبر دعم مسيرة التنمية والنهوض في ليبيا، ورفع مستوى التبادل التجاري والاستثماري عبر توقيع المزيد من اتفاقيات الشراكة بين البلدين. ونوّه إلى أهمية إعادة فتح المعابر الحدودية بين الجانبين في القريب العاجل، بما سيساهم بانتقال وتنقّل رجال الأعمال والمستثمرين في كلا البلدين وتدشين مرحلة جديدة قائمة على التنسيق والتعاون المتبادل.
اما صعيد واقع العلاقات الاقتصادية العربية، فرأى رئيس الغرفة أنها ليست على ما يرام، ولا تمثّل 3 في المئة من حجم التجارة البينية، داعيا إلى تعزيز الأمن الغذائي العربي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بما يؤمّن الأمن الغذائي العربي. هذه الطروحات وغيرها من العناوين والقضايا البارزة في هذا الحوار:
- ما أهمية المشاركة الجزائرية في المؤتمر؟
- إنّ مشاركتنا في هذا المؤتمر الذي تستضيفه ليبيا في هذا الظرف الحسّاس والدقيق، يمثّل أهميّة مميّزة بالنسبة لنا، حيث نؤكّد وقوفنا ومساندتنا للإخوة الأشقاء في ليبيا، وأننا ندعم مسيرة التنمية والنهوض، بعد ما عانته ليبيا من ويلات بسبب الحرب التي نأمل أن تكون لفظت أنفاسها بفضل حكمة ووعي القيادات السياسية والشعب الليبي الذي يستحق كل الخير.
ونأمل أن يفتح هذا المنتدى، الطريق أمام عودة الروح والحياة إلى ربوع ليبيا، ومجيء المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار فيها، خصوصا وأنّ ليبيا تعالى مقبلة على مرحلة جديدة تتطلّب منّا كرجال أعمال ومستثمرين عرب، دعم التحوّل الإيجابي لما فيه من مصلحة عربية مشتركة.
- كيف تنظرون إلى واقع العلاقة الليبية – الجزائرية؟
- ترتبط الجزائر وليبيا بحدود جغرافية تبلغ حوالي 800 كلم، وهذه المساحة الجغرافية الواسعة، تمتد إلى تاريخ طويل من التعاون المشترك والعلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، حيث ساندت ليبيا الجزائر في نضالها الثوري ضد المستعمر، وكذلك وقفت الجزائر إلى جانب الشعب الليبي في محاربة الغزاة، وبالتالي إنّ هذا التاريخ المجيد بين البلدين والشعبين، يجعلنا مؤمنين وأكثر من أي وقت بأهمية تعزيز العلاقات لما يخدم طموحاتنا وأهدافنا المشتركة.
من هنا تأتي أهمية حضورنا كمستثمرين ورجال أعمال وتجّار للمشاركة في هذا المؤتمر، وذلك استكمالا للزيارة البارزة التي قام بها رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد دبيبة، خلال شهر مايو على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع، والذي تمخّض عنه العديد من القرارات الهامة، وعلى رأسها ضرورة إعادة فتح المعابر الحدودية التي تربط ليبيا بالجزائر، ولا سيّما معبر الدباب – غدامس الذي كان مغلقا منذ عام 2014، والذي يشكّل شريانا حيويا للتجارة المتبادلة بين البلدين. إلى جانب إنشاء معبراً جوياً وبحرياً بين العاصمتين الليبية والجزائرية، بما سيساهم بالانتقال بين البلدين، لنكون بذلك دشّنا مرحلة جديدة قائمة على التنسيق والتعاون المتبادل.
إنّ انعدام الاستقرار الأمني والسياسي الذي عاشته ليبيا على مدار السنوات الماضية، حدّ من تعزيز العلاقات الاقتصادية، ومن هنا نأمل أن يؤدي الاستقرار الذي بدأت تشهده ليبيا، معطوفا على الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي سوف تجري نهاية العام الجاري، إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات عنوانها التعاون المثمّر والبنّاء. وانطلاقا من ذلك، المطلوب اليوم تفعيل وتوقيع المزيد من الاتفاقيات والشراكات، من أجل تذليل العقبات التي تحول دون رفع مستوى حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين، فضلا عن ذلك لا بدّ من توفير الضمانات وإقرار القوانين التي تحدد من العراقيل الموضوعة أمام المستثمرين بما يؤدي إلى تعزيز حركة المستثمرين والاستثمارات البينية.
إن إعادة فتح المعابر بين الجانبين، وكذلك فتح المعابر الجويّة بين ليبيا والعالم، سوف تساهم بالتأكيد في تحفيز المستثمرين على المجيء إلى ليبيا والاستثمار فيها، حيث ليبيا بأمس الحاجة إلى الاستثمارات الخارجية، من أجل الانطلاق.
هناك العديد من المجالات التي يمكن الاستثمار فيها في ليبيا، فإذا تحدّثنا عن النفط فإنّها تمتلك موارد هامة، في حين أنّ الجزائر تعتبر دولة رائدة على صعيد الصناعة النفطية من خلال الشركة الوطنية الجزائرية "سوناطراك" التي تعمل بالأساس في ليبيا منذ 16 عاما. وعلى صعيد قطاع اللوجستيات والبنى التحتية، هناك شركات جزائرية رائدة في هذا المضمار، وكذلك الواقع بالنسبة لقطاع الزراعة والري، وأيضا في مجال الصحّة وغيرها من القطاعات الواعدة.
- هل تعتقدون أنّ قانون الاستثمار الحالي يشجّع المستثمرين للاستثمار في ليبيا؟
- هناك طفرة نوعيّة من القوانين التي تمّ إقرارها في الآونة الأخيرة، سواء في ليبيا وحتّى في الجزائر، والتي جميعها تصب في إطار تحفيز وتشجيع وجذب الاستثمارات الخارجية. فقانون 9/2021 في ليبيا يعدّ من أهم القوانين الجاذبة للاستثمارات والمحفّزة للمستثمرين العرب والأجانب على السواء.
- كيف تنظرون إلى واقع العلاقات الاقتصادية العربية – العربية؟
- آسّف القول إنّ واقع العلاقات الاقتصادية بين البلدان العربية، ليس على ما يرام حيث لا تتعدى حركة التبادل التجاري البيني العربي حدود 3 في المئة، وهذا أمر غير مقبول خصوصا في ظل العوائق الموضوعة من جانب جميع البلدان العربية، والتي تحدّ من حركة تنقّل رجال الأعمال، وحركة البضائع بفعل العوائق الجمركية. وبالتالي أمام هذا الواقع لا بدّ من إجراء مراجعة شفافة من جانب سائر البلدان العربية، إذا ما أردنا فعلا تطوير واقع العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية العربية.
اليوم البلدان العربية، تعدّ مجتمعا استهلاكيّا، ورأينا كيف أنّ سلاسل الامداد والتوريد العالمية تأثرت بفعل جائحة كورونا، ما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية عالميا، الأمر الذي سيؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي العربي الذي يعدّ من الأولويات، خصوصا وأنّ العالم العربي يزخر بالأراضي الزراعية الخصبة التي إذا ما أحسّنا استثمارها لاستطعنا توفير السلّة الغذائية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ولما لا في مرحلة لاحقة البدء بالتصدير نحو العالم.
- ماذا يحتاج العالم العربي للتأقلّم مع المتغيرات الاقتصادية العالمية التي أفرزتها جائحة كورونا؟
- جائحة كورونا بمثابة نعمة وليس نقمة، فالعالم ما بعد الجائحة أدرك أنّ الاعتماد على الصين كوجهة واحدة فقط، هو خطر على العالم بأثره. وهذا ما أدركته أوروبا وحتى الولايات المتحدة، ولذلك لا بدّ اليوم من وجهة جديدة، وهذه الوجهة بنظري هي افريقيا التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة غير مستثمرة بالشكل الفعّال.
اليوم الفرصة سانحة بالنسبة إلى الدول العربية الافريقية لتكون بوابة العالم نحو الاستثمار في هذه القارة، حيث تعدّ قارة أفريقيا إحدى الوجهات المهمة لجذب الاستثمارات من شتى دول العالم، ولا سيّما من دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يعزز أداء اقتصادات دول الخليج بشكل عام واقتصادات الدول الافريقية العربية وغير العربية، خصوصا في ظل السعي اليوم من جانب كافة دول العالم نحو تنويع مصادر دخلها وتحسين إيراداتها بعيداً عن النفط.