هل دخلت المنطقة مرحلة التحوّلات الرقمية الكُبرى؟

17.11.2021
نضال أبو لطيف
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
 
 
إياد ديراني
 
كوفيد-19 يقترب من التحوّل إلى مجرد ذكرى سيئة من الماضي، لكن نتائجه على المستوى التكنولوجي والرقمي تؤكد أن تأثيراته ستستمر بمرافقتنا، لا بل ستصبح جزءا من مستقبل حياة شعوب الأرض. لكن ما هي انعكاساته الرقمية في المنطقة على المدى البعيد؟ توجّهنا بهذا السؤال إلى نضال أبو لطيف، الذي يمثّل مرجعية إقليمية وعالمية في مجال التكنولوجيا وعلاقتها بالاقتصادات والمجتمعات والدول. أبو لطيف يعمل انطلاقا من دوره كرئيس لـ أڤايا العالمية منذ 2003، على تغطية نشاطات الشركة في أوروبا، الشرق الأوسط وأفريقيا بالإضافة إلى منطقة آسيا – الباسيفيك، ويدعم الحكومات والأعمال، بهدف تحقيق تغيير رقمي شامل في حياة الناس. ويقود حاليا آلاف الموظفين والشركاء في أربعة قارات، لتقديم حلول تكنولوجية تساعد المؤسسات على تسريع خطواتها في رحلة التحوّل الرقمي.  
 
استهل أبو لطيف الإجابة على السؤال، بالتأكيد على أن التحوّل إلى الخدمات الرقمية الذي انطلق خلال العقد الماضي، شهد تسارعا لا سابق له في التاريخ بسبب انتشار كوفيد 19، وأضاف: "ما أستطيع تأكيده بناء على نتائج الزيارات التي قمنا بها إلى عدد من بلدان المنطقة خلال السنوات الماضية، هو أننا نخوض مرحلة التحوّلات الرقمية الكُبرى التي بدأت مؤشراتها بالظهور منذ سنوات، وهي تحدث بتأثير من مجموعة عوامل. ونحن نرى تأقلما مع التغيرات خصوصا على صعيد التكنولوجيا، خصوصا بعد كوفيد-19 من جهة والتطورات الاقتصادية من جهة أخرى وما رافقهما من نماذج أعمال جديدة تبيّن أنها سترافقنا مستقبلا. الشركات والناس والحكومات حسمت أمرها لجهة تسريع دمج استخدام التكنولوجيا في كل مفاصل الحياة اليومية، خصوصا منها التطبيقات الرقمية التي تتيح العمل عن بُعد. وقد ساعدت فئة الشباب التي تشكّل نسبة رئيسية من السكان في المنطقة على تسريع عملية التأقلم الرقمية". 
 
وتابع قائلا: "في بداية مرحلة التغيرات ظنّ البعض أن حلول العمل عن بُعد ستساعد الأسواق والدول لفترة، وسنعود لاحقا إلى اعتماد النموذج القديم أي الذي يعتمد على اللقاء وجها لوجه بين الناس سواء في المكاتب أو الاجتماعات. لكن حصل أمر مذهل خلال تجربة ممارسة النشاطات عن بُعد، فقد اكتشف الجميع أننا بحاجة إلى هذا النموذج، ولهذا تم توفير كل مقومات استمراريته في سياسات القطاعين الخاص والعام. لقد اعتمدنا لزمن طويل على نموذج العمل "وجها لوجه" على الرغم من توفر أدوات تكنولوجية تتيح لنا اعتماد نموذج العمل عن بُعد".
 

الفرصة الذهبية

وشرح قائلا: "ما حصل خلال العامين الماضيين على صعيد زيادة استخدام التكنولوجيا خصوصا التطبيقات التي تتيح ممارسة النشاطات عن بُعد شكلت فرصة ذهبية لكل الناس، فقد سهلت حياتهم ومكنتهم من متابعة ممارسة نشاطاتهم واختصار الوقت وتوفير التكاليف".
 
ومع انحسار موجات كوفيد 19 حول العالم، استمر الجميع بالاتكال على تطبيقات العمل عن بُعد لأنهم وجدوا قيمة حقيقية فيها. وشكلت البنية التحتية التكنولوجية في مختلف بلدان المنطقة والعالم عاملا رئيسيا مسهّلا لهذا التوجّه. عندما احتاج الجميع إلى حلّ يتيح متابعة الأعمال والدراسة والحصول على مختلف الخدمات، وجدوا أن البنية التحتية جاهزة لتقديم الحلول، لا بل تفاجأ البعض بمدى جهوزية هذه البنية". 
 
ويقول: "بعض البلدان لم تعد تتيح للناس زيارة الدوائر العامة لإنجاز المعاملات، لا بل ذهب بعضها كدولة الامارات أبعد، إذ بات الناس يعتمدون على رقم بطاقة الهوية للتعريف عنهم في كل المجالات سواء لقيادة السيارة أو لغيرها من النشاطات التي تتطلب بطاقة تعريف. وسواء تعلق الأمر بشراء سيارة أو أخذ موعد لدى طبيب أو حتى شراء عقار، باتت التطبيقات جاهزة لتسهيل انجاز كل ما يتعلق بالناس وحياتهم. التغيير كبير، لكن الناس تتأقلم، ولا زلت أذكر عندما تم تركيب أجهزة الصراف الآلي كيف تساءل البعض حول طريقة إخراج النقود من قطعة حديدية، لكنهم تعوّدوا وتأقلموا". 
 

المنصات بطلة المرحلة

وأضاف: "لهذا، المنطقة مقبلة على تغيرات واسعة وهي تشهد مرحلة تحولات كُبرى واضحة المعالم، وستكون المنصات الرقمية بطلة هذه المرحلة، إذ ستعتمد عليها كل الأعمال وشتى أنواع الشركات التي تزوّد الخدمات والمنتجات. وفي مجال عملنا في أڤايا، الذي يركز على إيجاد حلول الاتصالات والتواصل وتسهيل نشاطات فرق العمل عن بُعد، نرى أن المنصات ستكون مركزية. لا يوجد بلد في المنطقة اليوم لا يدعم هذا النوع من المنصات التي نستخدمها لمساعدة الشركات والحكومات والأفراد. لهذا يمكنني الجزم أن المنصات ستكون ركيزة تطوير الأعمال وتسيير شؤون المؤسسات والناس في مختلف المجالات". 
 
وختم اللقاء قائلا: "لقد ساعدنا كل أنواع المؤسسات خلال الفترة الماضية على اعتماد الحلول والمنصات الرقمية، ونلاحظ أن القطاع الحكومي لا زال يشكل قاطرة المشاريع الرقمية، لأنه عنصر رئيسي مؤثر لا على الناس فحسب بل أيضا على الشركات في مختلف القطاعات سواء كانت الرعاية الصحية أو التعليم والمصارف وشركات الخدمات واللوجستيات والتجارة الإلكترونية ومراكز الاتصال وخدمة العملاء وغيرها. والقطاع الخاص من جهته، يرى في هذا التوجّه الحكومي فرصة للمضي قُدما وقيادة مرحلة المتغيرات".