ماهي تكاليف الإنقلاب السوادني الفاشل؟

27.09.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

د. أماني الطويل

فضلاً عما سببته المحاولة الإنقلابية الفاشلة في السودان من جدل سياسي خطير يعلو سماء الخرطوم في الوقت الراهن، يبدو أن التكاليف السياسية والإقتصاية لمسببات الإنقلاب وتداعياته تبدو باهظة، يدفعها المواطن السوداني وحده الذي يتردى مستوى حياته اليومية .

أحد أهم مسببات المحاولة الإنقلابية هو تراخي الأطراف السياسية والعسكرية في حل الأزمة السياسية في شرق السودان، وهي الأزمة المرتبطة برفض مسار الشرق في إتفاقية جوبا الموقعة بين الحكومة والحركات المسلحة في إكتوبر ٢٠٢٠.

في هذا السياق تكونت كيانات سياسية في الشرق أقدمت على إغلاق موانيء السودان، وطرقه الرئيسية الرابطة الإقليم بباقي أنحاء البلاد فضلا عن إغلاق المطار الذي سرعان ما تم فتحه مرة أخرى. وقد  جاءت التحركات الاحتجاجية تنفيذا لدعوة "المجلس الأعلى لنظارات قبيلة البجا" بإغلاق أكثر من خمس نقاط ، وهي الشوارع المؤدية من إقليم شرق السودان إلى باقي أنحاء البلاد وخصوصا العاصمة  الخرطوم حيث شمل الإغلاق 3 نقاط في ولاية البحر الأحمر، منها محطة "العقبة" المؤدية لموانئ البلاد في بورتسودان وسواكن على البحر الأحمر، ومحطة أوسيف على الطريق مع مصر،،كما شمل الإغلاق منطقتين في ولاية كسلا وثلاث مناطق في ولاية القضارف، وإستثني الإغلاق حافلات السفر، ومركبات الشرطة والإسعاف والمنظمات.

هذه التطورات الخطيرة التي مضى عليها ما يقارب الأسبوع لم يتحرك لمحاصرتها أي من الأجهزة الأمنية أو العسكرية السودانية رغم تأثيرها على أمن الدولة الشامل، حيث أن إقليم شرق السودان هو الإقليم المتحكم في حركة الدولة مع العالم على الصعيد الإٍقتصادي والتجاري حيث تستورد 70 في المئة من إحتياجاتها، وهو أيضا المؤثر بفاعلية كبيرة على إستقرار دولة جنوب السودان من، حيث أن العوائد البترولية هي جل مكون الموازنة الجنوب سودانية والتي تحافظ علي إستمرار عمل دولاب الدولة.

الأسباب الرئيسية للإحتجاج كما يعلنها المحتجون هي أن إقليمهم بقرة حلوب لباقي السودان بما يملكه من موارد لوجستية  ممثلة في الموانيء، بينما هم يعانون التهميش التنموي الكبير، وهي حقيقة نستطيع أن نؤكد عليها من بعض المؤشرات الإحصائية، مثل إرتفاع عدد وفاة النساء الحوامل في شرق السودان، نظراً لغياب الخدمات الصحية، وكذلك إرتفاع نسبة وفيات الأطفال ، وغيرها من المؤشرات الدالة على التهميش التنموي.

الترجمة المالية لهذا الإجراء ذو الطابع السياسي  في دولة السودان الشمالي طبقاً لوزارة النقل السودانية خسارة حوالي ٥ مليون يورو نتيجة إغلاق الموانيء، ناتجة عن الآثار الضارة في تعامل الشركات العالمية مع الموانئ السودانية بزيادة نسبة النايلون من 25 إلى 50 في المئة، علاوة على زيادة تكلفة التأمين البحري على السفن والتأمين على البضائع، وهذا يزيد من التكلفة مما يُؤثر على المواطنين السودانيين في الأجل المتوسط والطويل حتى بعد انتهاء الأزمة، وهو مايعني في التحليل الأخير  فقدان الثقة في الموانئ البحرية، كما أن بعض شركات النقل قد لا تُوجه سفنا كبرى إلى البلاد حتى لا تتكبد خسائر، لذا سيكون التعامل بسفن صغيرة من الموانئ حول السودان، وليس من الدول المصدرة مثل الصين والهند".

كما يشكل استمرار إغلاق الموانئ، ما يعيق انسياب البضائع إلى داخل  السودان وتراكم البضائع في الميناء، وهو ما يقود إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية، وذلك فضلاً عن تأثر أوضاع حوالي ١٦ ألف عامل وموظف يعملون داخل موانيء السودان الخمسة.

النتائج الشاملة للمحاولة الإنقلابية الفاشلة للسودان تبدو مرعبة بشأن إستمرار حالة عدم الإستقرار السياسي في السودان، وهي الحالة التي لابد وأن تؤثر علي إتجاهات الإستثمارات العربية والعالمية للسودان، ومدى الثقة بضمان سلامة المؤسسات والكيانات الإقتصادية.

في هذا السياق ربما تكون تهدئة الأوضاع بين أطراف العملية السياسية السودانية والتمسك ببنود الوثيقة الدستورية عبر حوار بناء يطاول مستويات من الرشد السياسي تبدو الحل الوحيد للحفاظ علي مؤسسة الدولة السودانية  المؤثر على أمن الجوار الإقليمي، والإستقرار القاري في إفريقيا .