حكومة الأمل والعمل

18.09.2021
نجيب ميقاتي
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

كتب: بهيج أبو غانم

دخل مطلع الأسبوع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي السراي الحكومي بعد 13 شهراً من الفراغ الحكومي الذي شهد لبنان خلاله، ولا يزال، أزمة اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية وتربوية غير مسبوقة شملت القطاعات والمرافق الحيوية والحياتية كافةً.

والعودة الثالثة للرئيس ميقاتي إلى سدة الرئاسة الثالثة تختلف جذرياً عن سابقتيها لاسيما من حيث الظروف المحيطة بها التي تحمل في طياتها مهمات متنوعة وصعبة، يزيد في صعوبتها فن إدارة الأزمة وتحديد أولويات المعالجة الجذرية للأزمة المُستعصية واتخاذ القرارات الجريئة بعيداً عن "المسكنات" التي طغت على تدابير الحكومة السابقة والتي حاولت شراء الوقت بقرارات شعبوية زادت المشاكل تعقيداً.

المهمّ أن الحكومة تشكّلت، وأيّ حكومة بالتأكيد أفضل من الفراغ، إنها حسب قول الزميل غسان ريفي حكومة "الأمل والعمل"، لتأكيد النظرة الحيادية تجاهها والحكم عليها من خلال إنجازاتها علماً أن أمامها فترة قصيرة لا تتعدى الثمانية أشهر موعد إجراء الانتخابات النيابية الموعود بها.

ثقة الداخل والخارج

لا شك أن أمام الحكومة مهمات غاية في الصعوبة وأولوياتها بلا شك هي وقف الانحدار الحاصل. فكيف ستعمل ومن أين تبدأ؟.

 أولى الأولويات هي: أن تحظى الحكومة بثقة الخارج المتمثل في المجتمع الدولي، وهي ثقة يتعذر اكتسابها من دون المباشرة في تنفيذ ورشة الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة منذ سنوات. ولا شك أن ردود الفعل الأولى على الحكومة تبدو مشجعة وتبعث على التفاؤل لا سيما من خلال موقف الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا الذي يحمل في طياته بارقة أمل يمكن العمل عليها واستغلال الوقت من أجل تحويل هذا الرهان إلى وقائع، فالأجواء الدولية تبدو مرضية إلى حدّ  لا يستهان به ويمكن الرهان عليها بالمسارعة إلى اتخاذ قرارات إصلاحية ذات معنى وجدوى.

أما الأجواء الإقليمية وتحديداً العربية فلم تكشف عنها ايّ تصريحات أو مواقف، لكن من الطبيعي القول إن الإستجابة العربية مؤجلة في الوقت الحاضر إلى حين جلاء الأمور وفي انتظار مُبادرات المجتمع الدولي. ويدرك الرئيس ميقاتي ذلك، وهو يبدو على استعداد لبذل الجهود من أجل وصل ما انقطع بين لبنان وبلدان الخليج وبخاصة المملكة العربية المتحدة.

صندوق النقد الدولي

إن بروز أيّ موقف إيجابي من المجتمع الدولي يمهّد من دون شك إلى مُعاودة البحث مع صندوق النقد الدولي الذي هو المفتاح لأيّ عملية إنقاذية ولو مؤقتة وسريعة.

ويبدو أن الرئيس ميقاتي على قناعة تامة بذلك، ويساعده في ذلك بعض المواقع الوزارية  المساعدة مثل موقع نيابة رئاسة الوزراء وموقع وزارتي المالية والاقتصاد والتجارة وهي مواقع بمن يمثلها، يمكنها وبأولوية ملحّة، المباشرة في المفاوضات مع التنويه بتسلّم لبنان نحو 1135 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة. ويمكن القول أن المحادثات مع الصندوق ربما قد تكون بدأت قبل ذلك بحيث تبدو الحكومة حسب تعبير بعض المحللين بأنها حكومة صندوق النقد. لكن ذلك دونه مشاكل ومطبات تتمثل في الحصول على اجماع القوى السياسية على الشروط التي يتطلبها الصندوق، وهي شروط صعبة وغير شعبوية. علماً أن اللبنانيين اعتادوا على بعض منها لاسيما لجهة رفع الدعم عن المواد الغذائية وتالياً المحروقات. فهل تجرؤ الحكومة على مثل هذه القرارات أم تتلكأ وتغرق في الإختلافات بين القوى السياسية الممثلة فيها. علماً أن قطع شوط في التفاوض مع صندوق النقد قد يكون عاملاً مهماً في انخفاض سعر صرف الليرة باعتباره الممهد لوصول بعض المساعدات والقروض العاجلة وتعزيز احتياطات مصرف لبنان.

قطاع الطاقة

أما الأولوية الثانية أمام الحكومة فتتعلّق بقطاع الطاقة وهنا، ينبغي أن يكون سؤال الناس: أين الكهرباء وليس أين المازوت؟ فانقطاع التيار الكهربائي هو المشكل الأساسي وازدياد التقنين هو السبب في ارتفاع الطلب على المازوت.

إن القطاع يبدو أنه مرشح لتطورات ايجابية بعض الشيء من خلال استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر سوريا، فضلاً عن بدء وصول الفيول من العراق. وفي حال تنفيذ ذلك، فإن هذا الأمر ينطوي على دلالات ليست اقتصادية وحسب بل سياسية  كذلك.

ومع ذلك إن كلّ هذه التطوّرات تبقى مؤقتة ولا توفر التغذية التامة للكهرباء ما لم يتم البحث في توفير الطاقة ذاتياً. وعبر محطات الكهرباء التي توفر حلاً دائماً. بعيداً عن التدابير المؤقتة سواء عبر البواخر أو عبر الإستعانة بالجوار.

وللمناسبة، قد يكون إحياء البحث مع الصندوق العربي من أجل توفير قرض ميسّر وطويل الأجل يخصص لبناء منشأة أو أكثر لإنتاج الطاقة. وبالطبع دون ذلك تحفظات محلية معروفة.

لا شك أن عرض أولويات عمل الحكومة يستلزم صفحات لكن الأمل أن تتمكن هذه الحكومة برئاسة رئيسها نجيب ميقاتي المعروف عن كفاءته وحنكته وقدرته على تدوير الزوايا من اتخاذ سلسلة من القرارات الناجعة التي توقف الانحدار الحاصل وتبعث الأمل بمعالم حلول للأزمة المُستعصية... وأمام هذه الحكومة فرصة للإنجاز. فهل تتمكّن من ذلك؟