سعر جديد لصرف الدولار
غير مجدٍ و "مسكّن" جديد

07.09.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
بهيج أبو غانم

يبدو أن كلّ أجهزة السلطة الحاكمة والمتحكمة مُتشاركة ومُتعاونة في اتخاذ الحلول المؤقتة واعتماد وصفة "المسكّنات" هرَباً أو عجزاً عن استنباط الحلول الجذرية، وسعياً في الوقت نفسه، إلى شراء الوقت وتمييع مختلف جوانب الأزمة إلى أن يقضي الله أمراً. أو إلى أن يتمّ القضاء على خبر آمل في حلّ الأزمة المُستعصية.

ومثل هذه السياسة التخديرية والشعبوية في آن شهدها لبنان منذ بدايات الأزمة، سواء بالنسبة إلى سياسة الدعم واللادعم التي استنزفت من دون طائل إحتياطات مصرف لبنان والمقدرة حسب آخر الأرقام بنحو 13 مليار دولار، أو بالنسبة التعاميم المصرفية المُتعلّقة بالسحوبات وبتحديد مستويات مختلفة لأسعار صرف الدولار.

وإذا كان الأمر يقتضي النظر إلى النتائج المحققة من هذه السياسات، نجد أن أسعار السلع ومعظم الخدمات في تحليق مُستمرّ، ونجد أن أسعار المحروقات غارقة في بحر السوق السوداء على مختلف المشتقات، وكذلك غارقة في العمليات المُستمرّة للتهريب إلى الخارج الذي يستنزف أكثر من ثلث المبالغ المدعومة. بمعنى آخر أدّت سياسة الدعم واللادعم في آن إلى توفير فرص ثمينة لجيوب المهرّبين والمُحتكرين وحلفائهم ولمجموعة من الذين يطلق عليهم تسمية "تجار الحرب" أو "مصاصو الدماء".

مثال على "المسكّنات"

وآخر بدعة في سياسات الترقيع وشراء الوقت برزت من خلال البحث الجاري عن سعر جديد لصرف الدولار يتمّ اعتماده لتمكين المودعين من سحب بعض من مدخراتهم بسعر جديد غير الـ 3900 ليرة للدولار إلى ما يُقارب الـ 6 أو 7 أو ربما الـ 10 آلاف ليرة للدولار الواحد. وتتمّ دراسة هذا الموضوع لتحديد تداعياته وانعكاساته على الوضعين النقدي والمالي. والواضح أن لجنة المال والموازنة النيابية شريك أساسي في هذا التوجّه بالتعاون مع مصرف لبنان، وبمباركة من أطراف عدّة في السلطة.

والواضح أن النتيجة النهائية لهذا التدبير، هي العمل تدريجياً، على تذويب كتلة الودائع عن طريق سحبها ببدائل بالعملة اللبنانية بأسعار جديدة قد تدغدغ رغبات البائسين من مصير ودائعهم لا سيما بالعملة الأجنبية.

وبدل أن يكون السعي الدائم هو كيفية الحفاظ على هذه الكتلة وصون مصير القطاع المصرفي، نرى التوجه هو نحو تذويب هذه الكتلة التي تراجعت بأكثر من 70 في المئة منذ ما قبل بداية الأزمة حتى اليوم.

الآثار الجانبية

ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة ستكون لها نتائج سلبية بمعظمها. وهي تشتمل في الآتي:

1 – الإمعان في تعميم اللا مُساواة بين صفوف المودعين نظراً إلى تعدّد أسعار الصرف التي اعتمدت منذ بداية الأزمة بدءاً من 1515 ليرة، ثم إلى 3000 (التعميم 151) ثم إلى 4000 ليرة (التعميم 158) مروراً بالـ 8000 ليرة للمحروقات و 12 ألف ليرة على منصة "صيرفة" وكلّ ذلك في مُقابل سعر السوق غير الرسمي الذي صعد دائماً إلى مستويات أعلى إلى أن وصل إلى نحو 20 ألف ليرة.

2 – إن التدبير سيكون له نتائج مُباشرة على صعيد ارتفاع حجم الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية التي وصلت إلى 43 ألف مليار ليرة، وأي مستوى للسعر الذي سيتقرر ستكون له نتائج مماثلة على صعيد حجم هذه الكتلة التي يسعى مصرف لبنان عبر مختلف الوسائل لامتصاص هذه السيولة.

ومما يزيد من تفاقم حجم الكتلة النقدية، هو القرار الأخير الذي صدر عن لقاء رئاسي قضى بإعطاء منحه لموظفي القطاع العام توازي شهراً واحداً.

3 – إن اعتماد معادلة جديدة للدولار ستوفر للمودعين كتلة إضافية (قد تكون نحو 10 مليارات ليرة) سوف يخصص قسم منها لشراء الدولار، الأمر الذي سيشكل عامل ضغط جديد على سعر صرف الدولار.

4 – كما أن هذه الكتلة التضخمية الجديدة ستُساهم في تحقيق ارتفاع جديد في أسعار السلع والخدمات الأمر الذي يلاشي قيمتها الشرائية بالنسبة إلى أكلاف المعيشة.

من هنا يبدو أن هذا التدبير الجاري درسه وإقراره ستكون له تأثيرات سلبية جانبية من شأنها أن تقلل كثيراً من جدواه وايجابياته. فهل ثمة إدراك لهذا الأمر؟.

السادة النواب

 فيا حضرة السادة النواب الكِرام، إبحثوا عن الحلول الجذرية التي تبدأ بتشكيل الحكومة التي صرنا ننتظرها بأي حكومة، فهي مفتاح الحلّ غير السحريّ لكنها البداية التي لا بدّ منها.

ويا أيها السادة أعضاء لجنة المال والموازنة... حاولوا أن تضغطوا على السلطة الحاكمية لتشكيل الحكومة، ووجهوا رسائل لها. فكما اعتاد رئيس الجمهورية على توجيه رسائل لكم، إجتمعوا ووجهوا له رسالة تتضمّن إستعراضاً شاملاً للأوضاع القائمة لعلّها لا تصله في وسائل أخرى.

أيها النواب... مارسوا واجباتكم في البحث عن حلول جذرية للأزمة وإلا كفوا عن محاولات تشريع حلول مؤقتة لا تغني ولا تسمن من جوع.