رئيس غرفة الأردن لـ "الاقتصاد والأعمال":
ما زلنا في دوامة الكورونا

09.07.2021
نائل الكباريتي
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

أجرت "الاقتصاد والأعمال"، حواراً مع العين نائل الكباريتي، حول التطورات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة العربية، وواقع القطاع الخاص في ظل الآثار المترتبة عن جائحة "كورونا"، فضلا عن التحالفات الاقتصادية العربية الجديدة ولا سيّما بين مصر والأردن والعراق، وغيرها من القضايا الهامة، وهنا الحوار. 

  •  إلى أي مدى غيّرت جائحة كورونا النظام الاقتصادي العالمي؟

-  برزت جرّاء جائحة "كورونا" عقبات جديدة لدى كافة القطاعات، ومن بينها قطاع النقل واللوجستيات الذي يواجه اليوم صعوبات كثيرة سواء على الصعيد المالي أو على الصعيد التقني، أضف إلى أنّ هناك منتجات جديدة ظهرت في الأسواق أدّت إلى خلق آلية جديدة في الاستهلاك.

ومن هذا المنطلق وأمام المتغيرات الهائلة الحاصلة، لا بدّ من تغيير نمط وآليات العمل، وخلق أفكار جديدة تتماشى مع المتغيرات، بما يساعد القطاع الخاص على التأقلّم والنهوض من كبوته، سيما وأنّ تداعيات جائحة "كورونا" مستمرّة ويتخوّف أن يشهد عام 2022 إغلاقات كبيرة للشركات حول العالم بسبب غياب أو توقف الدعم المالي المباشر الذي كانت تحظى به من جانب حكوماتها، وهذا الأمر الخطير سينعكس كسادا حول العالم، ولا سيّما في بلداننا العربية، حيث لدى هذه الشركات وكلاء سيتأثرون بدورهم نتيجة ما تعانيه من تعثّر مباشر أو غير مباشر.

  • كيف تنظرون إلى واقع القطاع الخاص العربي؟

-  القطاع الخاص العربي سوف يتجاوز الأزمة الراهنة، ولكن السؤال الجوهري هو: كم سيكون حجم الخسائر، وما هو الدور الذي علينا القيام به من أجل التقليل من حجم هذه الخسائر؟ وهذا يتطلّب منّا جميعاً، إعداد الدراسات التي تستشرف المستقبل مع الأخذ بعين الاعتبار واقع كل بلد عربي. إلى جانب تخفيف الحكومات العربية الإهتمام بالقطاع العام وأن تركز على القطاعات الاقتصادية الجديدة والتي يدير أكثريتها القطاع الخاص.

-  ويجب أن لا يظل القطاع الخاص يعتمد على الرعاية التي توفّرها الحكومات له، لأنّ الواقع الاقتصادي تغيّر، والنظام الاشتراكي أو النظام "الرعوي" بات من الماضي، وإذا استمرينا على هذا المنوال، ولم يفرض القطاع الخاص دوره وهيبته على الدولة، فلن يكون لنا كقطاع خاص عربي مكاناً في النظام الاقتصادي الجديد. 

  • ما هي رؤيتكم لتعظيم دور القطاع الخاص العربي؟
  • دور القطاع الخاص فعّال ومؤثر جدّا في العالم العربي، فهو المستورد الأول للسلع وليس الحكومات، ولولا الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع الخاص على صعيد الأمن الغذائي لكان العالم العربي يواجه اليوم أسوأ أزمة غذائية جرّاء "كورونا".
  • برأيكم كيف السبيل لتعزيز الاستثمارات البينية العربية؟

-  يوظّف المستثمر بالدرجة الأولى أمواله في البلدان التي تحظى بالأمان ولديها التشريعات والقوانين التي تضمن حقوقه وحرية تنقّل رأسماله، بعيدا عن البيروقراطية. كما ويعنيه كمستثمر في المقام الأول غياب الشروط المعقّدة أو القوانين التي تلزمه بالشراكة مع شريك محلّي من الدولة التي يستثمر فيها، وهو ما يحدّ بشكل كبير من جذب الاستثمارات.

وعلى سبيل المثال فإنّ معظم البلدان العربية أقرّت قوانين استثمارية في غاية الأهمية من حيث الجوهر، ولكن آليات التطبيق على أرض الواقع معقّدة، وإذا تمكّنا كبلدان عربية من الوصول إلى الأهداف المنشودة التي تمنح الثقة للمستثمر، نستطيع حينئذ الحديث عن تعزيز واقع الاستثمارات البينية العربية.

  • ما هي فرص نجاح الشراكة الاقتصادية العربية؟

-  نجح الاتحاد الأوروبي بأن يكون قوة اقتصادية مؤثّرة حينما انتهج سياسة فصل السياسة عن الاقتصاد، ونحن كبلدان عربية إذ ما أردنا أن نفرض أنفسنا كقوة اقتصادية فاعلة ولها تأثير على الخارطة الاقتصادية العالمية، علينا أن نتحالف كتكتلات اقتصادية، لأنّ نجاح أي دولة عربية ككيان منفصل لن يحقق لها القوة المرجوّة مهما علا شأنها.

  • ما هي أهميّة مشروع "الشام الجديد" المشترك بين مصر والأردن والعراق؟

-  مشروع "الشام الجديد" يقوم على أساس التفاهمات والمصالح الاقتصادية في المقام الأول بين العراق ومصر والأردن. وهو يعتمد على الكتلة البشرية الضخمة لمصر، مقابل الثروة النفطية الضخمة التي يمتلكها العراق، وتنضم لهما الأردن بحكم موقعها الجغرافي الذي يربط العراق بمصر. ونعوّل على أن يكون "الشام الجديد" نواة لتكتل أوسع، قد يضم قريبا دول عربية أخرى، وحينها سيكون العامل الأول في ذلك التطور المرتقب هو الاقتصاد، خصوصا في ظل وجود مشاريع ضخمة مطروحة بين دول الخليج و"الشام الجديد" لم تظهر للعلن بعد.

  • ما هي مجالات الاستثمار التي برأيكم يجب ان تستثمر فيها البلدان العربية؟

- إنّ التحول الاقتصادي هو مسعى طويل الأجل، وحالما تأخذ الجائحة دورتها وتعود البلدان العربية ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي إلى "الوضع الطبيعي الجديد"، فلا بدّ من العمل على تسريع وتيرة الاستثمار في رأس المال البشري الذي سيكون أمرًا بالغ الأهمية لبناء نموذج لنمو اقتصادي مستدام ومتنوع الأنشطة. إلى جانب الاستثمار في الذكاء الصناعي، العملة الرقمية، تكنولوجيا الدفاع، وغيرها من مجالات الاستثمار الواعدة خصوصا تلك التي تتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي والثورة الصناعية الرابعة.

  • ما هو الدور المناط اليوم باتحاد الغرف العربية من أجل تعزيز دور القطاع الخاص العربي في ظل المتغيرات التي أفرزتها جائحة كورونا؟

-  عقد مجلس إدارة اتحاد الغرف العربية دورته الـ (131)، بعد انقطاع دام أكثر من عام ونصف تقريبا جرّاء جائحة "كورونا". وتمحورت النقاشات حول واقع الاتحاد والقضايا المتعلّقة بهيكلته، لكن للأسف لم تتناول سبل استشراف المستقبل الاقتصادي. وعليه لا بدّ على اتحاد الغرف العربية بصفته الممثل الحقيقي للقطاع الخاص العربي، أن يتعامل مع المتغيرات الجديدة بطرح مفاهيم اقتصادية جديدة، حيث قواعد اللعبة تغيّرت، وقد فرضت جائحة "كورونا" على جميع دول العالم، أسس ومفاهيم وتحديات جديدة، خصوصا في ما يتعلّق بواقع الشركات التي تأثّرت سلبا بتداعيات الجائحة.

  • ما تزال ارتدادات جائحة كورونا مستمرة على معظم اقتصادات العالم، فما هو حجم خسائر القطاع الخاص في الأردن جراء هذه الجائحة؟

-  ليس الأردن البلد الوحيد الذي تأثّر بجائحة كورونا، ولا شك أنّ كافة القطاعات ولا سيّما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تأثّرت بتداعيات هذا الوباء. ونأمل أن نتجاوز تداعيات هذه الأزمة، وعودة دوران العجلة الاقتصادية في ظل الانفتاح التدريجي الذي بدأ يشهده العالم، وكذلك في ظل الإجراءات الاحترازية التي جرى اتخاذها في الأردن.

  • كيف تعاملت غرفة تجارة الأردن مع هذه الأزمة، وما هي الإجراءات التي اتخذتها للتخفيف من حدّة سلبياتها على القطاع الخاص؟

في ظل الاقفال التام الذي رافق المرحلة الأولى من جائحة كورونا، ووسط شلل الأعمال التجارية، وفي ظل تزايد الأعباء المالية التي ترتبت على شركات الأعمال جرّاء انعدام النشاط التجاري، برز التنسيق التام بين القطاع الخاص في الأردن وبين الحكومة، وقد استطعنا بفضل هذا التنسيق واستجابة الحكومة لمطالب القطاع الخاص، أن نخفف قدر الإمكان من الأعباء التي ترتبت عن الجائحة.