التغيير في السودان يؤتي ثماره:
أكبر وأسرع عملية إعفاء تاريخية للديون؟!

02.07.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بدأ التغيير الذي يشهده السودان، في إطار التحوّل الديمقراطي الذي أنتجته الثورة وما رافقها من إصلاحات اقتصادية، يؤتي ثماره على أرض الواقع، حيث حصلت الخرطوم على إعفاء أكثر من 50 مليار دولار من ديونها الخارجية في عملية تعد الأكبر في التاريخ لدولة أدرجت حديثاً ضمن مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك)، إذ تم الإجراء في أقصر مدة زمنية لم تتجاوز 6 أشهر منذ بداية التعاون بين الحكومة السودانية ومؤسستي صندوق النقد والبنك الدوليين.

قرر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في بيان مشترك بتاريخ 30-6-2021 إعفاء 23 مليار من ديون السودان، على أن يستكمل ذلك بمبادرات أخرى ليصل إجمالي الإعفاء إلى أكثر من 50 مليار دولار من حيث القيمة الحالية، أي ما يمثل أكثر من 90 في المئة من إجمالي الدين الخارجي.

وتعهدت المؤسستان بمواصلة تقديم الدعم الاستراتيجي للسودان في السنوات المقبلة لإحداث انتعاش اقتصادي والحد من الفقر، ودعتا المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم والحفاظ على هذا الزخم. وبموجب الخطوة التي قام بها صندوق النقد والبنك الدولي، استعاد السودان حق التصويت في صندوق النقد الدولي الذي تم تعليقه في أغسطس (آب) عام 2000.

وفور إعلان القرار، وافق صندوق النقد الدولي على منح ائتمانية جديدة للسودان بمبلغ 2.4 مليار دولار لثلاث سنوات، يتم صرف 1.4 مليار دولار فوراً لدعم خطوات الإصلاح الاقتصادي فيما يتعلق ببرامج الضمان الاجتماعي.

عبد الله حمدوك: إنجاز تاريخي

وصف رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قرار إعفاء السودان من ديونه بالإنجاز التاريخي الذي يفتح صفحة جديدة مع العالم، مشيداً بصبر الشعب السوداني عمّا كابده من ضياع الأحلام والتطلعات التي تذهب مع رياح الصراعات والتقلبات السياسية.

وأوضح حمدوك أنّ السودان سيحصل بموجب القرار على إعفاء نهائي من الديون يقدّر بنحو 50 مليار دولار، ويركز على الوصول إلى نقطة الإكمال للإعفاء النهائي للديون والذي يتطلب جهداً إضافياً.

وقال حمدوك إنّ حكومته ورثت خللا هيكليا في الاقتصاد الكلي تمثل في العجز الكبير في الموازنة والاستدانة من النظام المصرفي بما لا يقل عن 200 مليار جنيه في السنة، إضافة إلى خلل أسعار الصرف والديون البالغة 60 مليار دولار والتي شكلت المتأخرات 92 بالمئة منها.

وأكّد أنّ "الحكومة عملت على إصلاحات تشريعية وقانونية ساعدت في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإدماجه في المجتمع الدولي، وفك العزلة مع دول العالم".

واعتبر رئيس الوزراء السوداني، أنّ "الوصول إلى نقطة القرار للاستفادة من مبادرة إعفاء الدول الفقيرة المثقلة بالديون، يعكس جدية الحكومة التي وضعت برنامجاً متكاملاً للإصلاح تضمن استراتيجية للحد من الفقر".

وقال إنّ السودان أصبح مؤهلاً لتلقي التمويل التنموي، والانخراط فوراً مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، وسيبدأ إشراك الدائنين في عملية تقديم إعفاءات الديون. مشيرا إلى أنّه "بالقرار كسبنا معركة العبور، ويبقى الحسم في الشوط الأخير، ونستطيع أن نقول إننا نسير في الاتجاه الصحيح".

ترحيب من الاتحاد الأوروبي

ورحب الاتحاد الأوروبي بوصول السودان بنجاح إلى نقطة القرار الخاصة بمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، معتبرا أنّ ذلك يعدّ علامة بارزة أخرى في انتقال السودان نحو الحكم الديمقراطي والانتعاش الاقتصادي.

ووفق الاتحاد الأوروبي فإنّ القرار يسمح للسودان بتخفيض إجمالي ديونه بشكل كبير والحصول على التمويل الذي تشتد الحاجة إليه من المؤسسات المالية الدولية. وأشار إلى أن هذا الجهد تحقق بدعم المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي دعم تخفيف ديون السودان في أكبر عملياته منذ اعتماد مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.

ديون بـ 60 مليار دولار

تجدر الإشارة إلى أنّ ديون السودان المتوقع إعفاؤها خلال عام، تعادل 40 في المئة من جملة الديون التي تم إعفاؤها لعدد 38 دولة فقيرة، وتمثل هذه أكبر عملية إعفاء على مر تاريخ وفي أقصر مدة زمنية ممكنة.

وبلغت ديون السودان حتى نهاية العام الماضي 2020 نحو 60 مليار دولار، 92 في المئة عبارة عن متأخرات.

وتهدف مبادرة الدولة الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك) إلى تخفيف أعباء الديون، بما يسمح للسودان توجيه الأموال لتحسين الأوضاع المعيشية لمواطنيه بدلاً من إنفاقها لسداد الديون.

وخلال مؤتمر عقد في باريس في مايو الماضي حصل السودان على تعهدات وإعفاءات من ديون ثنائية بقيمة 30 مليار دولار. وأعلنت فرنسا إلغاء كافة ديونها على السودان والمقدرة بنحو 5 مليارات دولار، وهي من أكبر الديون على السودان بنادي باريس، كما أعلنت النرويج أيضا عن إلغاء ديونها البالغة 4.5 مليار دولار دعما لجهود السودان الرامية لإصلاح أوضاعه الاقتصادية بعد العزلة التي عاشها على مدى 27 عاما. وأكدت المملكة العربية السعودية المضي قدما في اتخاذ الخطوات اللازمة لإلغاء ديونها على السودان والمقدرة بنحو 5 مليارات دولار.

وأبدت كل من الولايات المتحدة الأميركية والسويد وايطاليا استعدادها لتقديم منح لتغطية النواقص في متأخرات الديون والمقدرة بنحو 13 مليار دولار بما فيها الفوائد والغرامات الجزائية. وأيضا تعهدت دول وشركات وهيئات تمويل بالاستثمار في مختلف قطاعات اقتصاد البلاد. ومن المتوقع أن تجتذب قطاعات البنية التحتية والزراعة والطاقة والخدمات استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات خلال الفترة المقبلة.

وخصص البنك الدولي ملياري دولار للسودان للاستثمار في برامج الصحة والطاقة خلال الأشهر العشرة المقبلة. وقدم بنك الاستيراد والتمويل الإفريقي 700 مليون دولار لتمويل مشاريع الطاقة والاتصالات في السودان. وعرضت الحكومة السودانية بالتعاون مع القطاع الخاص أكثر من 18 مشروعا حيويا في قطاعات حيوية مثل الزراعة والطاقة والنقل والبنية التحتية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.