نبتة الجاتروفا... بترول مصر والسودان

02.06.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

تعد نبتة "الجاتروفا" أهم نبتة صحراوية ولها خصائص ومزايا متعددة بحيث يمكن مقارنتها بالذهب الأخضر. كما تعد هذه النبتة ثروة في مجال التنمية الزراعية ولإنتاج الطاقات البديلة الصديقة للبيئة.

وتحوّل السودان هذا البلد الإفريقي الشاسع إلى أكبر منتج للبترول الحيوي تحت شعار "زراعة البترول بالسودان". إذ في هذا الإطار تم زرع قرابة مليار شجرة وذلك باستغلال قرابة مليون فدان من الأراضي الزراعية التي خصصت لإنتاج تلك النبتة والتي يمكن مقارنتها ببراميل النفط.

بالتحديد تنتج هذه النبتة زيتا طبيعيا بكميات ضخمة وبعد معالجتها يتم استخراج البيو ديزل الطبيعي الحيوي منها والمعروف بالبترول الأخضر Green Oil، بحيث تنتج ثمرة الجاتروفا 100 لتر بيو ديزل وهذه الكمية تعد ممتازة جدا من حيث الإنتاج. كما يعد هذا النوع من البترول الحيوي الطبيعي صديق للبيئة لأنه لا يحتوي على ثاني أكسيد الكربون المتسبب في التلوث البيئي والاحتباس الحراري. أيضا يساهم هذا الديزل الحيوي في المحافظة على محركات السيارات والآلات التي تعمل بهذا النوع من الطاقة الحيوية.

إن دولة السودان ومن خلال زراعة هذه الكميات الكبرى من نبتة الجاتروفا تراهن على تحقيق اكتفائها الذاتي والتوجه نحو الأسواق الأوروبية لتصدير هذا النوع من الديزل الذي يحظى باهتمام كبير نظراً لمحافظته على سلامة ونظافة البيئة، ويقلل من نسبة انبعاثات الغازات السامة الملوثة للطبيعة. أما كلفة إنتاج هذا النوع من البيو بترول فتعد منخفضة جدا مقارنة مع حفر آبار النفط أو عملية استخراج النفط الصخري أو تجهيز محولات التكرير للنفط. إذ تختصر عملية الإنتاج في إيجاد مناطق صحراوية جافة تتلاءم مع نمو نبتة الجاتروفا والتي تعد مناطق زراعية مهملة غير صالحة للزراعة الغذائية نظرا لطبيعتها الاستوائية الجافة ثم إيجاد قنوات مياه صرف صحي يتم تصفيتها ومعالجتها، لأن هذه النبتة تحبذ هذا النوع من المياه أو أيضا توفير قنوات مياه بحار يقع تحليتها نظرا لعملية امتصاص تلك النبتة لكميات كبيرة من الأملاح.

كذلك نذكر التجربة المصرية الرائدة في مجال زراعة نبتة الجاتروفا خاصة في مدينة الأقصر، حيث تتميز هذه الزراعة باهتمام كبير والتي تعد مصدر رزق ودخل مالي للعديد من المزارعين. إذ من أهم منتجات تلك النبتة هو بالأساس استخراج الزيوت الطبيعة بكميات هائلة والتي يتم معالجتها في مصانع ضخمة لتكرير البيو ديزل الطبيعي وإنتاج البراميل البترولية الطبيعية المستخرجة بعد المعالجة الطبيعية. كذلك تمثل تلك النبتة كنزا في مجال استخراج الأدوية الطبيعية حيث تتحول جذورها إلى زيوت تستخرج منها أدوية طبيعية مضادة للدغة الثعبان السامة وأيضا دواء لأمراض الروماتيزم. بالإضافة إلى ذلك يمكن تحويل تلك النبتة إلى أجود أنواع الصابون. فالتجربة المصرية في زراعة البترول الطبيعي المستخرج من تلك النبتة وإنتاج العديد من المنتجات منها، يعد بمثابة إنجاز عظيم يكرس التوجه نحو تعزيز مكانة الاقتصاد الأخضر في الاقتصاد الوطني المصري.

تعميم زراعة الجاتروفا

يمكن استغلال المناطق الصحراوية الكبرى في إفريقيا وخاصة في السودان والصومال والتشاد والموزمبيق وبعض الدول الإفريقية الأخرى، لتحويل الصحراء إلى واحة خضراء ومناطق زراعية شاسعة للبترول الأخضر بما يساهم في تحفيز الاقتصاد وتوفير مداخيل مالية محترمة لميزانية الدولة من خلال تصدير الديزل الحيوي. أما بخصوص توفير المياه لهذه النبتة الصحراوية فإن مجاري مياه الصرف الصحي بعد معالجتها تمثل أهم مصدر ري لتلك النبتة نظرا لامتصاصها الكثير من الأملاح. فقارة إفريقيا تحتوي على أراضٍ شاسعة غير مستغلة للزراعة ونظرا للمناخ الاستوائي الجاف والصحراوي الذي يمثل عائقا رئيسيا أمام الزراعات الغذائية فإن نبتة الجاتروفا المنتجة للبترول الطبيعي يمكن أن تكون البديل للزراعة التقليدية وبالتالي تمثل الزراعة العصرية الحديثة وذلك عبر إنتاج البيو ديزل بكميات ضخمة. كما يمكن أن تتحول تلك الدول إلى دول بيوبترولية وأكبر مصدر لتلك الطاقة المتجددة نحو دول الإتحاد الأوروبي.

البترول الأخضر: تنمية مستدامة واعدة

وبحسب التجربة في دولة السودان ومصر وبعض الدول الإفريقية الأخرى والدراسات العلمية الاستراتيجية تعد التكاليف الإنتاجية منخفضة بكثير عن إنتاج البترول عبر التنقيب والتكرير وغيرها. إذ يمكن تحديد المناطق الزراعية المستهدفة خاصة منها الأراضي الصحراوية الجافة وكذلك دراسة المتغيرات المناخية منها العواصف الرملية وغيرها. ثم بعد ذلك الانطلاق في الاستثمار في زراعة البترول في القارة الإفريقية وإنتاج البيو ديزل الحيوي بحيث يمكن النسج على المنوال السوداني بزراعة ما يقارب مليار شجرة من الجاتروفا. أما بخصوص مصدر المياه للري فيمكن الاستفادة من التجربة المصرية بتحويل مياه مجاري الصرف الصحي بعد تصفيتها ومعالجتها أو تجربة المملكة العربية السعودية عبر تحويل مياه البحر إلى مياه للري بعد تحليتها.

إذا يمكن للمستثمرين الأجانب أو العرب الاستثمار في هذا المجال الزراعي عبر إنشاء مناطق صناعية ضخمة لإنتاج البيو ديزل الطبيعي المستخرج من زيوت نبتة الجاتروفا ثم معالجته في المخابر البيولوجية وتصديرها. أيضا يمكن استغلال تلك النبتة في إنتاج أجود أنواع الصابون والأدوية البيو طبيعية وتصدير تلك المنتجات الطبيعية نحو الأسواق العالمية.

باختصار تساهم نبتة الجاتروفا اليوم في إنتاج الطاقات المتجددة التي تعتبر في مجملها صاعدة في الأسواق العالمية وخاصة منها في الأسواق الأوروبية، وفي خلق العديد من فرص العمل في المناطق النائية. كما تشكل مصدر دخل مادي هام للمزارعين وتعود بعوائد مالية إضافية لخزينة الدولة من خلال التصدير بالعملة الأجنبية الصعبة مثل اليورو أو الدولار. وبالتالي تساهم هذه الزراعة التنموية إيجابيا في رفع نسبة النمو الاقتصادي وتحفيز نسق التنمية المستدامة بالبلدان الإفريقية والحفاظ على بيئة نظيفة وسليمة لأجيال المستقبل.