هايل وحياة أبوزكي
شراكة الحياة والموت

07.05.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

خطفت جائحة الكورونا شقيقي هايل وزوجته حياة حيث وافتها المنية بعد وفاته بأربعة أيام. إنها لفاجعة كبرى، لا لعائلته وأهله، بل للمجتمع الأوسع. أخي هايل رفيق البدايات والنضال. كان رجل محبة وعطاء للقريب والبعيد. عمل في إقليم الخروب زهاء أربعة عقود وأصبح بحكم سلوكه وثقة الناس به ومحبتهم له "شيخ" صلح ومثالا للحرفي الكفوء والآدمي. فأحبه مجتمع الإقليم كواحد من أبنائه المميزين. وقلما يخلو منزل لا يكون للمعلم هايل (أبو محمد) بصمات عمل وإتقان.

وفي العائلة كان يسأل عن الجميع ويهتم بالجميع لا سيما المعوزين والعاجزين منهم. العطاء عنده قناعة ومحبة وشغف. كان يستحثنا على العطاء ليعطي. كان قدوة ومثالا في المحبة والتسامح والعطاء. كان رجل دين في سلوكه وممارساته أكثر منه في علومه. أليس الدين معاملة؟ إنه رجل دين بالسلوك والمعاملة. إنه مثال وقدوة في الصغيرة وفي الكبيرة.

في الصغر عملنا معا في فصول الصيف لتوفير متطلبات العلم. هو إتجه نحو الحدادة وأنا نحو العلم والإعلام. وكل منا في مجاله عمل بكل محبة وإخلاص. 

وفقه الله بزوجة صالحة هي حياة غرز الدين، إبنة الخالة نجلاء. ناضلت معه بحكمتها وبصبرها وبرعاية أطفالها، فكانت عائلة مميزة بكل أفرادها وبكل المقاييس. وكانت حياة موضع محبة وتقدير الجميع الصغير والكبير. ويشاء القدر أن تصاب هي الأخرى بالكورونا وتلحق بزوجها إلى المستشفى، وأصبحنا نحتار عمن نسأل كل يوم. وفي كل يوم هبة باردة وهبة ساخنة. وبعد مضي أقل من أسبوعين فارق أخي هايل الحياة. وكان على إبنتهما نائلة أن تخفي الخبر عن والدتها الراقدة في المستشفى. وما أصعب أن يخفي المرء هذا الخبر المفجع، وكم يحتاج إلى رباطة جأش لإخفاء مشاعر الحزن. وفي المستشفى وفي الطابق نفسه، كان هو يسأل عن زوجته وهي تسأل عنه، ولم يعرف أحدهما برحيل الآخر.

كانت نائلة ومعها زوجها أسامة حاملة هموم وأحزان الوالدين، لكن غير مسموح لها الحزن أمامهما. وبلغت الفاجعة ذروتها عندما لم تتمكن نائلة من حضور مأتم والدها لإضطرارها البقاء إلى جانب والدتها التي كانت على وشك الإحتضار. وكانت حياة، وهي على سرير الموت، تسأل عن الصغير والكبير خاصة عن أحفادها الذين كانوا مشدودين باستمرار إلى محبتها والبقاء معها في المنزل.

وداعا أيها الحبيبين الغاليين المميزين، إنه لفراق مفجع وما لنا إلا الرضا والتسليم بمشيئة الله. 

وداعا أيها الحبيب هايل، نفتقدك شقيقا وكبيرتنا نجاح بصورة خاصة. نفتقدك جميعا أولاد وأحفاد، أشقاء وشقيقات. يفتقدك إبني جود الذي كان حبك الدائم، وكنت باستمرار بانتظار اتصاله وعودته من السفر. 

الأحفاد مصابون بالصدمة الكبرى. يسألون عن تيتا حياة التي كانت الموئل والمرجع والمربي والحاضن. ويسألون عن جدو هايل الذي كان يستقصي أحوال الجميع صبحا ومساء. 

 إنها إرادة الله. هايل وحياة جمعتهما الحياة ولم يفرقهما الموت. وداعا أيها الحبيبين.

ر.أ.ز