* بقلم: رفيق كمال الدين

يترأس جيف بيزوس شركة أمازون التي انشأها في سنة 1994 والتي أصبحت من أكبر الشركات التي تتفوق في التجارة الالكترونية برأسمال يتجاوز 1,6 تريليون من الدولارات. ويملك بيزوس أيضاً شركة فضاء تدعى الأصل الأزرق (Blue Origin) التي يريد من خلالها غزو الفضاء وتحقيق حلم من أحلام طفولته. ولكن السؤال يبقى كيف تمكن جيف بيزوس خلال عقدين من الزمن من الوصول إلى هذا المستوى من النجاح وجمع ثروة تتجاوز 200 مليار دولار ؟ فيما يلي عشرة دروس قد تساعدك على الوصول إلى مرتبة بيزوس.

1   - الزبون اولاً

يعتبر بيزوس الاهتمام بالزبائن من صلب أولويات الشركة والسبب الرئيسي لنجاحها. في البداية كان يضع كرسياً إضافياً فارغاً في قاعة الاجتماعات كممثل للزبون ويقول لمديرية كلما قدموا اقتراحاً: هل تعتقدون أن الزبون سيعجبه ذلك؟ في الآونة الأخيرة أصبح هناك من يملأ هذا الكرسي ويبدي رأيه كأنه الزبون وان لم يرض عما يتم اقتراحه فعندها لا يمر الاقتراح.

2 - قلّص ما يمكن أن تندم عليه بالمستقبل

 الفكرة هي أن لا تقوم بشيء قد تندم عليه عندما تصبح عجوزاً. فالحياة أقصر مما نظن. عندما قرر بيزوس أن يترك عمله الناجح في شركة الأموال في نيويورك ويتجه إلى سياتل ليفتتح امازون مستعملاً الانترنت سأل نفسه هذا السؤال: هل سأندم على هذا القرار عندما أصبح بعمر الثمانين؟ والإجابة طبعاً كانت بداية أكبر شركة تجارة إلكترونية في العالم!

3  - فتش عن الفرصة المناسبة

عندما قرر بيزوس أن يفتح شركة أمازون لم يكن يفكر فقط ببيع الكتب. كان الهدف أن يستغل الإنترنت التي كانت في بدايتها كوسيط من اجل الوصول إلى المستهلك. ولكنه بدأ ببيع الكتب لأنها بدت فكرة جيدة للانطلاقة أي الفرصة المناسبة للبدء. ان تفكير بيزوس بجعل امازون المكان حيث يمكنك شراء أي شيء كان الهدف الأسمى.  كل ما عليك فعله للتأكد من ذلك هو النظر إلى شعار الشركة والسهم الذي يشير من الألف الى الياء... From A to Z يمكنك الآن أن تشتري أي شيء ترغبه من امازون!

4  - تجنب ما يسمى "السرد الخّداع" والخطط المتكاملة

إن الإنسان ينحو ان يبسّط الامور ليفهمها وبذلك يتجاوز الحقيقة المعقدة. إن نمو امازون لم يكن مخططاً مسبقاً بل هو قصة معقدة بإمتياز. فليس هناك تفسير سهل عن كيفية إطلاق منتجات معينة كخدمة امازون لتخزين المعلومات (AWS) أو امازون برايم (Prime). والقول إن هناك شيء من هذا النوع  هو من قبيل الخداع. عندما تقوم شركة بخلق منتج جديد فتلك عملية شائكة. فليس هناك وحي.

 - 5 الميل نحو العملانية لا التفكير والتخطيط الذي لا ينتهي

لا شك أن السرعة في التنفيذ هي من الأسس المهمة للنجاح في هذا الزمن المليء بالمنافسة. ويجب ان نتذكر دائماً أن الكثير مما نقوم به لا يحتاج إلى دراسة معمقة و يمكننا أن نتراجع عنه في حال أثبت عدم جدواه. إن القيام بأعمال مدروسة المخاطر محبذ مقابل اللا عمل والتفكير والتخطيط الذي لا ينتهي. فامازون قامت بإطلاق منتجات عديدة مثل امازون فاير اضطرت بعدها لسحبها من الأسواق ولكن ذلك ليس خطأً. فلقد استطاعت بإستعمال هذه المقاربة نفسها أن تطلق منتجات وأفكاراً رائعة كأمازون برايم والقدرة على الشراء بكبسة زر واحدة (One Click).

6 - إستعمال مبدأ حلقة التعزيز الذاتي "الفلايويل" The Flywheel

على كل شركة أن تعرف نقاط القوة لديها وتعززها وتقويها فتصبح بذلك مصدر قوتها التنافسية.عرفت امازون أن تقديم أسعاراً أقل وخدمة أفضل لزبائنها هي من نقاط القوة لديها وقامت بإستعمال فكرة "الفلاي ويل" التي أخذتها من جيم كولنز كاتب الكتاب المشهور "من الجيد إلى الأفضل – Good To Great" لتقوية هذه النقطة. بإختصار: تقدم امازون أسعار أرخص مما يجلب زبائن أكثر.

7 - عبّر عن فكرتك كأنك تكتب قصة وتصمم اعلاناً

كان بيزوس مؤمناً إنك إن لم تستطع توصيل فكرتك والتعبير عنها كأنك تخاطب المستهلك فإذاً  هناك خطب ما. قال بيزوس لموظفيه قولوا وداعاً لمايكروسوفت باور بوينت (Power Point) وأهلاً لسرد الفكرة ب 6 صفحات كأنك تكتب قصة وتصمم إعلاناً! .  فبدل بدء الاجتماعات باستخدام باوربوينت يبدأ الجميع بقراءة ال 6 صفحات وبعدها يقوم الذي كتبها بالإجابة عن الأسئلة والدفاع عن فكرته. أدى ذلك إلى تفكير أعمق من قبل مدراءه والتعبير عن أنفسهم بشكل أفضل مما يؤدي إلى فهم أعمق للفكرة وتفصيل بالغ الوضوح والبساطة ولا يخفي اي عثرات في الفكرة نفسها.

8 -  مهمتك هي ان تدّمر شركتك!

في كتابه "معضلة المبتكر – Innovator’s Dilemma" كتب الأستاذ الجامعي كليتون كريستنسون أن الشركات تفشل لا لأنها تتجنب ما يسمى بالابتكارات المدمرة – Disruptive Innovation بل لانها لا تريد تدمير طريقة عملها الحالية. في هذه الحالة تأتي شركة ثانية وتأخذ مكانها باستنباط أسلوب جديد للبيع كما حدث مع شركة كوداك للأفلام واستبدالها بالكاميرات الرقمية وبذلك كانت نهايتها مع العلم ان كوداك كانت لديها أبحاث متقدمة بهذا المجال ولكن المدير العام رفض الفكرة. لم يرد بيزوس أن يحصل ذلك لامازون فأمر زمرة من موظفيه بقوله: وظيفتكم ان تُفلسوا امازون وكل من يبيع كتباً ورقية بالمكتبات بالإشارة إلى إيجاد طريقة أفضل لبيع الكتب بإستخدام الكتب الرقمية!  فكانت النتيجة اختراع ما يسمى بالقارئ الرقمي "كيندل – Kindle" وتحويل الكتب التي يبيعها امازون الى رقمية وسيطرة امازون على سوق الكتاب في العالم كما سيطرت ابل على عالم الموسيقى من خلال ال آي بود وآي تيونز. الان امازون ليس فقط لديهم أكبر مكتبة رقمية ومعظم سوق الكتب الرقمية بل أقاموا اكبر مكتبة صوتية تدعى "اوديبل – Audible". حيث يمكنكم إنزال أي كتاب صوتي تريدون مقابل 15 دولاراً أميركياً كل شهر والاستماع إليه على الهاتف المحمول وان لم يعجبكم تعيدوه ويمكنكم أيضاً أن تعطوه هدية! هذا يذكرنا بشعار امازون: الزبون أولاً بالفعل لا بالقول.

 - 9 انتج اكثر مما تستهلك

في رسالته الأخيرة إلى المساهمين في امازون يقول بيزوس أن سرّ النجاح في عالم الأعمال هو القدرة على خلق قيمة مضافة لكل الذين يتعاملون معك:المستهلكون العاديون، الشركات، المساهمون، والتجار والموظفون. كل شركة تفشل بذلك هي في طريقها إلى الزوال. إن سرّ نجاح أمازون يكمن في ذلك. فلقد نجحت الشركة بخلق قيمة مضافة للجميع وبذلك ضمنت إستمراريتها ونموها. بالأرقام ذلك يعادل 301  بليون دولار في سنة 2020  . ولكن هناك أيضاً ما لا يمكن قياسه بالأرقام فقط. مثلاً استعمال شركة أمازون لحفظ البيانات AWS من قبل الشركات يؤدي إلى سرعة أكبر في خلق برامج الكومبيوتر واسترجاع المعلومات ينتج عنه توفير في الوقت والمال وتحسين وضع الشركة داخلياً وخارجياً.

10 -  كن متميزاً

العالم يودك ان تكون عادياً كالآخرين. ذلك يجعلك مطواعاً وسهل الانقياد ولكنه يؤدي الى اندحارك كشخص ويقضي على طموحك. أن تمارس حقك بالتميز ينطوي على جهد وثمن عليك أن تدفعه. عمل دؤوب ومخاطرة. العالم لن ينفك في محاربتك والطلب منك أن تكون مطواعاً. الشيء نفسه ينطبق على الشركات. فلكي تبقى متميزاً عليك أن لا تكتفي بالعادي بل المثابرة . ان تطلق العنان لطموحك وتعمل وتسهر وتخاطر لتكون نفسك وتعبر عن ماهيتك كإنسان متميز لان في نهاية الأمر كل واحد منا مميز ولكن فقط أولئك الذين يعملون جاهدين للبقاء كذلك هم الذين يتركون اثراً في هذه الأرض.

*مدير عام شركة ار كي للاستشارات لخدمات التسويق والتخطيط الاستراتيجي