بينما العتمة تشمل كلّ المناطق
مؤسسة كهرباء لبنان تغرق بمشكلة مجلس إدارة "قاديشا"

08.03.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

ما هو مصير مجلس إدارة شركة كهرباء لبنان الشمالي (قاديشا) بعد الإشكاليات التي شهدها المجلس في إجتماعه الأخير؟ وهل الإستقالات المحتملة قد تؤدي إلى إعادة خلط الأوراق من شأنها انفراط عقد المجلس والعودة إلى نقطة الصفر؟ واستطراداً هل ينعقد مجلس إدارة قاديشا في موعد قريب؟ أم يتم اللجوء إلى التسويف، كما هي العادة، إلى أن يقضي الله أمراً ....؟

هذه التساؤلات تطرحها التطوّرات التي شهدها مجلس إدارة قاديشا الذي عقد جلسته الأولى بعد مرور شهرين على انعقاد الجمعية العمومية لشركة كهرباء لبنان الشمالي (قاديشا) التي انعقدت بتاريخ 17/12/2020. وبدا أن التأخير في عقد الجلسة الأولى كان يخفي وراءه ضغوطات ومداخلات من قِبل القوى السياسية النافذة من أجل ترتيب صيغة مجلس الإدارة ولاسيما لجهة اختيار نائب رئيس مجلس الإدارة/أمين السرّ. وإذا بهذه الضغوطات برزت جلية في أثناء الجلسة الأولى لمجلس الإدارة. فما حصل في هذه الجلسة؟.

تملك لا ضم

على الرغم من الطبيعة القانونية الملتبسة لهذا التدبير فقد تملكت مؤسسة كهرباء لبنان أوائل التسعينات نسبة 98.5 في المئة من أسهم امتياز قاديشا، فقد انعقدت الجمعية العمومية لاختيار مجلس ادارة، وعند المباشرة بتوزيع المهام كان العرف يقضي أن رئيس مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان هو نفسه حكماً رئيس مجلس ادارة / مدير عام كهرباء قاديشا، وعند انتخاب نائب الرئيس/ أمين السرّ حصل الإشكال، إذ أن العرف المعمول به منذ عقود يقضي بإسناد هذا المنصب إلى العضو السني تحقيقاً للتوازن الطائفي المعمول به في الإدارات الرسمية كافة. وهنا برز إصرار من جانب بعض الأعضاء "المسيسين" وبالتكافل مع رئيس مجلس الادارة على إسناد هذه المهمة إلى كريم سابا الذي ينتمي إلى طائفة الروم الأرثوذكس، مع الإشارة إلى أن نائب الرئيس /أمين السرّ، يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة بحسب العرف السابق، وأمام إصرار فريق على الحفاظ على العرف والتوازن، وإصرار الفريق الآخر على تجاوز ذلك، انتهت الجلسة بإرجاء انتخاب نائب الرئيس لعدم حصوله على الأصوات المطلوبة.

إستقالتان

ولم يؤد ذلك إلى إرجاء تسمية نائب رئيس مجلس الادارة وحسب بل أدّى إلى استقالة عضوين أحدهما المهندس طارق طراف عبد الله الذي استقال من مجلس ادارة قاديشا والثاني المهندس حبيب سرور الذي استقال من مجلسيْ إدارة مؤسسة كهرباء لبنان وقاديشا.

ومما جاء في كتاب إستقالة المهندس طارق عبد الله: "... بدأت محاولات الفريق المنتمي للتيار الوطني الحرّ بالتكامل مع المهندس كمال حايك بتسويف إقتراحات وتسويات غير مقبولة للاستيلاء على موقع نائب رئيس مجلس الإدارة حيناً أو سحب صلاحياته المكتسبة للسيد كريم سابا لاستكمال السيطرة على مفاصل الشركة التي تشكّل مورداً أساسياً من موارد هدر المال والصفقات المشبوهة والتوظيفات الإنتخابية... ووصل الأمر إلى المجاهرة بضرورة تأمين مورد مالي لكريم سابا كونه عاطلاً عن العمل منذ ثلاثة أعوام".

وختم عبد الله: " بعد رفضي لهذه التسويات غير القانونية، وبعد تأكيدي على رفض تقاضي أي مخصصات مالية غير قانونية وغير أخلاقية... تقدّمت بإستقالتي من عضوية مجلس ادارة شركة كهرباء لبنان الشمالي...".

أما المهندس حبيب سرور فقال في كتاب إستقالته: "... كان سبب الخلاف الإنتخاب ليس على الشخص بقدر ما هو على تطبيق العرف المعمول به في الإدارات الرسمية كما في النقابات. هذا العرف المبني على التوازن الطائفي. وكنت قد أعلمت زملائي بعدم رغبتي الاستمرار في مجلس الإدارة ما لم يتمّ الإتفاق على تسمية الرئيس ونائبه بالإجماع. وحذرت من مخاطر الإختلاف بسبب الإنتخاب بحيث يتحول سريعاً إلى أمر شخصي سيؤثر سلباً على الأداء. باعتبار أن اختلاف وجهات النظر حول أمور ادارية أو تقنية أمر طبيعي ويغني المناقشات.."

ماذا بعد؟

في ضوء هذه التطورات كيف يكون الحلّ بعد استقالة عضوين من مجلس إدارة قاديشا؟ وفي انتظار الدعوة إلى جلسة جديدة لمجلس الإدارة فإن المواقف تبقى نفسها، وهي تهدد فعلياً بحصول استقالات جديدة تعيد خلط الأوراق الأمر الذي يؤدي إلى حلّ مجلس الإدارة والعودة إلى نقطة الصفر أيّ إلى الجمعية العمومية لمساهمي شركة كهرباء لبنان الشمالي لانتخاب مجلس ادارة جديدة. ولما كانت مؤسسة كهرباء لبنان تملك 98.5 في المئة، فالمرتقب منها أن تعيد طرح الأسماء نفسها وبالتالي حصول الاختلاف نفسه، إذا تعذرت التسويات.

قاديشا والوضع الملتبس

والواقع أن استقالة العضوين وقناعه زملاء لهما لم تقتصر على انتخاب نائب رئيس لمجلس إدارة قاديشا، بل كشفت عن أمرين أساسيين.

فالمهندس سرور الذي استقال من مؤسسة كهرباء لبنان كشف عن عجز المجلس بصيغته الحالية في تحقيق أيّ إنجاز مشيراً إلى عمل جلسات مجلس الإدارة لا يرقي إلى مستوى التخطيط بقدر ما هو اجتماع إداري يعمل على تصريف أعمال إدارية يومية بدل أن نكون نعمل بالتوازي على خطط وحلول إستراتيجية لإخراج المؤسسة من الأزمات الحادة التي لها انعكاساتها مُباشرة على الوضعين الاقتصادي والإجتماعي".

ومما يؤكد على ذلك، أنه في بلوغ التقنين في التيار الكهربائي ذروته في الأيام الأخيرة، وتوقع الأسوأ في الأيام الآتية نرى أن بعض أطراف مؤسسة كهرباء لبنان وكأنها في كوكب آخر، وتتلهى في أمور لا تتصل أبداً بمصلحة الناس بشراً واقتصاداً.

أما الأمر الآخر الذي كشفته الإستقالتان فيتعلّق بتملك مؤسسة كهرباء لبنان لشركة قاديشا وهي بمثابة امتياز الذي هو شركة خاصة.

وثمة وجهة نظر أساسية تقول بالوضع غير القانوني والملتبس لطبيعة "قاديشا" فهي ليست مؤسسة عامة لأنها غير مستقلة ويديرها مجلس إدارة كهرباء لبنان ولا تخضع حساباتها وقراراتها للرقابة ولا تقدّم تصاريحها الضريبية لوزارة المالية ولا التزاماتها تجاه الضمان كشركة خاصة صاحب امتياز كما يقول عضو مجلس إدارة كهرباء لبنان المهندس طارق عبد الله.

وهذا الإلتباس يطرح بشكل أساسي مسألة تملّك مؤسسة كهرباء لبنان شركات الإمتياز الخاص. كما حصل لامتيازي عاليه وبحمدون اللذين تدنى مستوى خدماتهما إدارياً ومالياً، بعد إستردادها من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، علماً أن الإداء لا يزال أفضل بكثير مقارنة بإداء مقدمي الخدمات الحاليين الموزعين على جميع المناطق والذين يكبدون المؤسسة مبالغ طائلة دون مردود فائدة يُذكر.وكما يرتقب حصوله بالنسبة إلى امتياز كهرباء زحله التي تثبت بشهادة الجميع أنها تؤمن التيار الكهربائي 24 ساعة وتتمتّع بإدارة فعالية في مجالات الصيانة والجباية.

ولعله من الضروري في ضوء هذه النتائج إعادة النظر في إعداد خطة جديدة للكهرباء تعتمد على أفكار جديدة مستوحاة من النتائج الحاصلة.