المصارف المصرية تتوسع في أفريقيا‎

28.01.2021
د. أماني الطويل
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
د.أماني الطويل
قد تكون مصر أحدثت تغييرا جوهريا، منذ عام ٢٠١٤ في ما يتعلق بعلاقتها بقارتها الأم  إفريقيا. ذلك أن الدبلوماسية المصرية وضعت القارة ودولها في موقعها ووزنها التاريخي المعتاد والذي كان انحسر نسبيا منذ عام ١٩٧٩ بتأثير مباشر من عاملين الأول عقد إتفاقيةكامب ديفيد والثاني محاولة إغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك فيأديس أبابا  عام ١٩٩٥.
وعلى هذا الصعيد يمكن القول إنّ الإهتمام المصري بإفريقيا مقرون بمجالين أساسيين سياسي واقتصادي، على اعتبار أن كلا المجالين ينعكسان على بعضها البعض، سلبا وإيجابا، وانطلاقا من ذلك أفردت مصر اهتماما خاصا بمجالات الأعمال، وإهتمت بتدشين البنى التحتية الإقتصادية المناسبة لولوج رجال الاعمال المصريين الى إُفريقيا ودعمهم بما يجعل علاقات التعاون الإفريقية الإفريقية ممكنة إنطلاقا من المنصة المصرية . 
أنشأت مصر صندوق مخاطر الإستثمار في إفريقيا وذلك تحسبا منها لتوقف مشروعات أو حصول خسائر نتيجة الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة في افريقيا والناجمة دائما عن النزاعات المسلحة والانقلابات العسكرية وغياب الإستقرار السياسي.
ولعله من الخطوات الإيجابية في مضمار الأعمال المصرية في إفريقيا، فتح فروع ومكاتب تمثيل للبنوك المصرية في إفريقيا، إضافة إلى إنجاز خطوات الاستحواذ البنكي، حيث تسعى بعض البنوك المصرية حاليا لتعزيز تواجدها فى السوق المصرفية الإفريقية عبر الاستحواذ على بنوك قائمة فى دول شرق إفريقيا، وذلك عبر دعم مباشر من البنك الإفريقى للاستيراد والتصدير "أفريكسيم بنك" الذي سوف يموّل عمليات إستحواذ مصرية على حصص حاكمة من مصارف أبرزها فى دول مدغشقر، جزر القمر، الكونغو الديمقراطية، أوغندا . 
وتأتي هذه الخطوة الهامة والمؤثرة بعد أن قام البنك التجارى الدولى وهو أكبر بنوك قطاع الأعمال الخاص في مصر خلال العام المنصرم بالاستحواذ على نسبة 51% من Bank Mayfair الكينى مقابل 35.35 مليون دولار سيتم استخدامها فى زيادة رأسمال البنك الكينى، والذى يعد أول تواجد للبنك التجاري الدولي خارج الحدود المصرية.
ويمكن القول هنا إنّ خطوة "التجاري الدولي" ليست الأولى من نوعها، ذلك أن بنك القاهرة كان  استحوذ عام ٢٠٢٠ على 100% من أسهم بنك القاهرة أوغندا، حيث يعتزم البنك ضخ 3.7 مليون دولار فى رأسمال البنك على مدار عامين. 
والحقيقة أن عمليات الاستحواذ كانت قد بدأت منذ تسعينات القرن الماضي، حيث يعد «القاهرة كمبالا» أكبر وجود للبنوك المصرية فى السوق الإفريقية، وهو أنشئ كشركة أوغندية وبرخصة من البنك المركزى الأوغندى. 

بوابة العبور نحو الصين

ويمثل توجه البنوك المصرية بالاستحواذ على بنوك أفريقية، جزءا من إتجاهات عامة تقوم على افتتاح عدد من الفروع في دول إفريقية، وأيضا في الصين لتكون بذلك هذه البنوك الوسيط المصرفي في الصفقات الإفريقية الصينية . 
ومن المتوقع خلال هذا العام أن يتعزز وجود هذين البنكين في السوق الأفريقية، إلى جانب توجه بنوك مصرية اخرى إلى حذو حذو هذين البنكين الكبيرين، عبر افتتاح فروع أو مكاتب تمثيل في دول القرن الإفريقي كمرحلة أولى .
وربما يكون البنك الأهلى المصرى السباق بدخول السوق الإفريقية حيث كان الأول في ما يتعلق بعمليات فتح مكاتب تمثيل له في كل من إثيوبيا وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى بنك تابع له فى السودان تم تدشينه عام ٢٠١٢. وكانت قد شهدت سنوات ما قبل ثورة 25  يناير 2011، محاولات مكثفة من البنوك المصرية للتواجد بقوة داخل السوق الإفريقية وخاصة دول حوض النيل، أسفرت عن تدشين شركة النيل للاستثمار فى إفريقيا بمساهمة من بنوك حكومية تضم الأهلى المصرى والقاهرة ومصر. 

محوريّة كينيا

ولعل ما يفسر اهتمام البنك التجاري الدولي بكينيا في عمليات الإستحواذ البنكي، هو أن كينيا الدولة الأكبر في مجموعة دول شرق أفريقيا، وتعتبر مدخل رئيسي لتجارة دول الإقليم من خلال ميناء مومباسا، خصوصا الدول الحبيسة مثل أوغندا وبوروندي ورواندا وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية.
كما أنه على الصعيد التجاري تحتل كينيا المركز الأول ضمن دول القارة الافريقية وتجمع دول الكوميسا المستوردة للسلع والمنتجات المصرية، حيث حققت مصر فائضا تجاريا يتجاوز  84.23 مليون دولار بحكم علاقتها التجارية والاقتصادية مع كينيا عام ٢٠١٦ وزاد بنسبة ٢٥٪ خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وقامت مصر خلال الفترة الأخيرة بتعميق تواجدها في السوق الكينى بشكل مؤسسي وذلك من خلال إنشاء جمعية المصدرين المصريين (إكسبولينك) ومقرها في مومباسا، تقوم مهمتها على استقبال الحاويات والمنتجات وتكون كمخزن لوجستي ومركز استراتيجي على صعيد سلاسل التوريد.
كما تحوز كل من إثيوبيا ونيجيريا على إهتمام رجال الأعمال المصريين خصوصا في مجالات التصنيع، حيث توجد مصانع لمجموعات السويدي في كل البلدين في مجال المستلزمات الكهربائية. وربما تشهد السودان إهتماما مضاعفا خلال الفترة المقبلة ليتعدى التصنيع في مجال صناعة الدواء القائم حاليا، إلى مجالات أكثر تشعبا، وذلك فضلا عن النشاط التجاري المصري عبر المسارات البرية في قسطل وأرقين، والذي من المتوقع زيادته بعد قيام الموانيء المصرية بمهام الإستيراد والتصدير لصالح السودان مؤقتا حتى يتم إعادة تأهيل ميناء بورسودان .
بيئة أعمال ملائمة
وبطبيعة الحال سوف يشكل إنطلاق منطقة التجارة الحرة الإفريقية، بيئة ملائمة للأعمال المصرية في إفريقيا، وهو ما يعني دعما للإقتصادات الكلية الإفريقية في المرحلة القادمة. وربما تكون الشراكات الإفريقية - الإفريقية من المنصة المصرية الأكثر تفعيلا مقابل الوضع الحالي الذي تعد فيه الصين والهند والاتحاد الأوروبي أهم الشركاء التجاريين الذين يحتلون مواقع متقدمة مع مجموعة شرق أفريقيا على سبيل المثال لا الحصر.