قطاع تجار السيارات في لبنان أمام صعوبات الاستيراد والبيع
هل يستغني عن اعتمادات المصارف؟

27.01.2021
وليد رسامني
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
من قراءة النتائج التي سجّلتها حركة مبيعات السيارات السياحية المستوردة خلال العام 2020 وتراجعها الحاد مقارنة بما كانت عليه خلال العام 2019، يلاحظ أن قطاع استيراد السيارات كان أحد أبرز القطاعات التي لحقت بها خسائر كبيرة جرّاء الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي يمرّ بها لبنان.
والواضح أن التأثيرات السلبية اللازمة لا تنحصر بالخسائر المباشرة التي لحقت بوكالات السيارات بسبب هبوط المبيعات وحسب. بل ثمة خسائر على المدى المتوسط قد يصعب تقديرها. إذ أن تداعيات الأزمة أدّت أو كادت تؤدي إلى تفويض مقومات هذا القطاع القائمة على ركيزتي الإستيراد والمبيع. فضلاً عن أن امتداد الأزمة لسنوات مُقبلة طويلة، ربما أدى إلى توقف الشراكات القائمة بين الموردين والوكالات الحصرية، خصوصاً إذا استمرّت المبيعات تتأرجح ضمن حدود متدنية تفقد السوق اللبنانية أهميتها بالنسبة إلى مصانع السيارات العالمية التي باتت أكثر حرصاً على تحقيق أكبر هامش ممكن من الأرباح لاسيما في ظل الركود العالمي بعد انتشار وباء "كورونا".

المقومات الأساسية

يعاني قطاع استيراد السيارات حالياً من عقبتين أساسيتين يرتكز إليهما المستوردون وهما:
أولا: الصعوبات التي يواجهها الوكلاء في عملية الاستيراد في ظلّ تعذّر إتمام ذلك من خلال فتح إعتمادات عبر المصارف وفقاً لما كان معتمداً قبل الأزمة. فالمصارف تمتنع عن فتح هذه الإعتمادات سواء للسيارات أو لسواها من السلع. نتيجة القيود المفروضة على التحويلات إلى الخارج بالعملات الأجنبية سواء كان ذلك لأغراض تجارية أو شخصية إلى حدّ بعيد. وبذلك تفقد الوكالات الإمكانية على استيراد السيارات ومواكبة الطرازات التي تتطور سنة بعد سنة، فضلاً عن أهمية وصولها في مواقيت موسمية معينة.
ثانياً: الصعوبات التي يواجهها الوكلاء في عملية البيع بعد أن أصبح "الكاش" سيد الموقف سَواء بالدولار أو ما يعادله بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء. فبيع سيارة بأدنى سعر بات يتطلب على سبيل المثال 10.000 دولار أميركي أو 90 مليون ليرة لبنانية. ولذا تلجأ بعض الوكالات لتسهيل عملية البيع إلى تقديم "حزمة" مؤلفة من الكاش بالعملتين إلى جانب شيك مصرفي مرشح أن يتم تجميده في المصرف أو بيعه إلى الصرّافين بنحو 30 في المئة من قيمته.
أضفْ إلى ذلك، أن المبيعات باتت كلها نقداً، في ظلّ غياب القروض من المصارف أو التقسيط (قروض السيارات) التي من المستبعد أن تعود من جديد في المدى المنظور.
يُضاف إلى ذلك كله، الخسائر المباشرة التي لحقت بعدد من صالات العرض العائدة إلى الشركات بسبب كارثة مرفأ بيروت خصوصاً وأن هذه الصالات تنتشر على طول الساحل الممتد من المرفأ حتى الضبيه.

كيف تتمّ المبيعات؟

في ضوء ذلك، كيف استمرت وتيرة المبيعات خلال العام 2020؟ يتبين من الأرقام التي تصدرها جمعية المستوردين أن المبيعات بلغت خلال العام المذكور 6152 سيارة أيّ بمعدل وسطي 512 سيارة شهرياً، في مقابل 21991  سيارة في العام 2019،أي بمعدّل وسطي قدره 1832 سيارة شهريا، وبلغت نسبة التراجع بين العامين 72 في المئة.
وليد رسامني رئيس مجموعة رسامني (وكلاء عبر شركات مستقلة لعلامات ("هيونداي"، "جيلي"، "شانغان" و MG) قال: "المبيعات مستمرّة بمعدلات خجولة بسبب الأوضاع النقدية ولكننا مستمرون في الإستمرار حرصاً على علاقاتنا مع شركائنا في الخارج كذلك مستمرون في استيراد قِطع الغبار التي لا يجوز أن تفقد من صالاتنا".
ويؤكد رسامني أن كل الوكالات ما زالت عاملة، ولم يقفل أحد منها حتى الآن، من دون إستبعاد إقفال البعض منها في حال استمرار الأزمة لسنوات طويلة.
وإذ لاحظ أن مجموعة رسامني تحقق مبيعات شهرية بمعدل 100 سيارة، أشار إلى أن الأكثر مبيعاً في هذه المرحلة هي السيارات الكورية والصينية، إلى جانب إستمرار المبيعات بالنسبة إلى السيارات الفخمة ربما إذا أتيح لزبائن هذه الشريحة من السيارات اللجوء إلى استبدال الودائع بتملك سيارات.

الإستغناء عن المصارف

ويبدي وليد رسامني خشية من تحول وكلاء السيارات إلى الاستيراد عبر فتح الإعتمادات المسددة نقداً (Cash) في حال استمرار "حنفية" المصارف مقفلة. ويرى في ذلك ايجابيات للوكلاء من حيث الإستغناء عن المصارف وفوائدها ورسومها، وسلبيات من حيث تضاؤل قدرة المستوردين على توسيع أحجام المخزون، فضلاً عن حاجاتها إلى السيولة، مع العلم أن الوصول إلى هذه المرحلة من شأنه أن يفوض أحد ركائز التجارة".
من جهة أخرى، تتزايد هذه المخاوف لدى مستوردي السيارات من الفترة التي قد يحتاجها لبنان لاستعادة عافيته والعودة إلى ما كان عليه قبل العام 2020. ويرى بعض الوكلاء التوقعات المتفائلة تشير إلى فترة 5 سنوات على الأقل سواء لجهة عودة الثقة بالقطاع المصرفي واستعادة ملاءته وسيولته، أم لجهة تبدل القدرة الشرائية للمواطنين وعودة المداخيل التي توازي سعر الصرف المرتقب. فهل تكون شركات سيارات قادرة على الصمود طوال هذه الفترة؟ وكيف ستتأقلم مع معطياتها الراهنة؟ وهل يشهد سوق السيارات إتجاهات وبدائل جديدة؟
تبقى الإشارة إلى تزايد الخطر من صرف عدد كبير من الموظفين، فضلاً عن تقلّص واردات الخزينة من الرسوم إلى نسبة 12 في المئة مما كانت عليه في العام 2018.