مذكرة غرفة الكويت للمسؤولين:
الوطن في خطر

13.01.2021
محمد الصقر
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

تعتبر غرفة تجارة وصناعة الكويت من الغرف العربية المميّزة، إذ لها دورها التاريخي الرائد ولها قياداتها التاريخية المشهود لها بالقدرة والشفافية، فهي صوت القطاع الخاص الكويتي بإمتياز، وهي الغرفة الفاعلة في إطار العمل الاقتصادي العربي الخاص المشترك.

ويحرص الجميع على أن يتولى رئاستها رجال أعمال لهم كلمتهم وشأنهم في المجتمع وفي الأوساط القيادية والحكومية.

وعليه، عندما تطلق الغرفة صفارة الإنذار، على الجميع التوقف عند ذلك والسعي الى إشراك الغرفة كممثل للقطاع الخاص الكويتي في كل ما له علاقة بالشؤون الاقتصادية والمالية من تشريعية وإجرائية.

في الفترة الأخيرة، رفعت الغرفة مذكرة إلى القيادة الكويتية بعنوان «إن وطننا في خطر» وعليه ينبغي التنبه لهذا الخطر ومواجهته بواقعية وبعقلانية، وبإشراك جميع فعاليات المجتمع، وهنا أبرز ما جاء في المذكرة:

مع بداية الفصل التشريعي السادس عشر لمجلس الأمة، تشعر الغرفة بأننا لا نزال – ومنذ ثلاثة عقود وتزيد – مهتمين بذات التحديات، مهمومين بذات التساؤلات ومرهقين بذات الاختلافات والمفارقات.

من هذا المنطلق، تبنّت الورقة مجموعة من السياسات والإجراءات الرئيسية التي توفر الشروط اللازمة للبيئة المطلوبة، وتضمن الإلتزام التنموي الوطني للقطاع الخاص، وتستعيد الثقة الشعبية والدولية بمصداقية وعزيمة الكويت الإصلاحية، وهي ثقة أضحت بالغة القيمة والأهمية بعد الصدمة الاقتصادية المزدوجة التي تلقاها الاقتصاد الكويتي جراء تداعيات جائحة «كوفيد-19» وتزامنها مع الانخفاض الكبير في إيرادات النفط، مما ساهم إلى حدّ بعيد في تخفيض تصنيف الكويت الائتماني من AA إلى A1، وفي تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد الكويتي من مستقرة إلى سلبية.

أزمة بنيوية 

نحن في غرفة تجارة وصناعة الكويت، كنا – مثل كثيرين غيرنا – نعرف ونحذّر من أن الكويت تتجه نحو أزمة بنيوية عامة، شاملة، ونافذة إلى صميم كافة أنشطة الدولة والمجتمع بلا استثناء، ذلك أن ضعف الإدارة العامة والإنحياز الرسمي والشعبي الكامل نحو المبالغة في «رعوية الدولة» على حساب احتياجات المستقبل، أدّيا إلى إبقاء الإصلاح بكل أبعاده ومعانيه لافتة بلا مضمون، وشعاراً من دون تطبيق، وبالتالي، لم تسجل الاختلالات الهيكلية الأساسية الثلاثة: ضيق القاعدة الإنتاجية، انحراف التركيبة السكانية، وهيمنة القطاع العام، أي تحسن يذكر طوال العقود الثلاثة الماضية. وبينما يتسارع تضخّم حجم الإنفاق العام الاستهلاكي، ويتوالى ويزداد عجز الميزانية العامة، تتردّى الخدمات العامة والبنية الأساسية والمؤسسة، ويتراجع مستوى التعليم، وتتعرض محاولات التصدي الجاد للفساد إلى مقاومة شرسة، وتتماهى حدود السلطات الثلاث وتتداخل، ويصبح الإصلاح أكثر تكلفة مالية ومجتمعية وأبعد منالاً.

لا نقول هذا تعذيباً للذات ولا ملامة لأحد، ولكن تعبيراً عن وعي تام بالدلالات البعيدة والانعكاسات العميقة لتخفيض التصنيف الائتماني السيادي الذي يمثل جرس إنذار عالي الصوت، متواصل الرنين، يجب ألا يمرّ من دون وقفة موضوعية واعية، وفزعة وطنية جامعة، وإجراءات تستوعب المتغيرات ولا تتهيب التغيير، خصوصاً وأن هذا المشهد القاتم لم يكن مشهداً مشرقاً قبل متلازمة أسعار النفط وجائحة «كوفيد – 19»، ولكنه ازداد قتاماً وتفاقماً بعدها، فأضحت الصدور أكثر ضيقاً، وأضحت النظرة إلى الغد أشدّ قلقاً.

تغيير شامل وعميق 

وجاء في المذكرة: المطلوب، أولاً، أن نتحرر من السؤال المعيق حول أولوية القضاء على الفساد والهدر أم المشاركة الشعبية في أعباء المالية العامة؟ وكأنه من المتعذر علينا أن نعمل على ضفتي المال العام في وقت واحد.

والمطلوب، بعد ذلك، وقفة تستوعب التغيرات الشاملة والعميقة محلياً وعالمياً، تقنياً وسياسياً وإقتصادياً، وتوقن بأن هذه التغيرات تفرض بالضرورة تغيراً بذات العمق والشمول يؤكد حتمية الحوكمة والمساءلة، ويعيد النظر في مفاهيم العدل والرفاه والكفاءة، ويوازن بين حقوق الأجيال، أما الاستمرار في الرهبة أو الهروب من استحقاق التغيير الهادئ والتدريجي، فسيؤدي إلى أن يفرض الإصلاح نفسه بطريقة خاطئة وخطيرة.

ومثل هذا التغيير، يجب أن ينطلق من قواعد ثلاث تتلخص في التمسك بالدستور ومؤسساته والوحدة الوطنية القائمة على الحرية والعدل والتضحية بالنظر إلى صعوبة تحديات المرحلة.

 

وشدّدت المذكرة على أهمية توفير البنية التي تتيح للقطاع الخاص أداء دوره التنموي من خلال: إعادة هيكلة الإدارة العامة، اعتماد الخصخصة المدروسة، إشراك القطاع الخاص في فعاليات قطاع النفط، إصلاح التعليم، وإعادة النظر في احتكار الدولة للأراضي.