لبنان في الهاوية
ووصفة نجاته عربية

13.01.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

الاسئلة التي تحوم فوق اللقاءات التي تنعقد في لبنان وخارجه هذه الايام تتمحور حول عنوان واحد هو: ما السبيل الى إنتشال لبنان من الهاوية التي سقط فيها؟ من باريس حيث إستضافت أخيرا المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان ،الى القاهرة التي إنطلقت منها مبادرة جديدة لجامعة الدول العربية كي تسبر اغوار سبل مساعدة هذا البلد المؤسس لها، الى بيروت التي لا تهدأ فيها المشاورات على مستوى قطاعات الانتاج والابحاث كي تتلمس سبل نجاة لبنان ماليا واقتصاديا ، تتعدد الافكار والهدف واحد:يجب عودة لبنان الى حاضنته العربية عموما والخليج خصوصا كشرط للصعود من الهاوية التي إستقر الان في قعرها.

في لقاء جمع اخيرا مرجعاً نيابياً لبنانياً مع ديبلوماسي عربي ، قال الاول للثاني:"لن يكون للبنان خلاص إلا عن طريق المملكة العربية السعودية التي تملك وحدها القدرة على إخراجه من ازماته  ."أضاف:"مع الاهمية المرتجاة  من عقد إتفاق بين الحكومة اللبنانية الجديدة التي يجب ان تتشكل من دون إبطاء، وبين صندق النقد الدولي كي يحصل لبنان على التمويل اللازم لخطة النهوض ، لكن هذا الاتفاق لن يكون وحده كافيا من اجل بدء مرحلة التعافي للاقتصاد اللبناني ما لم تكن المملكة وسائر الاسرة الخليجية في قلب هذا الاتفاق". وخلص المرجع الى القول :"حتى الان ما زال الباب مغلقاً بين لبنان والعرب ، والمفتاح موجود في لبنان إذا كانت هناك ارادة صادقة من اجل وضعه في قفل هذا الباب".

في آخر مسعى لرأب الصدع بين لبنان وإشقائه العرب ، قام موفد رئاسي لبناني هو المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بزيارة دولة الكويت  الصيف الماضي أيام امير الكويت الراحل صباح الاحمد الصباح حاملا رسالة من الرئيس اللبناني ميشال عون الى الامير.وبحسب المعلومات أبدت الكويت استعدادها لإرسال مساعدات عينية للبنان، من أدوية ومستلزمات طبية ومواد غذائية، ووعدت بأن يدرس مجلس الوزراء الكويتي طلب لبنان تزويده بالمشتقات النفطية، استناداً إلى الاتفاقية المعقودة بين البلدين، والتي ينتهي مفعولها في نهاية 2020، على أن يصار إلى تمديدها لسنة أو سنتين، مع تمني لبنان تقديم تسهيلات لتسديد فاتورة الاستيراد، نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها. ولفتت مصادر مواكبة للأجواء التي سادت محادثات اللواء إبراهيم في الكويت، إلى أنها تطرقت إلى علاقات لبنان بعدد من الدول العربية التي تمر حالياً بحالة من الفتور، وقالت إن المسؤولين في الكويت رأوا أن مهمة تطبيع العلاقات اللبنانية - العربية تقع على عاتق الحكومة اللبنانية، شرط أن تلتزم سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الدائرة في المنطقة، وألا تقحم نفسها في التجاذبات الإقليمية والدولية، وألا تسمح باستخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات ومنصة لتوجيه الاتهامات إلى عدد من الدول العربية، في إشارة مباشرة إلى "حزب الله".

إذا، ما دعا اليه مسؤولو الكويت قبل أشهر لناحية نصح لبنان إعتماد سياسة "النأي بالنفس" هو تماما ما المح اليه المرجع النيابي اللبناني امام الديبلوماسي العربي عندما تكلم عن "المفتاح" الذي يعيد فتح باب العلاقات بين هذا البلد واسرته العربية.لكن السؤال المطروح اليوم:هل يكفي ان تبقى الحلول في دائرة رجاء هذا المسؤول اللبناني او ذاك فلا تصل الى دائرة الفعل؟

لا يفوت جيل الخبراء الذي واكب زمن الازدهار اللبناني من الاشارة الى ما انجزه الرواد  من السياسيين والاقتصاديين في إقامة صرح العلاقات بين لبنان والعرب وفي مقمدمهم المملكة العربية السعودية.ومن هؤلاء الرواد على سبيل المثل لا الحصر الحاج حسين العويني رئيس وزراء لبنان الاسبق، وكذلك الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورجل الاعمال البارز نجيب صالحة والدبلوماسي فؤاد حمزة وغيرهم كثيرون.

لكن هؤلاء الخبراء يرون ان الحنين الى ذلك الزمن الذي جعل من لبنان قبلة للعالم العربي لم يعد كافيا لكي يواكب التطورات التي شهدها هذا العالم لجهة ما احدثه الجيل الجديد ، خصوصا في المملكة العربية السعودية بمواكبة الحداثة ما اوصل المملكة لتكون عضوا في مجموعة الدول العشرين التي تضم الاقتصادات الاقوى في عالمنا المعاصر.وفي هذا المضمار ، كان لافتا ان الكفاءات اللبنانية التي سعت الى إيجاد مصادر رزق خارج لبنان أبان الازمة التي غرق فيها وطنهم ولا يزال ، وجدت لها مكانا في الخليج عموما والسعودية خصوصا من بينهم مئات الأطباء والممرضين والاختصاصيين في قطاعات عدة .ولا يزال كثيرون يتذكرون  ان الطبيب الشخصي لامير الكويت السابق كان من لبنان .

       يستعيد الكاتب المعروف محمد الرميحي النقاش الذي نظمه عن بعد "مركز دراسات المستقبل" في بيروت ضمن  ندوة حول "العلاقات اللبنانية - العربية وخاصة الخليجية."وقد طُرحت في الندوة مجموعة من الأسئلة أبرزها: هل يعنينا لبنان؟وكان  الجواب : نعم... ونعم كبيرة؛ فلبنان البلد العربي له في ضمير العرب والخليجيين مكانة لأسباب كثيرة، فهو البلد الذي شهد النهضة الثقافية العربية الحديثة، وما زال رغم تعثره مكاناً حراً للطباعة والنشر، كما تدفقت عليه أجيال لنهل العلم في مدارسه المتميزة وجامعاته، وشهدت فصول الدراسة في الجامعة الأميركية تكوين النخب الأولى من دول الخليج، بجانب ما يتحلى به طقس لبنان من طبيعة جذابة تقريباً في كل فصول السنة وقربه من منطقة الخليج جعله مكاناً آمناً ومحبباً لأجيال للسياحة والتجارة والتطبيب، فما أن يخرج لبنان من أي عثرة في نصف القرن الأخير ويبدأ في التعافي، حتى يتدفق عليه أهل الخليج سياحة وتعليماً واستثماراً، وقد قامت حكومات الخليج وبرغبة من شعوبها في أكثر الأحيان بنجدة لبنان، ولعل مرحلة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية شاهد على ذلك التواصل، بل إن المشهد بعد جائحة كوروناأيقظ تلك العلاقة العاطفية.كما أن الوجود اللبناني في منطقة الخليج كان ولا يزال مرحباً به بسبب خبرات اللبنانيين  وطريقة تعاملهم مع البيئة الحاضنة.

من احدث الامثلة على موقع لبنان في الوجدان العربي ما قاله النائب عبدالرحيم كمال، عضو مجلس الشيوخ بمصر ،حول  كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الثاني لدعم لبنان والذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة وبمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات بهدف حشد الدعم للبنان في مواجهة تداعيات انفجار مرفأ بيروت، فلفت الى ان هذه الكلمة "حملت رسائل واضحة أبرزها ضرورة وقوف المجتمع الدولي بالكامل إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق."

هل لا يزال هناك أي شك في أهمية عودة لبنان الى حاضنته العربية كي يخرج من قعر هاوية ازماته المالية والاقتصادية والمعيشيىة الراهنة؟

الإقتصاد والأعمال