نتائج المصارف الثلاثة الأولى نهاية يونيو: مؤونات الخسائر تطيّر الأرباح والتسليفات تتراجع 20 في المئة

29.09.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

كتب: بهيج أبو غانم

تكاد تعكس النتائج المجمعة للمصارف الثلاثة الأولى والمدرجة أسهمها في بورصة بيروت صورة نتائج القطاع المصرفي ككل، وهي إلى ذلك تأتي بمثابة مرآة كاشفة لاتجاهات أداء القطاع الآخذ في التدهور بوتيرة تصاعدية منذ اندلاع حركة الاحتجاجات الشعبية في 17 أوكتوبر من العام 2019.

واستباقاً لصدور نتائج المصارف الستة المدرجة، يمكن اعتبار نتائج المصارف الثلاثة (عوده، لبنان والمهجر، بيبلوس) نموذجاً لما يتوقع حصوله على صعيد تدهور النمو للمرة الأولى منذ سنوات طويلة سواء في الموجودات أو في التسليفات أو في الودائع، ناهيك وبصورة خاصة تدهور الأرباح التي تآكلت بفعل مخصصات الخسائر الائتمانية المتوقعة.

 

الأرقام المجمّعة

وفقاً للأرقام الصادرة عن المصارف الثلاثة والتي تمثل نهاية النصف الأول من العام 2020 مقارنة مع نهاية العام 2019، فإن الأرقام المعلن عنها تنطوي على الآتي:

الموجودات: بلغ إجمالي الموجودات للمصارف الثلاثة 133550.7 مليار ليرة في نهاية يونيو في مقابل 142833.9 مليار في نهاية العام 2019، أي بتراجع نسبته 6.5 في المئة.

ويعزى هذا التراجع في بنود الودائع والتسليفات والأرباح بسبب الظروف الاقتصادية والمالية التي شلت النشاط المصرفي إيداعاً وتسليفاً.

التسليفات: بلغ إجمالي التسليفات لدى المصارف الثلاثة الأولى ما مجموعه 24683.4 مليار ليرة في مقابل 30922.0 مليار ليرة نهاية العام 2019، أي بتراجع ملحوظ نسبته 20.2 في المئة. والواضح أن هذا التراجع ناتج من ظاهرة استبدال الودائع بتملك شقق أو أراضٍ، أما بدافع القلق على مصير الودائع بسبب الـ Haircut أو سواه، وأما رغبة في تسديد ديون مستحقة ومتراكمة على المطورين العقاريين والمقاولين تخلصاً كلياً أو جزئياً من أعباء الفائدة اللاحقة بديونهم. ونتيجة لهذه الظاهرة، فقد تراجعت التسليفات لدى المصارف بسبب انخفاض التسليفات الممنوحة للقطاع العقاري.

الودائع: تراجعت الودائع لدى المصارف الثلاثة الأول إلى 99569.5 مليار ليرة في نهاية يونيو 2020، مقابل 109626.9 مليار ليرة في نهاية العام 2019، اي بتراجع نسبته 9.2 في المئة.

ومن الطبيعي حصول خذا التراجع في ظل حركة ودائع باتجاه واحد (One Way) أي سحوبات من دون إيداعات لأن الوفورات إذا توافرت لدى الأفراد أو الشركات يتجنب أصحابها إيداعها لدى المصارف حتى لا يكون استخدامها خاضعاً للشروط ولقيود السحب.

أما عمليات استبدال الودائع بعقارات، فلم يكن لها عملياً، تأثير على إجمالي الودائع، بل ربما على تماوجها بين مصرف وآخر في بعض الحالات.

حقوق المساهمين: بلغ إجمالي حقوق المساهمين للمصارف الثلاثة (عوده، لبنان والمهجر، بيبلوس) 11922.5 مليار ليرة في مقابل 11745.0 ملياراً في نهاية العام 2019، أي بزيادة نسبتها 1.5 في المئة.

ويعتقد أن هذه الزيادة ناتجة من إقدام المصارف الثلاثة على زيادة رساميلها بنسبة 10 أو 20 في المئة تطبيقاً للتعميم الصادر عن مصرف لبنان في وقت سابق. وبالطبع بقيت حقوق المساهمين، وحتى إشعار آخر، بمنأى عن تأثيرات عوامل أخرى سترد الإشارة إليها.

 

طارت الأرباح

أما على صعيد أداء المصارف الثلاثة فينبغي التوقف عند بند الأرباح الصافية التي طارت تحت وطأة مخصصات الخسائر الائتمانية.

فقد انفرد بنك لبنان والمهجر بتسجيل أرباح في نهاية النصف الأول من العام بلغت 58.5 مليار ليرة إلا أنها تراجعت بنسبة 84 في المئة عما كانت عليه في نهاية الفترة المماثلة من العام 2019. أما الأرباح فغابت كلياً عن ميزانيتي مصرفي "عوده" و"بيبلوس".

وعليه فقد بلغ إجمالي الأرباح لدى المصارف الثلاثة 58.5 مليار ليرة في مقابل 827.0 مليار ليرة في نهاية النصف الأول من العام 2019، أي بتراجع نسبته 93 في المئة.

ويبدو واضحاً أن انعدام الأرباح جاء نتيجة احتساب مؤونات للخسائر الائتمانية التي بلغت لدى المصارف الثلاثة في نهاية النصف الأول من العام نحو 1420 مليار ليرة أي ما يعادل 942 مليون دولار (على أساس 1507.5 ليرات للدولار).

 

أي رساميل

من الواضح، أن المصارف الثلاثة قد اكتفت باحتساب مخصصات لتغطية الخسائر الائتمانية المتوقعة، الأمر الذي انعكس فقط على الأرباح الصافية.

ولكن ما هو انعكاس هذه الخسائر على رساميل المصارف وتالياً على حقوق المساهمين لديها؟ هذا الأمر يبقى معلقاً في انتظار معرفة كيفية تعامل كل من وزارة المالية ومصرف لبنان مع الديون المترتبة للمصارف جراء اكتتاباتها في سندات اليوروبوندز وسندات الخزينة، وتوظيفات المصارف لدى مصرف لبنان وبكلام آخر، فإن رساميل المصارف تبقى نظرياً على ما هي عليه في انتظار إقرار الخطة الإنقاذية الموعود بها منذ تأليف حكومة حسان دياب، والتي تم التعثر في إقرارها، والمباشرة تالياً مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، نتيجة الاختلاف الكبير الذي برز بين أرقام الحكومة وأرقام اللجنة البرلمانية.

والواقع أن الأموال الخاصة للمصارف لا تتوقف فقط على ما سيؤول إليه تعامل الدولة والمركزي مع ديون المصارف، بل أن ما يتوقف على ذلك أيضاً مدى استعداد المصارف لزيادة رساميلها المتوجبة بموجب التعميم 154 الذي أعطى مهلة لتحقيق هذه الزيادة حتى نهاية فبراير المقبل.

من هنا، فإن ولادة هذه الخطة، هي التي تحدد الخيط الأبيض من الخيط الأسود بالنسبة إلى مصير القطاع المصرفي ككل إذ من المرجح أنه إذا ما تم إقرار هذه الخطة فإن بعض المصارف ستستنكف عن إجراء أي زيادة، وحتى ولو أدى ذلك إلى انسحابها من السوق وتسليم مفاتيحها إلى مصرف لبنان.

فالسؤال هو: متى تولد هذه الخطة كخريطة طريق للخروج من الأزمة؟ وهل يمكن أن يتم ذلك دون الاستعانة بصندوق النقد الدولي وبالدعم المرتقب إذا تم تنفيذ الإصلاحات؟ وكيف يمكن أن تولد هذه الخطة في ظل الوضع الحكومي القائم، مع حكومة تصريف أعمال، مع ضبابية في تشكيل حكومة جديدة؟

 

أعباء المستخدمين

وبالعودة إلى ميزانيات المصارف الثلاثة الأول الموقوفة في نهاية النصف الأول من العام 2020، فإن ما يستوقف أيضاً فيها الآتي:

1-   تراجع إجمالي أعباء المستخدمين بنسبة 11.2 في المئة أي إلى 475 مليار ليرة في نهاية يونيو 2020 بدلاً من 534.8 مليار في نهاية الفترة المماثلة من العام الماضي. ويعكس ذلك ربما جزئياً عمليات الصرف الطوعي التي نفذتها إدارات المصارف مع الموظفين الذين اقتربوا من السن القانونية.

واستطراداً، تراجعت الأعباء التشغيلية لدى هذه المصارف الثلاثة بنسبة 6.8 في المئة.

وفي الخلاصة: إن نتائج المصارف الثلاثة الأول ترسم ملامح واضحة لما سيكون عليه القطاع المصرفي ككل في نهاية العام 2020، فكيف ستكون الصورة؟