صرف طوعي وبشروط عادلة لموظفين في القطاع المصرفي

24.09.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

تعدّدت الإشاعات في الآونة الأخيرة عن عمليات صرف موظفين في القطاع المصرفي، كما تناقلت المواقع الإخبارية أرقاماً عن عمليات صرف تبدو وكأنها عمليات صرف جماعي.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تردّدت معلومات عن مخطط لصرف 2000 موظف من أحد البنوك، أو صرف 800 موظف في بنك آخر، إضافة إلى العديد من الأرقام التي أعطيت لهذا البنك أو ذاك.

لذا، بات من الضروري توضيح حقيقة ما يجري في هذا القطاع الذي أنهكته الإشاعات ولا تزال، وحرصاً على ما تبقى من ثقة فيه، تمّ استطلاع عدد غير قليل من إدارات المصارف التي أكدت جميعها أن عمليات الصرف التي تتمّ إنما تعتمد المعايير الآتية:

أولاً: إن عمليات الصرف تتمّ طوعياً ومن دون أي التزام، ووفقاً لرغبة الموظف، وهي عمليات تستهدف الذين اقتربوا من سن التقاعد ولم يبق لديهم سوى سنوات قليلة بحسب قانون العمل وهي تتراوح ما بين سنة واحدة إلى 5 سنوات.

ثانياً: إن الموظفين الذين تمّ صرفهم حصلوا ويحصلون على تعويض إضافي يساوي مجموع الرواتب التي كان يمكن أن يتقاضوها فيما لو استمروا في العمل حتى بلوغ السن. وهذه التعويضات الإضافية تضاف بالطبع إلى التعويضات المستحقة لهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

ثالثاً: إن التعويضات الإضافية تدفع للمصروفين على أساس سعر 3900 ليرة للدولار، أي إن قيمة التعويض المعطى يتمّ تحويلها إلى دولارات بسعر 1500 ليرة ثم تعطى للموظفين بسعر 3900 ليرة للدولار مما يعني أن التعويضات الإضافية (تقريباً في حدود رواتب سنتين) المدفوعة توازي عملياً نحو 3 أضعاف التعويض الأساسي.

رابعاً: يحتفظ الموظف المصروف بحقه في الاستفادة من تقديمات فرع المرض والأمومة (الضمان الصحي) إذا تجاوز الـ 64 وذلك بموجب اتفاق منصوص عنه ضمن العقد الجماعي الموقع بين جمعية المصارف واتحاد الموظفين كما يحتفظ المصروف بحقه في التأمين الخاص الذي كان متوفراً لدى البنك المعني.

 ماذا بعد؟

والسؤال المطروح في أوساط القطاع المصرفي هو: هل تكتفي المؤسسات المصرفية بهذا القدر من عمليات الصرف؟ وإلى أي مدى يمكن أن تصل إليه أعداد المصروفين في الظروف الراهنة المعروفة وتقلص العمليات المصرفية كلها إيداعاً وتسليفاً واستثماراً وتوسعاً.

التقديرات المتداولة لدى المعنيين في القطاع تشير إلى أن مجمل عدد المصروفين لتاريخه هو في حدود 600 إلى 700 موظف، وهو رقم لا تتجاوز نسبته الـ 3 في المئة من إجمالي عدد العاملين في القطاع المصرفي.

غير أنه من المتوقع أن تزداد وتيرة صرف الموظفين في حال استمرار إدارات المصارف في تقليص تواجدها الخارجي كما هو حاصل في العراق، فضلاً عن محاولات التقليص القائمة في أسواق الأردن ومصر. وبالتأكيد قد يؤدي ذلك إلى تغيير في الهيكل الوظيفي لهذه البنوك في حال بيعها، ولاسيّما ما يتعلق بالموظفين اللبنانيين.

 أمام احتمالين

لا شك في أن حجم عمليات الصرف الحاصلة حتى الآن تبدو مقبولة ولاسيّما وإنها تتم ضمن الشروط المشار إليها.

إلا أن عمليات الصرف على نطاق أوسع فإنها رهن باحتمالين اثنين هما مضمون التعميم 154 الصادر عن مصرف لبنان والذي يعطي مهلة للمصارف لزيادة رساميلها تنتهي في نهاية شباط 2021. عند ذلك ستكون النتائج التزام بعض المصارف بالزيادة وعدم قدرة البعض الآخر على الزيادة المطلوبة. وتشير المعلومات المصرفية المتداولة إلى الآتي: إن إقدام المصارف على زيادة رساميلها أو عدمه متوقف عما تؤول إليه الأوضاع السياسية وما سينتج عنها من خطة اقتصادية إنقاذية، تضع حداً للجدل القائم حول كيفية توزيع أعباء الخسائر اللاحقة بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف. كما أن القرار المصرفي رهن بمدى تمكن الحكومة العتيدة من اكتساب ثقة الداخل والخارج، وتوفير مناخ استثماري واقتصادي أفضل يبدل بعضاً من التوقعات السلبية، وكذلك إعطاء إشارات إيجابية على إمكانات تحقيق اتفاق بين الحكومة وبين صندوق النقد الدولي.

فإذا تحقق هذا المناخ فذلك يشجع المصارف على زيادة رساميلها والشروع في عملية إعادة الهيكلة المطلوبة.

أما إذا لم يتحقق شيء من ذلك واستمر مسار الانهيار إلى ما هو أسوأ، فإن المصارف بالتأكيد سوف تمتنع عن الزيادة التي لا طائل منها وتصبح أمام خيار تسليم مفاتيحها إلى مصرف لبنان.

وبالعودة إلى عمليات الصرف، من الملاحظ أنها تتمّ من دون أية مواقف اعتراضية من نقابة موظفي المصارف ولا من الاتحاد والواضح أن ذلك ناتج من الأسلوب الذي تتم فيه عمليات الصرف سواء لجهة عدم التزاميته أم لجهة شروطه. ويبدو أن اتحاد نقابات موظفي المصارف ينتظر بدوره حصيلة التعميم 154، لمعرفة ما هي المصارف المرشحة للاستمرار وتلك التي تصبح أمام خياري البيع أو الاندماج.